عودة 6 صيادين بعد أشهر من الاختطاف في سجون العدوان السعودي    جيولوجيون يعثرون على آثار كارثة كونية في قاع المحيط    مركز الراهدة الجمركي يحبط عمليتي تهريب كمية من الأدوية والإلكترونيات    مأرب بلا كهرباء.. الفساد يلتهم جزء من موازنة المحطة الغازية ويخرجها عن الخدمة    اعتراض سفينة سعودية محملة بالأسلحة لإسرائيل    مقتل 3 مسلحين وشرطي في هجوم على قوات الأمن في إيران    مواصفات حواسب Galaxy الجديدة من سامسونغ    بالعلامة الكاملة.. نيوزيلندا في ربع النهائي    موريتانيا تنعش آمالها في بلوغ ربع نهائي كأس إفريقيا للمحليين    مواجهة نارية مساء اليوم بين ليفربول وكريستال بالاس    تراجع حوادث الدراجات النارية بنسبة 65%    وزارة التربية والتعليم تعلن نتيجة الدور الثاني لاختبارات الشهادة الأساسية    لماذا تتجعد أصابعنا في الماء تفسير طبي    الدكتور عبدالله العليمي يعزي أمين عام محلي شبوة عبدربه هشلة في وفاة شقيقه الشيخ محمد هشلة    البرازيلية ألين تنتقل من الهلال إلى العلا    لا للمنطقة العسكرية الاولى ولا للكلاب الحمر و للجرو الرضيع من ثديها    الانفصال الذي يسوّقه إخوان اليمن على مقاسهم    وقف صرف مرتبات المسؤولين بما فيهم أعضاء مجلس الرئاسة بالعملة الأجنبية    السكوتر ينقذ مدرب جوام    بطولة " بيسان " تعز 2025... -عودة الحياه الرياضية وعجلتها الكروية!    شباب المعافر يخطف نقطة ثمينة من شباب المسراخ في بطولة بيسان    اللجنة التحضيرية النسائية تدّشن فعاليات المولد النبوي الشريف بأمانة العاصمة    إصلاح المهرة ينفذ برنامجاً تدريبياً لتعزيز قدرات كوادره في الإعلام الجديد    ناشطون جنوبيون يطلقون وسم #تريم_ترفض_الاحتلال_اليمني ويؤكدون وقوفهم الكامل مع أبناء تريم    الغيثي: العسكرية الأولى لا تخضع لوزير الدفاع مثلما السفراء لا يخضعون لوزير الخارجية    مؤسسة وطن تكرم إدارة مدارس التقنية الحديثة نظير مبادرتهم تبني مقاعد مجانية لأبناء الشهداء    وزير الثقافة والسياحة يؤكد على أهمية الدور التنويري للمثقفين والأدباء    رئيسا مجلس القضاء وهيئة التفتيش القضائي يدشّنان خدمة استقبال الشكاوى إلكترونيًا    امن ذمار ينظم فعالية خطابية احتفاء بذكرى المولد النبوي    مديرية معين تدشن فعاليات ذكرى المولد النبوي    الإعلام والمسؤولية الوطنية    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية وهبوب رياح شديدة السرعة    رحلة في متاهات الوطن    مدير شرطة السير بعدن: تشغيل تجريبي لإشارات المرور في المنصوره    قرعة دوري أبطال أفريقيا تسفر عن مواجهات نارية للفرق العربية    انتقالي حضرموت يشارك في ختام مهرجان خريف حجر السنوي ويطّلع على أبرز فعالياته    الزهري يقود حملة رقابية واسعة في خور مكسر لضبط الأسعار تسفر عن تحرير 64 مخالفة    انتقالي الضالع يدشن المرحلة الثالثة من تمكين المرأة اقتصادياً    تفشي موجة جديدة من الأمراض الوبائية في مناطق سيطرة المليشيا    تعز.. نقطة عسكرية تحتجز نائب مدير موانئ الحديدة وأسرته والمحور يرفض توجيهات المحافظ    استئناف أعمال الترميم والصيانة في قلعة القاهرة التاريخية بتعز    فؤاد الحميري، له من اسمه نصيب    عشر سنوات من العش والغرام واليوم فجأة ورقة طلاق    هل هما شخص واحد.. الشبه الكبير بين البغدادي والشيباني    يوليو 2025 يدخل قائمة الأشهر الأشد حرًا عالميًا    دراسة صادمة: "تشات جي بي تي" يوجه المراهقين إلى سلوكيات خطيرة وانتحارية    إيطاليا تعطي الضوء الأخضر لمشروع ب5،15 مليار دولار لبناء أطول جسر معلّق في العالم    لهايات للبالغين تنتشر في الصين لتخفيف التوتر والإقلاع عن التدخين    بيت هائل.."نحن الدولة ونحن نقود البلد وهم يتبعونا!!"    المدرسة الديمقراطية تكرم الصحفي حسن الوريث    مهرجان القاهرة السينمائي يطلق «CAIRO'S XR»    تفشي فيروس خطير في ألمانيا مسجلا 16 إصابة ووفاة ثلاثة    اكتشاف معبد عمره 6 قرون في تركيا بالصدفة    دراسة تحذّر من خطر شاشات الهواتف والتلفاز على صحة القلب والشرايين!    في تريم لم تُخلق النخلة لتموت    إنسانية عوراء    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ما يزال الحراك الجنوبي مجرد "زوبعة"؟!
نشر في المصدر يوم 19 - 11 - 2009

