في فندق يبدوا أنه من طراز الSeven Star (سبعة نجوم) في قاعة فارهة يقف واضعاً على رأسه عقال ودشداشه فاخرة جداً لا يستطيع أحدُنا أن يجمع ثمنها ولو أمضى ثلاثة أرباع عمره في مناجم الذهب يتصبب منه العرق ما يكفي لأن يحل مشكلة تعز المائية، كما لو أنه عاد للتو من من جبهة القتال حاملاً رايات النصر، وفي اليد الأخرى كم ضخم من الفيد. يتحدث في السياسة والاقتصاد ويمكن في الرياضة والسياحة أيضاً يبدوا للمتلقي العادي أنه صاحب أختصاص يندر أن تجده بالامكان القول أنه تخصص (كوتيل). ضاحي خلفان قائد شرطة دبي، وجد نفسه بعد جريمة اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح أمام هالة من الأضواء والميكروفونات، اعتبر نفسه بعد تلك العملية أحد أكبر الفاتحين في المنطقة ودشن بعد تلك العملية عملية ضجيج لا يمكن أن تقارنها حتى بخطابات أدولف هترلر نفسه في حقبة الحرب العالمية الثانية أو الحرب التي أطلق عليها بالنازية بين أعوام 20 و21 من القرن العشرين.
مُلخص ما حدث في عملية اغتيال المبحوح في 19 يناير 2011، دخل عدد 11 من المرتزقة من جنسيات مختلفة إلى دبي بواسطة جوازات سفر مزورة تمت عملية الاغتيال في أحد فنادق دبي بصعقة كهربائية ومن ثم خُنق حتى فارق المبحوح الحياة، حزم المرتزقة أمتعتهم بكل روية وتوجهوا صوب المطار ومنه إلى حيث يريدون ولا من شاف ولا من دري. بعد ذلك جاءت الجهبذة والدهاء المخابراتي لأجهزة خلفان الأمنية، اكتشفوا حينها أن لديهم كاميرات مراقبة وراحوا يستعرضون تلك الأفلام ومن ثم توزيعها على وسائل الإعلام، لا حقاُ عُد هذا الفعل أحد أهم الانجازات الاستخباراتية لشرطة دبي وأٌعلن على الملاء ذلك الفتح المبين والنصر العظيم، فر الجُناة وبقي خلفان يحتفل بهذا الانجاز في ردهة أحد الفنادق في دبي ولم ببخل على أياً من الصحفيين بتصريح أو استفسار حول تلك القضية الغامضة التي كشفها للتو خلفان واستمر هو بدوره في الاحتفال. في أحد المرات كانت كاميرا الجزيرة في لقاء معه لم ينسى (كالعادة) أن يستعرض ذلك الانجاز التاريخي الذي غير مجرى التاريخ على حين غفلة من الزمن، وأشار وهو في ذروة النشوة أنه على استعداد أن يساعد حتى أسرائيل أيضاً إذا اقتضت الضرورة الانسانية لذلك، لم يكن خلفان بحاجة لأن يقول تلك الجملة صراحةً فقد فعلها للتو حين ترك عملاء الموساد يُنفذون تلك الجريمة وينفذوا بكل سلاسة بينما اكتفى هو وأجهزته الأمنية باستعراض أشرطة التسجيل لحركة الجناة والمجني عليه في ممرات ومصعد الفندق والاحتفال أيضاً. هكذا تمت الجريمة وانتهت، وهكذا بدء ضاحي خلفان مشواره مع النجومية والمجد ولمعان الكاميرات في وجهه ذا التجاعيد والنظارة الثخينة المدوّرة. لا يمكن الحديث عن إنجازات الأجهزة الأمنية الإماراتية دون التعريج على الانجازات الأخرى التي تستدعي أيضاً من ضاحي خلفان الاحتفال والظهور بمظهر الفاتح بعد كل إنجاز، فمؤخراً ألقت تلك الأجهزة الأمنية القبض على عدد من القيادات الاسلامية من الأردن وفلسطين المقيمين في الامارات، هكذا دون سابق إنذار لأن الإخوان المسلمين بالنسبة لخلفان مصدر قلق وتهديد للأمن القومي للأمارات ودول مجلس التعاون الخليجي (كما صرح مؤخراً )، تم اعتقال الاسلاميين في الإمارات لمجرد الاشتباه ليس إلا، بينما أذرعة الموساد الذين نفذوا جريمة في العام قبل الفائت لم يدخلوا في قائمة الاشتباه حتى بعد أن أنجزوا المهمة. حتى القيادات الاسلامية في خارج الأمارات لا تخطئهم أيضاً عين الأجهزة الأمنية الاماراتية، فمؤخراً لم يُخفي خلفان رغبته في إصدار مذكرة اعتقال بحق الدكتور يوسف القرضاوي والذي لم تكن تهمته سوى أنه انتقد الإجراءات التي اتخذتها الإمارات تجاه السوريين الذين تظاهروا فيها وإعلان الإمارات - حينئذٍ- عبر مرسوم أميري ترحيلهم، طارق السويدان أيضاً رُفعت قضية بحقه لأنه انتقد تصريحات خلفان بحق يوسف القرضاوي وقال أنها «خارج نطاق الأدب الذي ينبغي التحدث به مع العلماء» وهو الذي منع من دخول الإمارات في وقت سابق بمعية الدكتور محمد الثويني ووجدي غنيم بينما تجد نانسي عجرم وهيفاء وهبي الفرصة للدخول لإقامة حفلات أعياد الميلاد والمناسبات الحمراء الأخرى كما لو أنهم يتنقلون بين غرفة النوم والصالة. وأصدرت الأجهزة الأمنية في الإمارات قرارات بسحب جنسية ستة إسلاميين بتهمة الإرهاب في ديسمبر من العام المنصرم وذلك كونهم شاركوا في التوقيع على عريضة تطالب بإصلاحات في السلطة التشريعية، وهذه تهمة بالاضافة إلى تهم أخرى لا تتوانى الإمارات في إلصاقها على كل من تسول له نفسه أن يناقش أو يننتقد ولو في حدود الأدب السياسات التي تنتهجها الإمارات لكونها تعد خطرا على أمن الدولة وسلامتها، في المقايل تجد أن تلك الأجهزة الأمنية تحمي عشرات المراقص والبارات والملاهي الليلية وآلاف من بائعات الهوى وربائب الفصيلة اللاتي تستقدمهن الإمارات يشكل مطرد للعمل في فنادق دبي والذي كان خلفان نفسه يلقي خطاباته من أعلى أو أسفل هذه المراقص وبيوت الفضيلة، إذا لا يُعد ذلك تهديداً على أمن وسلامة الإمارات بقدر ما هو تنفيس وترويح لا أكثر. وعليه لا يمكنك أن تبدي أي دهشة أو استغراب إن سمعت عن أحد المسئولين في الإمارات يُبدي إعجابه بالتجربة التونسية في زمن زين العابدين وتمنى لو يتم نقلها للإمارات يقصد بذلك تعامل النظام التونسي المخلوع مع الإسلاميين. في الحقيقة أكاد لا أصدق ذلك الصلف والعنجهية التي تمارسها الإمارات وعلى رأسها قائد شرطة دبي ضاحي خلفان على القيادات الإسلامية، في المقابل تجد أن الجزر الإماراتية التي أحتلتها إيران منذ 1971 أصبحت جزءً من الماضي لا ينبغي لهم التعاطي معها بقدر اهتمامهم بالاسلاميين الأشرار الذين يقوضون أمن وسلامة الدولة الفاضلة.