سرت عادة «فاطمة» (7 أعوام) في مديرية حيس غرب اليمن أن تواظب بشكل شبه يومي، الانتظار في طابور غير منتظم، للظفر بدورها في ملئ قنانيها البلاستيكية القاتمة اللون بالمياه من إحدى الآبار. وهذه المهمة حرمت فاطمة وكثيراً من الأطفال من حضور الدراسة في «عشة» يطيح بها الريح إذا ما مر، يسمونها فصل دراسي.
تعاني مديرية حيس إحدى أكبر مديريات محافظة الحديدة من شحة المشاريع الحكومية، والحياة البدائية التي يتعايش معها السكان.
ويواجه السكان في المديرية والمناطق المجاورة لها صعوبة بالغة في توفير المياه، وتفتقر المنطقة للمشاريع الخدمية، سوى بئرين افتتحا عام 1999 وثالث بدء أنشاؤه في عام 2009 كمشروع دعم.
وتعترض عدة مشاكل مشروع المياه، بسبب الضغط الكبير عليه، وتحدث في كل شهر مالا يقل عن ثلاثة انفجارات في أنابيب توصيل المياه ويؤدي ذلك إلى توقف عمل المضخات وانقطاع الماء عن المدينة.
وفي الأشهر الأخيرة الماضية تراوحت فترات انقطاع وصول الماء من 20 إلى 30 يوم وحين يصل الماء إلى السكان لا يستمر أكثر من يومين ثم يعاود الانقطاع بنفس الفترة السابقة وربما يزيد.
ويبدو التجاهل الحكومي بادياً على مشهد المعاناة في حيس، فالسكان ذوو الدخل المحدود لم يجدوا أو يسمعوا حضوراً لمسؤولين في المنطقة، على الأقل حتى لسماع الشكوى والألم.
ولا تقتصر الآثار السلبية لمشكلة عدم توفر المياء على الجانب التعليمي والصحي فقط للمديرية، فقد أثر افتقار المنطقة لمشروع مياه يلبي حاجات الناس إلى تأثير على الحياة الاقتصادية للسكان.
ويقول سكان محليون ل«المصدر أونلاين» إن عدم توافر المياه ونفاد مخزونه المعبأ في القناني البلاستيكية، يضطرهم إلى شراء المياه من عربات تبيع بقيمة مالية لا يستطيعون توفيره، إلا بالتشارك بأكثر من عائلة.
وأضافوا: «سعر الوايت يتراوح 1500 إلى 2000 وهذا المبلغ باهظ، فالفاقة وسوء الحال، لا يمكن الكثيرين من شراء المياه».
لكن ابتكارات السكان في تخزين المياه لأطول فترة ممكنة في براميل مكشوفة، تحول إلى كابوس ومصدر للأوبئة، فقد تفشت الملاريا والإسهال وحمى الضنك، ما تسبب في موت الكثير، خصوصاً مع افتقار المنطقة، لمرافق صحية جيدة.
الصور لأدوات تخزين للمياه تسببت بتفشي الأوبئة في أوساط السكان المحليين. زار المنطقة: يحيى السواري، تحرير المصدر أونلاين.