مرت قرابة عشرون عاما على إعادة لم شمل البلاد إلا أنني لم أتمكن من زيارة مدينة عدن والتعرف عليها لأسباب شخصية، فأكثر من عشر سنوات قضيتها خارج اليمن وكل مرة أعود فيها للوطن بالكاد يكفي الوقت القصير لزيارة الأهل وقضاء الأعمال الضروريه في العاصمه صنعاء.

هذه المرة وضمن مشاركتنا في المؤتمر العام الثالث للمغتربين اليمنيين أصر وألح الإخوه الزملاء المشاركين على زيارة عدن مقدمين تذاكر طيران صنعاء-عدن كحل بديل لمعذرة السفر اللاآمن بسبب الحراك الجنوبي.

في مدينة قعطبة وحيث يقيم الأهل وفي الليله السابقه لموعد ضرورة وصولي إلى عدن تتشابك الوساوس والأوهام حول ضرورة السفر أم لا ؟ أحدهم يقول الطريق مقطوعه بسبب فعاليات الحراك اليوميه! وأحدهم ينصح بعدم المغامرة والمخاطرة وآخر يرى بالسفر فجرًا وعناصر الحراك لم تفق من نومها بعد، وحكيم آخر يتوصل إلى حل مقنع ولكنه متعب فبدلاً من السفر 126 كم تستغرق ساعتين على أقصى تقدير يرى بتغيير خط السفر بدلاً من قعطبة-عدن، إلى قعطبة-إب- تعز- الجراحي- الطريق الساحلي وصولا إلى عدن بمسافة تتضاعف إلى اكثر من 500 كم تحتاج إلى 5 ساعات في أحسن الأحوال!

تعددت الخيارات وتشابكت الأفكار ولكن في الأخير استقرت على الطريق الأقرب وما أراده الله كان.

بدأت رحلتنا نحو عدن،الحراك الجنوبي مشتعل في كل مكان،على البيجو كان النقاش في ذروته، الفساد المستشري في الدوله ومؤسساته، البطالة بين أوساط الشباب،غياب شبه كامل لسلطات الدولة في الريف وظهور الأحكام العرفية والقبلية وإنخفاض مستوى هيبة الدولة كلها كانت وقود ساخنه للحراك الجنوبي. هكذا اتفق المسافرون في نقاشاتهم.

إخترت عدم المشاركه في النقاش الحاد وفضلت الإنصات لما يدور من حولي إلا أن هذا الخيار لم يعجب المسافرين من حولي فوجه لي أحدهم سؤالً- إتضح أن هذا الشخص عقيد في القوات الجويه ومتجه إلى عدن للمشاركة في التحضير لفعالية ينوي الحراك القيام بها صبيحة اليوم التالي الموافق14-أكتوبر 2009م- كان سؤاله:هل أنت منهم أم منا؟ وكان جوابي له إبتسامة خفيفة بدون كلمات تاركاً المجال أمامهم للتخمين فأسكت فضولهم: من قعطبه!

أحدهم يرد: إذا دحباشي والآخر يقول: لا بل نصف دحباشي والثالث يقول : لا هذا من قعطبه أنسابنا وأقاربنا ونحن وهم واحد.

هكذا تنوعت إجابتهم وإنفعالاتكم كتنوع مكونات الحراك في الشارع الجنوبي .

هل ما يزال الحراك مجرد "زوبعة"
في لقاء مع رئيس الوزراء الأسبق حيدر أبو بكر العطاس في برنامج زيارة خاصة على قناة الجزيرة قال بأنه وفي ذات تواصل مع الرئيس علي عبدالله صالح تطرقا إلى مايحدث في الجنوب من فكان رد الرئيس بأن الجنوب بخير وما يقال إلا زوبعات!

الشيخ عبدالمجيد الزنداني أيضاً وفي لقاء صحفي موخراً قال بأنه تحدث مع الرئيس قبل حوالي سنتين منبهاً لما يحدث في الجنوب وخطورة تطوره وتعقد حلقاته فما كان من جلساء الرئيس ومنهم جنوبيون إلا الإنكار وتطمين الرئيس بأن الجنوب بخير!
غادرنا مدينة الضالع نحو عدن الشوارع تعج بالبشرفي هدوء صباحي ولا يوجد شيىء ما يدل على أن هناك حراك رغم أن الضالع تشكل الشريان المغذي له.

أول الدهشة كانت في الحبيلين: أعلام الجنوب سابقاً ترفرف في كل مكان،على شرفات المنازل،على واجهات المحلات التجارية، لوحة ضخمة جداً كتبت بخط أنيق لمناداة المواطنين للمشاركة في تظاهرة اليوم التالي، لاحظت أناس معلقةً على صدورهم كروت اللجنه التحضيرية لتجميع اليوم التالي،لاحظت الإقحام السيىء للأطفال دون سن العاشرة وهم يحاولون التسلق لعمود كهربائي لرفع أعلام الحراك، ولا وجود بالطبع لأي أمن أو حضور للسلطات المحلية ؟.

في لحج، رأيت الأعلام منقوشة بتفنن على سور كلية التربية بردفان، حتى اللوحات الإعلانية على الطريق العام لم تسلم من الحراك وتم التسلق إليها ورسم أعلامهم وشعاراتهم عليها.

رأيت الأدهى والأعظم.. رأيت ما لم أكن أتوقع ولا واضعاً له في الحسبان، رأيت مبنى أنيق وضخم عرفت فيما بعد أنه المجمع الحكومي لمديرية حالمين وعلى بعد 50 متر فقط وبإرتفاع حوالي 20 متر علم الجنوب الأسبق منقوشاً بالطلاء وبشكل يوحي على قوة ومدى الحراك لأنه وصل إلى أبواب المجمع الحكومي، ولم يستطع إيقافه لا الأمن العام ولا المركزي ولا حتى الجيش! أم أن ذلك ايضاً مجرد "زوبعة"!.

نعود إلى مايدور على السيارة الأجرة- البيجو- ، إذ ما يزال النقاش مستمراً حول الوضع في الجنوب، وتقريباً الجميع كانوا على رأي واحد.

حاولت الدخول في نقاشهم: الفساد المالي والإدراي البطالة، الفقر، إرتفاع سلطة الفرد وإنخفاض سلطة الدولة، وغياب تطبيق الدستور والقانون، عيوب موجودة في البلد بأكمله والكل يعاني منها ويدعو إلى زوالها وليس الجنوب فقط من يعاني من ترلكم المشاكل، بل ليس الجنوب المقصود وبذلك يجب علينا أن نعترف أننا بلد شحيح الموارد كثير السكان فلا مجال للمقارنه بدول الجوار- إنتهت مداخلتي- .

رد على الجميع وبصوت واحد: إن أخترتم السكوت فذلك شأنكم أما نحن فلا ولا!.

إخترت عدم المواجهة لأن أي نقاش لن يؤدي إلى نتيجة فلا هم يمثلون الحراك ولا أنا ممثل السلطة لأحقق لهم مايطلبون.

بعد مضي ساعتين على متن "البيجوت" وصلنا عدن، لكنها مرت وكأنها يومين، وحينما عرف الجميع أنني جديد على عدن وطلبت إيصالي إلى جولة القاهرة في الشيخ عثمان، حيث كان ينتظرني صديقي. بكل سعة صدر ورحابة قلوب تهافت الجميع لمساعدتي، ومنهم من رحب بي ضيفاً في بيته، لكننا افترقنا وكأننا أصدقاء منذ زمن وليس رفقة سفر لمدة ساعتين.

ربما هذا الشعور الوحيد ما يدل على أن اليمن واحد بأبنائه، قبل ترابه، وبأن الوحدة اليمنية متعمقة في القلوب، بشكل فطري.

الحراك: عظيم النار من مستصغر الشرر!
كانت بدايات الحراك عبارة عن مطالب بإعادة المتقاعدين والمنقطعين بسبب تداعيات حرب صيف 94م وفي هذا الحال أعتقد أنه كان المفترض بالدولة أن تسعى لإعادتهم لأعمالهم لخطورة ما يسببه الفراغ لآلاف الشباب والكفاءات المتقاعدة.

ولكن للأسف حصل العكس حيث لم تستجب الدولة لتلك المطالب في حينها وبداياتها بل إستصغرتها وإعتبرتها زوبعات وهراء، وها نحن نرى مستصغر الشرر هذا قد كاد أن يتحول إلى نار ملتهبة يصعب إخمادها!

إضافة إلى نواة الحراك سالفة الذكر فقد إستخدم الحراك نقاط ساخنة يعتبرها المجتمع في الجنوب دخيلة عليه ك الفساد المالي والتسيب الإدراي وغياب مؤسسات الدولة وإنخفاض هيبة الدولة وسلطاتها مقابل إرتفاع سلطات الفرد، والمحسوبيات والوساطات في مرافق الدولة......إلخ


الحل بالخطأ
صحيح أن الدولة حاولت أن تحتوي الموقف وقام الرئيس علي عبدالله صالح بزيارات متكرره لمناطق الحراك المستعرة في الضالع ولحج وأبين لمحاولة تفهم الوضع عن قرب، ولكن مراقبون يعتقدون "أن السلطات لا تحاول إستيعاب وفهم المشاكل من منظورها الصحيح وتستمر في طريقتها التقليدية في علاج الأزمات بحلول لحظية مؤقتة".

ويشير البعض إلى أن الدولة على سبيل المثال، وتحديداً في بداية ظهور الحراك، قامت بصرف سيارات آخر موديل كهبات وهدايا لنشطاء في الحراك كمحاولة لكسب ولائهم.

غير أن المعلومات تؤكد أن ذلك زاد الطين بلة في أوساط العامة وقد شوهدت تلك السيارات تعمل ليل نهار في الإعداد والتنظيم لفعاليات الحراك!

وقامت الدولة بوضع إمكانيات وميزانيات خاصة لإيجاد الحلول إلا أنها وللأسف وكعادتها القديمة تعتمد على أشخاص ولا تعتمد على مؤسسات فوضعتها في أياد قادة عسكريين ليسوا على علم بتركيبة الجنوب وظلوا يتعاملون مع مشاكل الحراك عن طريق كسب ولاءات من مكونات الحراك والجنوب بشكل عام مما زاد في الأمر تعقيداً وفي الموقف صلابةً.

الحراك والسباحة عكس التيار
يكاد يتفق المراقبون على أن مكونات الحراك الجنوبي، أو فصيل منه، يستعدي كل ما هو قادم من الشمال سواءً كان موظف أو عامل أو حتى سيارة تشير لوحتها إلى أنها من المحافظات الشمالية، وتجاوز الأمر ذلك إلى دعوات "فك الإرتباط".

ويعتقد الكثيرون "أن ذلك يفقد الحراك تأييد الكثير من الشخصيات الإعتبارية والمؤثرة في الشمال والجنوب" وهو الأمر الذي يتطلب من قادة الحراك وأنصاره التنبه إلى مثل هذا الأمر في محاولة لكسف أكبر قدر من المؤيدين إلى صفوفهم، على اعتبار أن الوحدة – كقيمة- ليست السبب الحقيقي في كل ما تعشيه البلاد شمالاً وجنوباً.

وبالمقابل، فإن الأوضاع القائمة تحتم على السلطة أكثر من أي وقت مضى، القيام بوضع حلول جذرية لسلسلة الأخطاء المتراكمة، حتى لا تزداد الأمور تعقيداً، وتغرق السفينة تماماً.

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.