يوم الثلاثاء موعد الاقتلاع الرئاسي، فهل أكتب قبل موعد رحيل علي صالح بيوم واحد، أم انتظر واكتب بعد رحيله بأسبوع، وبعد أن تكون نتائج الانتخابات قد أعلنت، وأصبح لعبدربه ربطة عنق أنيقة، وحنجرة رئاسية تقول بصوت صارم: وجهنا بأن....!!. عملياً لدي الأمر سيان: كتبتُ قبل أو بعد الرحيل لا فرق، لأن صالح تحول فعلياً ببدلته الأنيقة، وفعله السيئ، إلى مادة في كتاب التاريخ السياسي اليمني، ولم يعد له أي وجود على الواقع، باستثناء رموز فساد من العائلة والأنصار، فالرجل أُحرقت شعبيته بعد تزوير انتخابات 2006 الرئاسية، وضعُفت قدرته حين عجز عن مواجهة أي ناهب لأراضي الجنوب، وإصلاح أي أمر وفقاً لتقرير هلال/ باصرة 2008، وأكلت حروب صعدة الستة هيبة نظامه، وسحبت ثورة الشعب فبراير 2011 بقايا شرعيته، وهتكت مبادرة الخليج ما تبقى من صلاحياته، وطوى قانون الحصانة صفحته، وأسقطت ثورة المؤسسات أعمدة فساده وحكمه، ولم يبقَ من هيبة علي عبدالله صالح غير صورة فوتوغرافية يُصافح فيها الشيخ محمد أحمد منصور في الجعاشن. يوم الثلاثاء توجه الشعب نحو صناديق الاقتلاع، سيقتلع صالح، ويقترع لصالح عبدربه رئيساً من أجل اليمن، غداً سيتجه أكثر من 8 ملايين ناخب؛ يحملون أكثر من 8 ملايين إرادة صلبة، يقتلعون فيها جذور نظام هتك حرمة البلاد والعباد طيلة 34 سنة.
الثلاثاء تحولت صور الزعيم الرمز وابن اليمن البار إلى مماسح لتنظيف ما علق بوجه البلاد من أدران حكمه وأوزار فعله، وهذا ما جعل صالح يوجه بسرعة إزالة صوره من كل مكان.
الثلاثاء ستُحشر مقولات "القيادة السياسية الحكيمة" وتكون وقوداً نحرق بها كتب التطبيل، وقصائد المديح التي ظل صالح يجمعها وينفق عليها من المال العام، طوال عمره الرئاسي.
الثلاثاء لن يجد "فارس العرب" مكاناً يأويه بعد أن رفضت أمريكا وألمانيا وأسبانيا، واعتذرت الإمارات والسعودية، وتلكأت – حتى الآن – سلطنة عُمان.
الثلاثاء يكون لنا رئيس جديد جاءت به صناديق الاقتراع، رئيس أرسل طلبه للترشح إلى البرلمان ولجنة الانتخابات، ولم يرسل مسدسه "أبو عجلة" إلى بيت القاضي العرشي رئيس مجلس الشعب ليفرضه على المجلس كخيار أوحد.
الثلاثاء يكون لنا أول رئيس يحظى بتأييد شعبي واسع من السلطة والمعارضة، وبقبول كامل المجتمع الدولي، وليس رئيس يشتري التأييد والرضا بملايين يوزعها عبر العماد والشاطر والعواضي، كي يصبح رئيساً ترضى عنه مراكز القوى الداخلية، وتسانده قوى خارجية "تعرفه جيداً".
الثلاثاء سيعجز رئيسنا الجديد عن توزيع أقاربه وأصهاره على مؤسسات الجيش والأمن والنفط، لأن الشعب لم يعد بغفلة من التاريخ، فقد أصبح أكثر وعياً ويقظة وقدرة على التغيير. الثلاثاء لن يجد رئيسنا شعباً يهتف له: بالروح بالدم نفديك يا عبدربه، لأن عصر الصنمية ولى وانتهى. الثلاثاء لن يقول الرئيس عن الكرسي: "حقي وحق أولادي" كما قال صالح مخاطباً أحمد إسماعيل أبو حورية.
الثلاثاء سيكون لنا أول رئيس لا يعتبر عائلته وحاشيته من "الثوابت الوطنية"، وأول رئيس يتعامل مع الكرسي كوظيفة عامة، وليس "تمليك"، وأول رئيس لا يعتبر الوطن مزرعة خاصة، وأول رئيس لا يتاجر بقضايا الأمن والإرهاب، وأول رئيس لا يحتكر الثروة والسلطة في قبضته، وأول رئيس يتحدث عن البناء والتنمية والاستثمار، وإصلاح مناهج التعليم، ونصوص التشريعات المختلة والتعسفية، وليس رئيس يقضي نصف عمره في البحث عن "أصحاب النفوس المريضة، والنظارات السوداء"، فيما يترك الفساد والإرهاب يرتع في البلاد.
الثلاثاء سنتجه جميعاً لإنقاذ اليمن بأصواتنا ومشاركتنا الفاعلة، لأن هناك أطرافاً تريد لعبدربه أن يفوز بأقل نسبة من الأصوات حتى يبدو بلا ضعيفاً بلا شعبية.