يتزاحم الرجال والأطفال والنساء على صنابير المياه في المساجد للحصول على مايروي ظمأهم وغسل ثيابهم، أما الاستحمام فمؤجل إلى حين قدوم سحابة ماطرة فقد هجرت المياه شبكات منازلهم وحولت أزمة المشتقات النفطية حياتهم إلى جحيم لتصبح صنعاء أول عاصمة تعلن الجفاف قبل الموعد....! ما زالت مختلف أحياء العاصمة صنعاء تعاني كثيرا انقطاع المياه وارتفاع سعر “وايتات” الماء والتي وصلت إلى أسعار خيالية تتراوح ما بين ستة آلاف ريال وثمانية آلاف ريال بحجة ارتفاع سعر مادة الديزل، وسط عجز واضح من الجهات المختصة للتخفيف من هذه الأزمة التي رافقتها انعدام مختلف المشتقات النفطية وانقطاع شبه كامل للتيار الكهربائي؛ الأمر الذي حول معيشة مختلف سكان العاصمة إلى جحيم. العديد من سكان العاصمة اضطروا للعودة إلى قراهم بسبب ندرة المياه والمشتقات النفطية وارتفاع مختلف أسعار المواد الغذائية الأساسية. اللجوء إلى بيوت الله كلما مررت من جوار أي مسجد شاهدت ازدحاما غير عادي للمواطنين نساء ورجالا وأطفالا وهم يملأون الأواني البلاستيكية بالماء.. هذه المشاهد أصبحت مألوفة في مختلف أرجاء العاصمة صنعاء، كما يقوم العديد من المواطنين بغسل ثيابهم ومن ثم الاغتسال في المساجد؛ الأمر الذي يتسبب في ازدحام كبير على الجوامع، لاسيما في أوقات الصلاة. رحلة البحث عن الماء أحد المشاهد التي لم تعد غريبة هي وجود العديد من النساء يتزاحمن على حنفية المياه في أحد مساجد منطقة شعوب وكان ذلك الساعة الثانية بعد منتصف الليل تقول الحاجة (مريم مبخوت ) وهي عجوز في الستين والله يا ابني لم أعرف هذه الأزمة في الماء على مدى حياتي كلها لم أخرج في هذه الساعة المتأخرة من الليل لجلب الماء من المسجد إلا للحاجة الضرورية للشرب وللطبخ فقط ،وبالطبع كاتب السطور ساكن بالقرب من الجامع وخرج لذات الغرض. وتضيف قائلة: لم نعد نحلم بالاستحمام أو غسيل الملابس واكتفينا بذلك في الشهر مرة واحدة فقط؛ لأننا لا نستطيع توفير قيمة وايت الماء بسبعة آلاف ريال والحالة الله سبحانه أعلم بها، لكن الله لا سامح من كان السبب هكذا ختمت حديثها القصير معي. حياتنا عذاب أما الحاجة فاطمة فتقول بأنها خرجت لجلب الماء من الجامع لعدم وجود من يقوم بذلك في البيت سواها؛ لأن زوجها توفي منذ سنة وابنها الكبير عسكري في محافظة أخرى ولها من الأولاد أربعة وبنتان كلهم صغار السن؛ لذلك تقوم بنفسها لجلب الماء من المسجد ، وتقول أضطر إلى ترك الأولاد لوحدهم في المنزل لساعات طويلة من اجل جلب الماء فارجع وقد تشاجروا أو كسروا بعض الأواني أو زجاج النوافذ في المنزل أو ماء إلى ذلك، حياتنا أصبحت عذابا ولا يحس بنا أحد. ماء ممزوج بالديزل وفي هذا السياق التقيت بالأخ محمد علي صاحب وايت فسألته عن سبب ارتفاع سعر “الوايت”الماء فكان جوابه سريعا بسبب انعدام الديزل وقال جيب لي دبة ديزل واحدة فقط مقابل وايت الماء. ويضيف قائلا: يا صاحبي الدبة الديزل اليوم (عشرون لترا) بعشرة آلاف ريال ايش نعمل أمام هذا هو الوضع. السوق السوداء أما عن سبب وجود رائحة ديزل في الماء يقول سائق الوايت محمد علي: بعض مالكي الشاحنات يذهبون إلى محافظة مأرب لشراء ديزل وبنزين في خزانات الشاحنات؛ لبيعه في السوق السوداء أو لاستخدامه بدلا من شرائه بسعر مرتفع، ومن ثم لا يقومون بتنظيف الخزان بشكل جيد بعد إفراغ الديزل أو البنزين وهو ما يسبب في بقاء الرائحة. أما صاحب بئر ارتوازية والذي يعمل على بيعه للوايتات فقال: نحن نبيع الوايت الماء بألف ريال فقط مقابل خمسمائة ريال قبل الأزمة الموجودة؛ ولأن سعر الديزل مرتفع جدا نظرا لانعدامه نحرص على ألا نشتغل إلا عند عودة التيار الكهربائي؛ لأن تشغيل الماطور بالديزل لا يخارج أبدا لأن سعر البرميل الديزل اليوم في السوق السوداء وصل إلى حوالي ثمانين ألف ريال ومائة ألف ريال ومع ذلك ديزل مخلوط بالماء وبالقاز يخرب الماطور وقد جربنا ذلك. وعن وجود رائحة تشبه رائحة الديزل في الماء يقول (عبد العليم) وهو سائق شاحنة لبيع الماء بأن بعض مالكي الشاحنات يذهبون إلى محافظات كعدن والحديدة ومأرب للبحث عن الديزل حيث يلجأون لتعبئة الديزل في خزانات المياه ومن ثم لا يقومون بتنظيف الخزان بشكل جيد بعد إفراغ الديزل وهو ما يسبب في بقاء الرائحة. مياه التحلية...غير نظيفة أيضا ارتفعت أسعار دبات الماء الكوثر عشرة لترات في مختلف المحلات التجارية وفي محطات بيع مياه الشرب؛ حيث ارتفع سعر الدبة الماء عشرة لترات من خمسين ريالا إلى مائة ريال في البقالات، وإذا كان باردا بمائة وخمسين ريالا ومع ذلك ليست مياها نظيفة ومعقمة وصالحة للشرب والسبب كما يقول أصحاب محطات المياه أيضا هو انعدام الديزل حيت لم يستطيعوا تشغيل مكائن المحطة فيضطرون إلى تعبئة دبات الميات دون تنظيف أو تعقيم كما كان سابقا وأيضا هناك طلب متزايد على الماء.