تستعد اليمن غداً الثلاثاء لطي صفحة النظام السابق بانتخاب عبدربه هادي لمنصب الرئيس في استحقاق انتخابي غير مسبوق جاء بفعل الثورة السلمية ضمن اتفاقية نقل السلطة، حيث شهدت محافظات ومديريات اليمن مهرجانات انتخابية لدعم مرشح التوافق الوطني، لكن تخللها خروقات من فريق التوريث في حزب المؤتمر بهدف تنفير الناخبين، في إشارة إلى حالة هستيرية يعيشونها من رحيل صالح ووصول هادي. ومهما يكن فعميلة نقل السلطة تجري بخطى متسارعة ووفقا للآلية المزمنة للمبادرة الخليجية التي تحظى برعاية ودعم دولي غير مسبوق، وهذا ما يزيد من قلق منظومة الفساد والمصالح التي استفادت وأثرت طيلة ثلاثة عقود من حكم صالح، وهو ما تشير إليه محاولات مهرجانات هادي برفع صور صالح وشعار حزب المؤتمر رغم الاتفاق على منع رفع الشعارات الحزبية، كما أن ظهور شخصيات غير مرغوبة في منصات المهرجانات تسببت في حالة استياء جماهيري، وقوبلت برد شعبي صارم. كانت بداية برنامج خلط الأوراق في جنوب العاصمة صنعاء التي انتشرت في عدد من شوارعها صور مبكرة لصالح الى جوار المرشح التوافقي عبدربه هادي، وهذا ما اعتبرته مصادر مناوئة خرقاً واضحاً من قبل حزب المؤتمر، بتعليل نشر هذا الصور والشعارات بأنها مبادرة من قبل بنك التسليف الزراعي (كاك بنك) والمؤسسة الاقتصادية اليمنية، وتم إزالتها واستبدالها بصور ضخمة للمرشح هادي، كون رفع صوره الى جانب صالح خارجة عن البرنامج الإعلامي التوافقي بين المؤتمر الشعبي وأحزاب المشترك لتأييد هادي كحالة وفاق سياسي غير مسبوق في انتخابات رئاسية استثنائية بين طرفي المعادلة التقليدية للسياسة اليمنية. وفي استفزاز آخر للمناوئين لصالح من أعضاء المشترك وشباب الثورة المشاركين في مهرجان هادي، بداية من محافظة تعز التي تحول مهرجان عبدربه هادي مطلع الأسبوع في ملعب الشهداء الى عراك بالأيدي بين أعضاء في المؤتمر الشعبي رفعوا شعار المؤتمر (الخيل) وصور للرئيس المنتهية ولايته وعشرات من أعضاء أحزاب المشترك وشباب الثورة في تعز، الذين زاد من استفزازهم حضور قائد الحرس الجمهوري بالمحافظة العميد مراد العوبلي والمحافظ حمود الصوفي اللذين قوبلا بهتافات جماهيرية تطالب بمحاكمتهما، وانتهت بانسحابهما مبكراً مع رمي بعضهم الأحذية باتجاههما، وكانت إحدى ثائرات تعز رمت حذائها صوب المحافظ قبل وصوله إلى منصة مهرجان دعم عبدربه هادي في مديرية التعزية شمال تعز ما أدى إلى انسحاب المحافظ الصوفي من المهرجان. الى ذلك تشهد مدينة تعز ومديرياتها تحركات لقيادات مؤتمرية عسكرية ومدنية وسط استياء شعبي من تعمد المؤتمر الشعبي الدفع بقيادته المزعجة، من بينها زيارة الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر سلطان البركاني لمديرية المعافر صباح الأحد برفقة ثلاثين طقماً عسكرياً من قوات الحرس في مشهد استعراضي قوبل بسخط جماهير من قبل أبناء المعافر الذين يعتزون بتأييدهم الكلي للثورة السلمية، جسدوه بخروج ثوري في أول مسيرة راجلة في تأريخ اليمن من مركز المديرية إلى ساحة الحرية بمدينة تعز. وفي سياق متصل، طالبت الجماهير المشاركة في مهرجان مرشح الوفاق نهار الاحد الفائت في ذمار بإخراج وزير الأوقاف حمود عباد من المهرجان وإقالته من حكومة الوفاق على خلفية اتهامه من قبل شباب الثورة بالضلوع في أعمال قمع المتظاهرين السلميين في محافظة الحديدة، كما طرد شباب الثورة بمدينة ذمار نائب وزير الإعلام عبده الجندي قبل وصوله الى استاد ذمار الدولي للمشاركة في مهرجان تأييد أبناء ذمار للمرشح عبد ربه هادي. ومع هذا، نجحت الحملة الانتخابية للمرشح التوافقي في حشد الجماهيرية اليمنية حول شخص هادي الذي يحظى بدعم وتأييد منقطع النظير من قبل القوى السياسية الفاعلة في البلد، ومختلف قوى المجتمع، الذين يعتبرون انتخابه بداية تحول ستشهده اليمن بعد تنصيبه رسميا رئيساً للجمهورية لفترة انتقالية ثانية لعامين، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والتي سيجرى جلالها إعادة دمج الجيش وهيكلته وهيكلة المؤسسة الأمنية على أسس وطنية، كما سيعكف فقهاء القانون على صياغة دستور جديدا للبلد، كما سيعقد مؤتمر شامل للحوار الوطني على طريق بناء الدولة المدنية اليمنية الحديثة التي ينشدها اليمنيون بمختلف توجهاتهم ومشاربهم.