في البداية يجب أن أنوه أن هذا المقال لا يعني بأي حال الاعتراض على ما قسمه الله تعالى لنا من رزق ومعيشة.. ولكن هناك فرق بين الاستسلام والركون والقبول بالفتات وبين السعي للأفضل وطلب الحياة الكريمة وكما قال تعالى: ((قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)).. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. إذا زرت مصر وبالتحديد مدينة القاهرة فكثيرا ما ستسمع هذه الجملة "إحنا مش عايشين" على لسان كثير من اخواننا المصريين وذلك إذا ما تطرق الحديث إلى الوضع المعيشي والاقتصادي في بلدهم.. وحين تسمع هذه الجملة ستجد نفسك تلقائيا تشخص ببصرك إلى البنية التحتية القوية الموجودة في مصر – اللهم لا حسد- وإلى الشوارع والكباري والجسور والأنفاق المنتشرة في كل مكان تقريبا.. بالمناسبة الكباري في مصر ليست مثل التي لدينا "أبو كيلو" ولكن لديهم جسور وكباري عملاقة تمتد لعشرات الكيلومترات وتوفر بالفعل على السائقين الكثير من المشقة والوقت.. وستستنكر هذه الجملة حين تمر جوار الجامعات المصرية العملاقة مثل جامعة القاهرة وعين شمس والقصر العيني والتي تمتلك تاريخ عريق في التعليم الجامعي وتخرج منها جهابذة وأساتذة في العديد من المجالات.. ولن تجد لهذه الجملة محلا من الإعراب حين تشاهد المستشفيات ذات الإمكانيات الحديثة حيث لا يضطر أغلب المصريين للسفر خارج بلدهم من أجل العلاج مثلما نفعل نحن للأسف!.. وستتعجب كثيرا حين تلاحظ أن الكهرباء لا تنقطع وكذلك الماء متوافر دائما وفي نفس الوقت تأتي فواتير هذه الخدمات بأسعار بسيطة وليست فلكية مثل فواتيرنا الرهيبة! وحين ترى العديد والعديد من المتنزهات المختلفة والحدائق الجميلة والأندية ودور السينما وأماكن الترفيه والأنشطة الثقافية للأفراد وللعائلات على حد سواء فربما أنك – كيمني- ستتهم المصريين "بالبطرة" وستطالبهم بأن "يحمدوا الله"!!
كل هذه الأشياء التي تُسهل الحياة وتُجملها وتوفر الخيارات المريحة والمتنوعة للمواطنين ومع ذلك اذا سئلت المصري عن حاله في بلده يقول لك في تبرم "إحنا مش عايشين ياعم".. ويشرح لك المواطن المصري كيف أن الناس في أوروبا وأمريكا "عايشين" فعلا، بينما الناس في مصر "مش عايشة"!!!و قد جعلني هذا أتسائل وأقول في نفسي إذا كان هذا لسان حال المصري فماذا عسانا نحن اليمنيين نقول؟؟ ولماذا يقارن المصري نفسه بالأوروبي بينما نقارن نحن اليمن بالصومال؟؟!!
نعيش نحن معشر اليمنيين – للأسف- ونحن لا نعرف ولا ندرك أننا نستحق حياة أفضل وأن هناك بشرا مثلنا يعيشون أفضل منا ويتمتعون بالحد الأدنى على الأقل من المعيشة الكريمة والحياة اللائقة! ربما يتهمني البعض بالمبالغة في الوصف الذي ذكرته عن مصر.. وانا أعرف أن مصر بلد عربي نامي ولديه مشاكل وصعوبات اقتصادية وفساد مالي وإداري و.. و.. وبالطبع مصر ليست "بلجيكا" ولا حتى "ماليزيا".. وأنا أعرف أني لو تكلمت عن إحدى الدول الغنية المتقدمة سيتهمني البعض بأنني "غير منطقي" إذ أقارن اليمن بسويسرا أو كندا! فأنا أعرف للأسف