افُتتح أمس الاثنين باب التحضير للجنة ينسق لتشكيلها المرصد اليمني لحقوق الإنسان تقوم ببلورة وجمع ملاحظات ومقترحات المجتمع المدني بشأن تشكيل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان ومحتوى القانون الخاص بإنشائها وتشكيلها. وناقش عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني والناشطين والمحامين وممثلي وزارة حقوق الإنسان جملة من المقترحات والتوصيات والآراء حول إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في حلقة نظمها المرصد اليمني بالتعاون مع وزارة حقوق الإنسان في مقر المرصد، وبرعاية الوزيرة حورية مشهور. وأكّد المدير التنفيذي للمرصد عبد القادر البناء في سياق النقاشات عن استقلالية الهيئة أن على المجتمع المدني أن يكون في صورة الحدث في هذه اللحظة، وأن يكون جاهزاً في الوقت المناسب لتقديم ملاحظات جيدة في هذا الشأن. وقال البناء «لا بد من عمل جيد من قبلنا في المجتمع المدني، وخاصة ما ينبغي أن يتضمنه القانون، فالمشروع لم يدخل مجال التداول الواسع، ومطلوب منا تقديم مشروع بديل، كما يجب أن تكون هناك نصوص في الدستور ليكون أساس إنشاء الهيئة دستورياً». ونظم المرصد اليمني لحقوق الإنسان (YOHR) الاثنين الورشة الخاصة بقانون الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بالتعاون مع وزارة حقوق الإنسان ورعاية الوزيرة حورية مشهور. وناقشت الورشة التي شارك فيها عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني ورقتي عمل حول آليات إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وفق مبادئ باريس قدمها المحامي عبد الله علاو رئيس منظمة الشرق الأوسط للتنمية الذي تحدث عن معايير تكوين الهيئة واستقلاليتها، معتبراً إنشاء الهيئة ضرورة يفرضها واقع معقد يعاني من انقسامات في الهوية، وتشظيات مجتمعية، فيمَ تحدث محمد الخياطي عن جهود وزارة حقوق الإنسان في إنشاء هيئة وطنية لحقوق الإنسان، والتي تمثلت مؤخراً بإعداد مسودة قانون لإنشاء الهيئة. وانتقد المحامي عبد العزيز البغدادي تأخر المشروع عن الخروج إلى العلن وفقاً لالتزامات الحكومة بإنشاء هيئة متخصصة ومستقلة، وفقاً لمتطلبات المجلس العالمي لحقوق الإنسان، مشيراً إلى ضرورة أن تكون الهيئة بديلاً للوزارة، وقال «لا يعقل أن تكون الحكومة مسؤولة عن حماية الحقوق والحريات بينما تمارس الانتهاكات». وأضاف البغدادي في نقده لمشروع القانون «إن توقيت طرح مشروع القانون يعني أن المشروع سيتجه إلى مجلس النواب الحالي الذي كان ولا يزال مسؤولاً عن الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، إضافة إلى أنه مجلس تشريعي غير شرعي بحكم انتهاء فترته، ووجوده القائم على التزوير خلال المراحل السابقة». واتفق أستاذ القانون الدولي في جامعة صنعاء محمد نعمان مع البغدادي في أن الهيئات السلطوية القائمة الآن في البلد مارست انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان، مشدداً على ضرورة إقرار مشاريع القوانين بعد المرحلة الانتقالية، مطالباً بإنشاء نيابة متخصصة في التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، باعتبار أن الهيئة لا يمكنها أن تقوم بهذه المهمة. وتحدث المحامي محمد المقطري عن المهام التي ينبغي على الهيئة أن تتولاها، من لفت الانتباه إلى انتهاكات حقوق الإنسان، وتلقي الشكاوى ودراستها، والتحقق من الانتهاكات، وإعداد الدراسات والتقارير، ومساعدة الضحايا على انتصاف حقوقهم، وإرشادهم إلى طرق الإنصاف، مؤكداً على ضرورة تمتعها باستقلالية تامة مالياً وإدارياً، إلا أن أكّد أيضاً على أن الحكومة مسؤولة عن كفالة حقوق الإنسان، وضرورة وجود جهة تكفل هذه الحقوق. المحامي عبد الله علاو عاد للتساؤل عن المعنى من وجود هيئة لحقوق الإنسان، مستغرباً من كثرة الحديث عن هذه الهيئة دون تحديد أسباب الحاجة لها. وأشار إلى أن الوزارة عملت لسنوات طويلة تلقت خلالها آلاف الشكاوى، مطالباً بضرورة أن تنشأ الهيئة على دراسة مستفيضة لهذه الشكاوى، وعلى حاجات الشعب اليمني بكل فئاته. وطالب نبيل عبد الحفيظ ماجد من جهته بضرورة تحرير القيود القانونية المعيقة لنشاط المنظمات، وإيجاد آلية ديمقراطية لتشكيل هيئة حقوق الإنسان بما يضمن المشاركة في الاختيار والانتخاب من خلال القوى الممثلة لحركة حقوق الإنسان، وبما يمثل القوى الاجتماعية والسياسية والناشطين الحقوقيين، ووضع الضمانات لاستقلالية الهيئة وشفافية عملها ووضوح صلاحياته. كما نبه إلى ضرورة موائمة القوانين المحلية مع الاتفاقيات الدولية، واعتبار تلك المعاهدات من المنظومة القانونية لبلد. ومن المقرر أن تعقد لقاءات قادمة بتنظيم من المرصد اليمني لحقوق الإنسان، وبالتعاون مع وزارة حقوق الإنسان وعدد من المنظمات والهيئات المعنية لبحث مستفيض في هذا الشأن. يذكر أن إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان إحدى توصيات الملزمة للحكومة اليمنية في الاستعراض الدوري الشامل (UBR) الذي أقر إلزام الحكومة بإنشاء هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان.