إنهم ينهالون عليها من كل صوبٍ وحدب ليس لزيارتها والتبارك بزينتها والنظر إلى حلتها الجميلة التي اكتستها وثوبها الجميل البنفسجي الذي لبسته لتخرج من حزن الماضي بعد وقتٍ عصيب عاشته ليس ببعيد، لكن القدر شاء ان يمتحنها لمرةٍ أخرى بعد مرات فابتلاها بمن أراد أن يمزق وحدتها ويفرض عليها ما لا تريده وتشتهيه فأنتفض أهلها كعادتهم اسود في منامهم وصحوتهم ليدافعوا على عرضهم وأرضهم ولم يبخلوا كعادتهم في تقديم أعز رجالهم فداءً لمدينتهم العزة وكان من بين من استشهد المناضل الاستاذ محمد جعبل شيخ رحمه الله والهم ذويه الصبر والسلوان كان مثال الرجل الذي يحتذى به، ودوداً في تعامله مع الاخرين كثير العطاء لايعرف الكسل ولم يجد الملل يوماً طريقه للوصول اليه كان مدرساً وينبوعاً للعلم تتلمذ على يديه الكثيرين الذين يكنون له كل تقدير واحترامٍ وإجلال، لم ينأى بنفسه عن حب مدينته التي أفنى كل حياته في خدمتها ولم يرضى بالبقاء في بيته فخرج للذود على مدينته كعادته لتصطاده رصاصات الغدر، رحمه الله واخوته ورفاقه واسكنهم فسيح جناته الذين استشهدوا وهم يدافعون عن لودر الشماء مدينة العظماء مثل عبدالنبي مدرم وعمر علي احمد وهم من أوائل شهداء الثورة وكثيرين مازالوا رجال الدولة الذين افنوا حياتهم في خدمة وطنهم وشعبهم كالأستاذ محمد علي احمد واحمد الهيال وعمر الدباني وناصر عوض موسى وغيرهم ممن أنجبت لودر مدينة الشرفاء العصية على الموت والاستسلام. نعم انها تبكي اليوم، لودر، من الألم بمصابها الجلل ولكن ستتخطاه وستضمد جراحها وستخرج قوية كما عهدناها، مدينة العزة والكرامة، لن تركع لودر ولو بقي فيها رضيع لقد تكسرت على مشارفها اقدام الغزاة على مدى التاريخ فعافوها لقساوة اهلها وشراسة من يقطنها، انهم أناسٌ اشداء على الغزاة رحماء بينهم تجدهم في الضراء والسراء على نفس رجلٍ واحد يستحال كسرهم لقوة عزيمتهم وصلابة عودهم إذا ماحليت بينهم ضيفاً رأيت فيهم روح الضيافة ونفس الكرم وإذا ما عايشتهم رأيت فيهم العفة والصدق والامانة. لن تستسلم لودر ولن تركع ولن يشفع لمن أراد بها ضراً احد لأنه اختار طريق الخطى وفي المكان الخطى، أيعقل ان تفتح لهم المدينة ابوابها ويأخذهم اهلها بالاحضان ويدفع إليهم بالجزية والاحسان وتنحر لهم على الطرقات القربان، لا والف لا فسيلاقون هناك المر والعلقم وشوك القمقم فهم أتوا أهلها غزاة وليس ضيوفاً، فلا مرحباً بهم ولا اهلا ولا سهلا ستكون لودر مقبرةٌ لهم كما كانت للذين أرادوا به ضراً من ذي قبل. وأخيراً نقول للدخلاء الغزاة، بأي حقٍ تحاربون أناساً على مايملكون؟، أعلموا إن حقكم الذين تدّعون ينتهي عندما يبدأ حق الاخرين فلاتفرضون عليهم ما تظنوه صحيحاً بالسيف والسوط، فأعلموا أن الله قد أشار لرسوله وقال «وجادلهم بالتي هي أحسن»، فهل أردتم بالحق باطلاً ام هل اردتم ان تنشروا الرعب والخوف في الارض وتستكبروا استكبارا، اعلموا أن الله زين الانسان بالعقل على جميع خلقه فكروا فيما تعملون انكم تقتلون النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ونحن لا نرى لكم حقاً عليها فكفوا أيديكم عن لودر يكفيكم الله بأس اهلها ويكفيهم شركم.