أن الكثير منا يبرر انخفاض الطموح ومحدودية القدرة على الحلم وقلة العمل والسعي لتحقيق ذلك الحلم بأنها "واقعية" و"منطقية"!!.. لذلك اخترت أن أتكلم عن مصر وعن المواطن المصري الذي لديه على الأقل "الحد الأدنى" من الحقوق الضرورية لحياة أي مواطن! بينما نحن اليمنيون نفتقر إلى أبسط المقومات والحقوق وفي كل المجالات.. فإذا كنت لاتصدق عزيزي القارئ فتعال معي في جولة طويلة في "بلدنا" نبدأها من عاصمة اليمن ذاتها.. "صنعاء".. . التي حوت من كل "فن"!.. أرجو أن لا تهتم كثيرا بالشوارع ذات "الحفر" الكبيرة والتي تحول بعضها بمرور الوقت وعوامل التعرية إلى "خنادق" تجعلك تتساءل عن كمية "النيازك" التي تضرب العاصمة يوميا فتخلف كل هذه الحفر والدمار !! أما "المطبات" الكثيرة والمتنوعة المنتشرة في كل مكان فأرجو أيضا أن لا تضايقك لأنها ضرورية جدا لحياة المواطنين ولا يمكننا العيش بأمان بدونها خصوصا أنه كلما "دهست" سيارة خروف متهور ستجد في اليوم التالي مطب بحجم تل صغير في موقع "الجريمة".. ربما لن تضايقك هذه المطبات إذا كنت راجلا أما إذا كان لديك سيارة فالأفضل أن "تركنها" وتمشي على قدميك بدلا من أن تتحطم السيارة على أحد هذه المطبات أو تبتلعك أنت والسيارة إحدى الخنادق! بالنسبة للقاذورات المرمية في كل مكان والمجاري الطافحة هنا وهناك فتظاهر بأنك لا تراها ولو أضطررت بإمكانك أن تعصب "منديل" على أنفك كي لا تضايقك الرائحة "وربما من الأفضل أن تعصب عينيك أيضا على سبيل الاحتياط"!.. والآن – إذا لم تعصب عينيك - فحاول أن تمتعهما بكل المظاهر العشوائية في البناء والتي صدقني لن تجد لها مثيلا في أي مدينة في العالم يتيح لك الحظ زيارتها! لاحظ أننا نتكلم عن العاصمة التي يفترض بها ان تكون "آية" في النظافة والذوق والتخطيط والجمال على الأقل في البيوت والمباني والشوارع! لكن هناك دائما شوارع متهدمة أو شبه متهدمة ومباني لم يكتمل بناؤها ومباني بنيت بطريقة مخالفة أو عشوائية كما لابد أن تشاهد من وقت لآخر كميات من "الرمل" و"الحجارة" وبقايا "الاسمنت" مرمية على الأرض.. ! لكن لا بأس دعنا نتناسى كل هذا ونبحث عن مكان يصلح لقضاء الوقت فيه خصوصا في هذا الجو الجميل الذي حبانا به الله بدون تدخل ولا فضل من البشر.. ما رأيك في هذه الحديقة التعسة التي لا تزيد مساحتها عن مساحة غرفة النوم في بيتك لو أنك من ذوي السعة؟ هناك شجرتين وبعض "العشب" المصفر وكرسي خشب متآكل ربما جلس عليه يوما ما أحد ولاة الدولة الرسولية .. صحيح أن قوائمه مكسورة لكن يمكن على الأقل أن نستخدمه "كدعامة" للجلوس.. ! لم يعجبك هذا الخيار ؟.. لا بأس ولكن للأسف لا توجد أي خيارات أخرى لدينا لقضاء الوقت أو ممارسة أي نشاط ترفيهي!.. ما رأيك إذن أن نتوجه إلى خارج العاصمة؟ ها نحن ذا نتجاوز مدخل العاصمة ونبدأ رحلتنا "الرائعة" التي لا داعي لأن نفسد روعتها بالحديث عن رداءة وخطورة الطريق المسمى مجازا "الخط السريع".. هاهي أسماء المدن تتراءى أمامنا "معبر" .. "ذمار" .. "يريم" .. ولو غيرنا المسار شرقا "رداع" .. "البيضاء".. "عتق" .. أو انحرفنا غربا "المحويت" .. "باجل" .. الخ.. كل هذه المدن لايميزها شيء ولا "تتمايز" بشيء فيما بينها البين ! ففي كل مدينة ستجد "فنادق" و"مطاعم" و"بقالات" وطبعا "أسواق قات" و.. فقط ! بإمكانك إذا حطيت رحالك في إحدى هذه المدن أن تأكل وتشرب و"تخزن" ومن ثم "تنام" .. والزايد معك!! لا تتعب نفسك بالبحث عن أماكن تمارس فيها أي أنشطة أو هوايات أو ترفيه فهذا ترف مبالغ فيه و"بطرة" .. فمادام أنك تستطيع أن تجد فندقا أو لوكاندة تنام فيها ومطعما تأكل فيه خلاص "أيش عادك تشتي.. بطلوا زنط"؟؟! وبالطبع لا أحد ينكر أن في هذه المدن اليمنية وغيرها جمال طبيعي خلاب وآثار تاريخية جميلة ولكنها بسبب الاهمال وعدم الاهتمام وبسبب التوسع العشوائي في المباني تندثر مع مرور الوقت.. ! ومن وقت لآخر نسمع أن هناك "قلعة" تاريخية في منطقة كذا أو "بقايا سد طبيعي" في منطقة كذا لكننا لا نجد الفرصة ولا الجو الملائم للتعرف على هكذا أماكن!! إن حياة اليمني اليومية محصورة في ممارسة نشاط "نوم – أكل – شرب – تخزين – نوم" حيث تشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أن عددا من اليمنيين اكبر من اي وقت مضى - 80 في المئة على الاقل من الرجال ونحو 60 في المئة من النساء وأعداد متزايدة من الاطفال تحت سن العاشرة - يمضغون القات في فترة ما بعد الظهر في أغلب الايام.. !! وللأسف فإن محور حياة أغلب اليمنيين هو "القات" و"التخزين" لمدة ساعات بلا فائدة تذكر! ولا نستطيع - كمواطنين يمنيين- أن نمارس الأنواع العديدة من النشاطات الانسانية والاجتماعية والثقافية والترفيهية التي تمارسها كل الشعوب عدانا!! فعلى سبيل المثال.. لا يوجد لدينا في اليمن ما يعرف ب "جولة سياحية داخل المدينة"City Tour !! فمثلا في الهند يوجد في كل مدينة مكاتب سياحية عديدة توفر للمواطنين هذا النوع من السياحة.. حيث يأتي الباص ليقلك في التاسعة صباحا ويمر بك برفقة مرشد سياحي على أهم معالم المدينة الأثرية والدينية والثقافية والسياحية ثم يعيدك في السادسة مساءا.. . حين قمت بهذه الرحلة الداخلية في مدينة "بنجلور" في الهند أثار استغرابي الشديد أنني كنت السائح الوحيد الذي كان ضمن الفوج بينما البقية جميعا كانو "هنودا" من أبناء المدينة نفسها!! وتسائلت لماذا لا يقوم اليمنيون بمثل هذا النشاط؟؟!! فنحن لا تنقصنا المعالم السياحية والأثرية الرائعة والكثير منا – وانا منهم – لانعرف الكثير من الأماكن الجميلة داخل بلدنا نفسه.. لكن كيف سنفكر بمثل هذا النشاط الرائع ونحن مشغولون بممارسة نشاط "البحشمة"؟؟!! في معظم دول العالم إذا كان لديك "وقت فراغ" وفكرت في أي نشاط ترغب في ممارسته فبإمكانك بسهولة أن تفعل هذا عبر عشرات الأماكن والمراكز والأندية التي توفر لك ما تريد وبأسعار معقولة.. مهما كانت نوعية هذا النشاط حتى لو كنت تفكر في أن تتعلم كيف تلعب "الكوتشينة" أو كيف تعزف على "القيثارة".. سوف تجد مراكز متخصصة تقدم لك دورات مختلفة في تعلم "الكوتشينة" وفي كيفية العزف على "القيثارة"! أما إذا كنت من هواة "الطبيعة" فستجد مئات الحدائق الجميلة والمتنزهات المتنوعة المزودة بالخدمات والمرافق المطلوبة.. ولو كنت من هواة "الرياضة" فستجد الطرق المخصصة لممارسة المشي أو ركوب الدراجات.. فكر في أي شيء ترغب في فعله وستجد الخيارات أمامك .. هل تحب المغامرة وجو التخييم والسافاري؟ لا تقلق فهناك رحلات وبرامج عديدة مصصمة خصيصا لارضائك وإمتاعك في هذا الجانب .. تفضل المرح؟ بإمكانك أن تجرب عروض السيرك أومدن الألعاب والحدائق المائية والمسارح ودور السينما.. تحب المطبخ؟ هناك أيضا مراكز ودورات لتعليم فنون الطبخ!! وإذا أخذت كفايتك من الترفيه فيمكنك أن تفكر بالنشاطات الثقافية فمثلا هناك الكثير من المكتبات العامة والمفتوحة للجمهور للقراءة بداخلها، وهناك معارض الفنون المتنوعة والمنتشرة بكثرة وهناك المتاحف بمختلف أنواعها.. و إذا كنت من هواة تعلم اللغات مثل الصينية أو اليابانية أو حتى السواحيلية فهناك مدارس ليلية night schools لتعليمك ما تحب في وقت فراغك!!! أما إذا كنت تعيش في مدينة كبيرة ورئيسية فهناك مراكز لتعليمك في أي وقت منذ الصباح وحتى المساء!!! وحتى المتقاعدين في بعض الدول لديهم خيارات كثيرة جدا وعلى سبيل المثال في ايطاليا تُخصص قطع زراعية للمتقاعدين ليزرعوا فيها ما يرغبون من المحاصيل الزراعية ويستفيدوا منها ويدفعون فقط مقابل المياه التي يستهلكونها في الري !! وبالتالي حتى المتقاعد لا يصبح عديم الفائدة ووقته كله فراغ!!! في هذه الدول ستجد خيارات متنوعة بحيث كل ما يتوجب عليك فعله هو "الانتقاء" فقط .. حدد ما تريد وستجد عشرات الفرص التي تتيح لك فعل وممارسة "ماتريد"! حتى على المستوى الاجتماعي والإنساني البحت بإمكان الناس أن ينخرطوا في نشاطات عديدة ويتعلموا أشياء كثيرة تهمهم على الصعيد الشخصي البحت.. فمثلا في كثير من دول الغرب هناك دورات خاصة للنساء الحوامل يتعلمن فيها كل ما يتعلق بالحمل والولادة من مضاعفات ومتاعب ومشاكل وحلول وحتى تدريبات على طريقة الولادة الطبيعية!!! فكر في أي شيء تريد أن تتعلمه وستجد أمامك خيارات عدة! كثير من الناس هنا في اليمن تتمنى أن تُلحق أولادها بنشاطات رياضية أو ثقافية ولكن لا توجد لدينا الأماكن المناسبة لمثل هذه الأمور وإن وجدت فبشكل ضئيل جدا ولفئة محدودة وبأسعار مبالغ فيها وبأوقات لا تناسب الجميع! الناس في كل مكان تعيش حياتها وتستمتع بها وتجد على الأقل الحد الأدنى من المتطلبات الضرورية والحياة الكريمة سواء في الخدمات الأساسية أو في النشاطات والترفيه ما عدا في بلدنا الحبيب.. وأنا متأكد أن البعض سيتهمني أني "أبالغ" ولا "أفهم" وضع اليمن الخاص .. فكلما ناقشنا قضية أو طالبنا بشيء يرد عليك البعض بأنك "لا تفهم وضع اليمن الخاص"!! ولست أدري حقيقة ماهو هذا الوضع "الخاص" لليمن الذي يجعلها في الدرك الأسفل من كل شيء! وما هو مبرر هذه الروح "الانهزامية" لدى كثير من شبابنا وشاباتنا ومثقفينا للأسف الشديد ؟؟أما إذا كان القصد هو "خصوصية" المجتمع اليمني المحافظ فيمكن ببساطة مراعاة هذه الخصوصية عند توفير تلك النشاطات والخدمات الترفيهية.. . يجب أن ندرك أنه إذا كنا نريد أن نتقدم ونتطور فعلينا أن ننظر لمن هم أعلى منا وليس لمن هم أسفل.. وكما تكلمنا في البداية عن المصريين الذين يعيشون وضعا أفضل منا من الناحية المعيشية وتتوافر لهم العديد من الخيارات الترفيهية والاجتماعية ومع ذلك يعتبرون أنفسهم "مش عايشين" وذلك لأنهم لا يقارنون وضعهم بوضعنا أو بوضع "الصومال" كما يحلو لنا نحن أن نفعل.. بل هم ينظرون إلى الدول الأكثر تقدما في أوروبا وغيرها ويطمحون أن يصبحوا مثلها وأن يحظوا يوما ما بما يحظى به مواطني تلك الدول.. لذلك حين يقارنون أحوالهم بأحوال تلك البلدان يشعرون بالهوة الكبيرة وبالفارق وبأنهم – رغم كل ما لديهم بالفعل – ليسوا "عايشين"! فإذا كان المصريون يرون أنفسهم "مش عايشين" فنحن يجب أن نرى أنفسنا "مدفونين بالحياة"!! وربما يقول البعض "إحنا ندور ماء وكهرباء وأنت تتكلم عن الترفيه والنشاطات!" وهذا الكلام سببه ايضا الطموح المنخفض .. فلأن أقصى ما نطمح إليه هو أن يكون لدينا "ماء وكهرباء" فإننا لا نجد الكهرباء ولا الماء! بينما إلى آخر لحظة في مشهد الثورة المصري لم تنقطع الكهرباء عن مصر ولا عن ميدان التحرير ولو للحظات لأن سقف طموح المصريين أصلا مرتفع ولم يثوروا ليطالبوا ب "ماء وكهرباء"! وكذلك الحال في تونس التي لو سألت أي مواطن من مدينة "سيدي بوزيد" الصغيرة التي أشعلت شرارة الثورة عن الكهرباء سيقول لك أن الكهرباء والماء لا ينقطعان أبدا عندهم!!.. فمن الطبيعي حين يكون سقف الطموح عاليا أن تكون النتائج المتحصلة مقاربة لذلك العلو.. بينما حين يكون سقف الطموح أصلا منخفض فأي نوع من النتائج يمكن أن نحصل عليه؟؟! والمضحك فعلا هو أنه حين يسمعك البعض تنتقد هذا الوضع غير الصحي في بلادنا والذي لا يمكن أن تمارس فيه أي نشاط أو هواية أو تطور مهارة معينة، فإنهم ينصحونك بتعاطي القات حتى ترى اليمن جنة حقيقية وحتى يختفي أي شعور لديك بالامتعاض والاستياء والتذمر!.. فاليمن على ما يبدو هي جنة فعلا ولكنها "جنة المبحشمين"!! سيقول لك البعض بأن هذا "واجب الحكومة" أن تفعل وتوفر للناس كل ما سبق ذكره من وسائل الترفيه والإبداع والتطوير.. و لكن الحقيقة أن الناس هي التي تفرض على حكومتها توفير مثل تلك الخيارات والحكومات –عادة – تتحرك نتيجة لضغط من الجماهير وتلبية لرغبات الشريحة الأكبر من المجتمع.. فلماذا تأتي الحكومة عندنا بعمل كل ما ذكرناه والناس هنا لا هم لهم سوى "القات" و"البحشمة" والحياة عندهم تبدأ وتنتهي عند "عودي القات"؟؟!! فلمن ستوفر الحكومة أو المستثمر – في حالة وجود تسهيلات حقيقية للمستثمرين – مثل تلك المراكز والأنشطة؟! بينما معظم الناس غير مهتمين بذلك ولايفكرون أو يقبلون إلا على مجالس القات!!! أتمنى من كل قلبي أن يأتي اليوم الذي يدرك فيه اليمنيون أنهم اختاروا نمطا مؤسفا لحياتهم اليومية وأن هناك نمط حياة أجمل وأفضل وأروع يستحقونه هم وأطفالهم..