تشكل أحزاب اللقاء المشترك نموذجا لما قد نسميه (تعايش سلمي بين مكونات مختلفة الرؤى والأفكار على أساس ثوابت وطنية تقدم المصلحة العليا على مصالحها الشخصية) ونحن اليوم نعيش أخطر مرحلة في التاريخ اليمني الحديث كما وصفها حيكم اليمن الدكتور ياسين سعيد نعمان ب«الفرصة الأخيرة» لإعادة ترميم النسيج اليمني والانتقال باليمن إلى دولة مدنية ديمقراطية يسودها العدل والنظام فأننا نستشعر المهمة الصعبة التي أوكلت على عاتق أبنائها الصادقين والمخلصين وفي مقدمتهم تكتل أحزاب اللقاء المشترك في الخروج باليمن إلى بر الأمان عبر الحوار الوطني المرتقب الذي أن تكلل بالنجاح سيكون قد نقل اليمن إلى مرحلة متقدمة لمواجهة التحديات التي تحدق باليمن أبرزها الاقتصاد والإرهاب. وعلى الرغم من أن المخلوع علي صالح أستخدم كل إمكانيات الدولة الإعلامية لتصوير اللقاء المشترك بأنهم عبارة عن قطاع طرق ومتآمرين على الوطن إلا أن اللقاء المشترك كان يمشي بخطوات واثقة ومسؤولة نحو إنقاذ اليمن من تصرفات صالح الرعناء التي أنتجت الأزمات وقادت اليمن إلى اختلالات كبيرة كان معها اليمن قاب قوسين أو أدنى من التشظي والانهيار ومعها كان اللقاء المشترك يتحمل مسؤولية كبيرة وهو يقود التحول الكبير في اليمن بتحميل كل القوى السياسية والقبيلة والمدنية مسؤولية انتزاع السلطة من أيادي العابثين بالبلاد بطريقة سلمية تضمن أمن واستقرار اليمن وقد لبى ذلك النداء الوطني الصادق كثيرا من مكونات المجتمع اليمني أحزاب ومنظمات ومثقفين وعلماء وشيوخ الذين شاركوا في مؤتمر لجنة الحوار الوطني عام 2009 ولعل الكثير يذكر المشهد التاريخي لرئيس الوزراء الحالي محمد سالم باسندوة آنذاك عندما ألقى كلمة في مؤتمر الحوار الوطني ثم أجهش بالبكاء مستشعرا خطورة المرحلة وما آل إلية أوضاع البلاد. مع اشتداد الخلاف بين تكتل أحزاب اللقاء المشترك وحزب الرئيس المخلوع المؤتمر الحاكم على الآلية التي ستجرى فيها الانتخابات النيابية أصر المشترك على أجراء انتخابات حرة ونزيهة رافضا أن يكون شريكا لإعادة أنتاج سلطة غير شرعية بينما أغتر الرئيس بما يسميه لعبة الغالبية المريحة في البرلمان التي يحصدها ترغيبا وترهيبا حتى وأن أجرى الانتخابات منفردا بمشاركة بعض الأحزاب المنفوخة كالبوالين, وصلت البلاد إلى مفترق طرق أستخدم فيها المخلوع صالح كل وسائل الضغوط النفسية على تكتل أحزاب اللقاء المشترك للمشاركة في الانتخابات وهو ما جعل المشترك يدعوا جماهير أبناء شعبنا اليمني إلى هبة شعبية لإنقاذ اليمن من رعونة صالح وشلة الأنس الذين من حوله الذين يتجاهلون الأخطار المحيطة بالوطن. مع انطلاق ثورة 3 فبراير التي استمدت روحها من الثورة التونسية والمصرية حاول النظام تصويرها بأنها ثورة أحزاب وسعى جاهدا لأحداث فتنة بين الشباب الثائرين والأحزاب المشاركة والداعمة لثورتهم ولعل انضمام اللقاء المشترك إلى الثورة بوضوح ودعمها بكل الإمكانيات الإعلامية والمادية والمعنوية شكل دفعة قوية للثورة وجعل منة الجناح السياسي المخضرم الذي عجز صالح عن جرهم إلى حرب أهلية أو مواجهه عسكرية ونجاح المبادرة الخليجية التي تحمل مسؤولية الموافقة عليها اللقاء المشترك كجناح سياسي للثورة رغم الضغوط الثورية الرافضة للمبادرة يعد أبرز نجاح تاريخي في حياة المشترك حيث جنب البلاد حرب كانت وشيكة الانفجار معها كانت اليمن ستدفع فاتورة كبيرة الثمن لا تقل عن الفاتورة التي دفعتها الثورة الليبية أو أكثر فداحة منها. اليوم وبعد تحقيق الهدف لأول للثورة برحيل المخلوع علي صالح مازالت الأخطار تحيط بالبلاد وعلى المشترك أن يكمل مسؤوليته التاريخية في الحفاظ على الترابط الوطني بين مكوناته ومد يده بصدق وإخلاص للمكونات الأخرى التي ستشارك في الحوار الوطني المرتقب والعمل على أعادة النسيج اليمني من خلال نشر ثقافة التعايش والتسامح والتنازل عن المصالح الشخصية من أجل المصلحة العامة للبلاد فضمان وجود عملية ديمقراطية حقيقية هي من ستعطي كل مكون حجمه الطبيعي والقبول بهادي رئيسا لفترة انتقالية ليس إلا تدشين لاصطفاف وطني واسع النطاق لدعم مرشح جديد في الانتخابات الرئاسية والحصول على غالبية مقاعد مجلس النواب في الانتخابات المقبلة وهذه هي المعركة الحقيقية التي يجب أن نوحد الصفوف لأجلها لاستعادة اليمن من حكم الأسرة ودخوله في نطاق حكم الدولة المدنية الحديثة.