ما أجمل أن يعملها بدون دعوات مكررة للإصطفاف والحوار ، وبدون استجداء الحوار من أحد ، ما أجمل أن يعملها صاحب الفخامة حلا جذريا لمشاكل اليمن وهمومه ، وتطلعا لمستقبل أفضل ،ودفنا لماضي بئيس ، ابتداء من الإقلاع عن السب والشتم ولغة التخوين والتخويف ، والابتعاد عن سياسية البطش والتنكيل . كم من الخطب التي سمعناها منذ سنوات حول التنمية والديمقراطية والرقي ودولة النظام والقانون لا يخلو خطاب لفخامة الوالد الرئيس من هذه المعاني المكررة التي سئمنا سماعها لا لسؤ لفظها أو تشائما بها بل لأنها أضحت بلا معنى .
تخدر الشعب وتبلد فلم تعد هذه المعاني تعنيه من قريب أو بعيد بقدر ما يعنيه هي دماؤه التي تسفك وكرامته التي تنتهك في داخل اليمن و خارجه .
فما أجمل أن يعترف بالخطأ ويقر بالذنب أمام الشعب المسكين المنهك كرامته في كل جهة يذهب إليها ، عيبه الوحيد أنه لا يملك دولة تحميه أو تدافع عنه أو حتى تتأوه باسمه ، بل جعلت من آهاته وصيحاته منجزات يفاخر النظام بها ويتغنى بأمجادها.
لم يبق للشعب شيء يدافع عنه، وحدته الوطنية انفصمت عراها وذهبت أركانها، حتى علمها لم يعد يرفرف كما كان ، الدعوة إلى تعميدها بالدم نقض لأركانها وانهيار لما بقي من جدرانها .
أترى أن الناس الذين يبذلون دمائهم خونة ومرتزقه أو عملاء أم أنهم لم يجدوا وطنا يعيشوا فيه ، ولم يبق لهم حق يستمدوا منه سر بقائهم وعوامل قوتهم ، وجدوا أنفسهم بلا قيمة فلم يبق إلا طريق الموت ، الحياة لديهم ليس لها معنى ، بعد هتك الأعراض وإزهاق النفوس وسلب الأراضي .
يا صاحب الفخامة الظلم يدمر البيوت لا يبنيها ، ويمزق الأوطان لا يوحدها ويصونها ، ورب دعوة سرت بليل حملت سهماً لا يخطأ هدفه فتنهي ملكاً وتزيل دولاً ، وتخيل كم من الدعوات توجه : من عاطل عن العمل ومريض لا يجد قيمة العلاج ، ومشرد لا يجد من يأويه، وجائع لا يجد من يطعمه ، ويتيم لا يجد من يمسح دمعته ، وأرملة فقدت عائلها،وصاحب كفاءة همش وأقصي ، من يتحمل ذنب هؤلاء المتزايدة أعدادهم يوما بعد يوم . ومن يسكت ألسنتهم ويسكن غضبهم إلا العدل ، وإنصافهم حقهم .
كفانا خطبا ومبادرات ومباريات كلاميه ، سئمنا خطب الأعياد وبل وحفظناه قبل أن تقال لكثرة سماعها وتكرارها.
كم كنا ننتظر دعوة صريحة من صاحب الفخامة ليلة العيد في خطابه الجديد القديم دعوة إلى إفراغ السجون من محتواها ، وإيقاف مطاردة أصحاب الرأي والكلمة وإعادة المخطوفين وإطلاق الصحف الموقوفه .والتخلي عن ذاته والنظر إلى مستقبل واعد لتُبنى دولة بحق قائمة على المواطنة المتسواية يُخرج نفسه وزمرته منها.