في يوم لا ينسى من ايام الثورة اليمنية وبالتحديد في 21 مارس 2011م وهو اليوم الذي توالت فيه الاستقالات وإعلانات الانضمام الى الثورة من قبل العديد من المدنيين والعسكريين بعد اعلان اللواء علي محسن انضمامه الى الثورة وبينما كان الجميع يتوقع سقوط صالح في ذلك اليوم وصدور بيان باعلان تنحيه عن السلطة وتسليم السلطة الى الجيش على غرار ما قام به الرئيس المصري في تلك الأثناء تفاجئ معظم أبناء الشعب اليمني بظهور اللواء الركن محمد ناصر احمد وزير الدفاع على شاشة قناة اليمن الفضائية وتلاوته لبيان أعلن فيه عن تأييد القوات المسلحة لصالح باعتباره رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة وانها لن تسمح بأي محاوله للانقلاب على الشرعية الدستورية الخ... وعلى الرغم من ان هذا البيان كان مخيب لآمال معظم المواطنين في حينها وأشعرهم بالاحباط وبعدم انتماء المؤسسة العسكرية الى الشعب الا ان رموز النظام والمحسوبين عليه هللوا وكبروا لهذا البيان وأعلنوا عن تقديرهم وإجلالهم لموقف الوزير الذي اثبت تجرده من الانتماء والولاء لغير الشرعية الدستورية، ومع ان الخلاف في حينها كان بين الشعب مالك الشرعية والسلطة ومصدرها وبين شخص الرئيس الذي اعلن الشعب الثورة عليه وطالب باسقاطه وهو ما يستدعي وقوف القوات المسلحة الى جانب الشعب وتأييدها لخياراته إلا ان الموقف الذي اتخذه الوزير اعتبره الموالين للنظام موقف محمود ويستحق الاشادة والتقدير. المفارقة الغريبة ان الوزير نفسه اليوم وبسب اتخاذه لنفس الموقف الذي اتخذه من الثورة وتمسكه بالولاء للشرعية الدستورية ممثله برئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي ورفضه الانصياع لرغبات واملاءات الرئيس المخلوع أصبح محل لتوجيه الإهانات والانتقادات اليه بل وبلغ الامر الى درجة محاولة نزع الثقة عنه من خلال البرلمان والتهديد بإسقاط الطائرات واغلاق المطارات للمطالبة بعزله. لاشك ان هذا التغير في الموقف تجاه الوزير من قبل الرئيس المخلوع وافراد عائلته والمحسوبين عليه والناتج عن تمسكه بالولاء للشرعية الدستورية ورفضه الانتماء والتبعية للاشخاص او الاحزاب لاشك ان هذا يكشف وبجلاء عن حقيقة المعتقد والنظرة التي ينظر بها هؤلاء الى السلطة والشرعية والتي يعتقدون بموجبها ان السلطة حق مكتسب خاص بهم وان القائمين عليها يجب ان يكونوا مجرد إجراء او موظفين يقومون بتنفيذ مايملونه عليهم وان الشرعية. ليس لها اي معنى مالم تكن تعني حماية بقائهم في الحكم ولان من يحمل مثل هذه النفسية المصابة بهذا القدر من مرض حب السلطة والرغبة في الاحتفاظ بها لايمكن ان يتورع عن القيام بأي شيء مهما يكن خطورته او اثره او اضراره وذلك في سبيل التمسك بها فان بقاء مثل هؤلاء في السلطة واحتفاظهم باي قدر منها سيبقى هو الخطر الاكبر على اليمن وذلك لانهم لن بكل تأكيد سيقومون باستغلال القدر الذي بين ايديهم من السلطة من اجل تحقيق اهدافهم الشخصية وهذا بالتأكيد سيقتضي ضرورة محاربة منافسيهم أو حتى شركائهم من اجل الاستحواذ عليها بأي وسيله مما سيؤدي إلى انحراف السلطة بشكل عام عن القيام بدورها وبالتالي إفشال الدولة وعدم قدرتها على القيام بأبسط واجباتها تجاه المجتمع.