سمعة الرئيس السوداني عمر البشير نظيفة والكثير تحدث عن بعده من الفساد الشخصي هذا ما يقوله الكثير من معارفه ومن السودانيين الذين ينتمون لألوان متعددة .. أنا لا دخل لي هنا بالنظافة المالية والنزاهة الشخصية في هذه الظروف، فالنزاهة لها أكثر من صورة .. ولا أفهم أن يقعد الفرد رئيساً على شعبه أكثر من عشرين سنة وسط أزمات متعددة تتفاقم كل يوم وحروب مستمرة ودماء نازفة .. هنا تبدو النزاهة شيئاً لامعنى له غير التسويق للبقاء الثقيل على رأس الشعب وآلامه. سودانيون يتحدثون عن ضرورة بقاء البشير حيث لا بديل له.. هذه أيضاً مصيبة كبرى تخص القطيع العربي الذي يتعلق بالصورة التلفزيونية فيوقف الحركة ويداعب مشاعر الزعيم الذي يقنع نفسه بأن بقاءه مطلب جماهيري وضرورة للدفاع عن الشعب، فيتورط بذبح الشعب دفاعاً عن الشعب. اليوم تبدأ انتفاضة سودانية لا نستطيع التكهن بمداها... وبدلاً من المسارعة بتقديم التنازلات حتى الاستقالة والترتيب للانتقال السلمي للسلطة ويبقى مشرفاً على التحول التاريخي.. بدلاً من ذلك سيأتي من يقول له إن هذه الانتفاضة مدعومة من الخارج ومن أعداء السودان مع أن الحل سهل وهو أن تسحب مبررات هذا التدخل وتحمي شعبك وتاريخك بزهد حقيقي عن الكرسي. قبل سنوات ورداً على سؤال أحد الصحفيين عن تقدم الرئيس البشير للترشح للرئاسة قال: أنا لا رغبة لدي بالترشح لكن الحزب مصر وأنا لا أستطيع أن أرفض قرار الحزب.. كل العرب من بعضه.. وهنا لا فرق بين الطمع والسذاجة والغفلة.. وكل ما أخشاه أن تشتعل الثورة في الشارع السوداني فيخرج البشير يردد نفس الأسطوانة «السودان غير».. السودان ليست مصر ولا اليمن وليبيا، مكملاً جملته بهتاف في غير محله «الله أكبر» ثم تنزلق البلاد إلى بركة من الدماء والمحن. لماذا نحن العرب لا نستفيد من تجاربنا ونكرر يومياً نفس الأفعال ونفس الأخطاء، لكن البعض يرى أن السودان أحسن حظاً، ف «عمر البشير» لا أولاد له وهذا من حسن حظه أيضاً.. فمهما كان لن يبيد الجيش السوداني شعبه.. نأمل أن نرى السودان في صورة أفضل.