هنئ المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية الشعب اليمني بمناسبة الذكرى الخمسين لثورة 26 سبتمبر 1962. واعتبر المجلس في بيان صحفي أن ثورة سبتمبر مثلت عنواناً لثورة 14 أكتوبر 1963 التي اندلعت في جنوب اليمن ضد الاحتلال البريطاني.
نص البيان: يا جماهير شعبنا اليمني العظيم إننا نحتفل بالذكرى الخمسين لثورة 26 سبتمبر المجيدة التي قوضت الحكم الإمامي الظلامي الفردي المستبد ومثلت عوناً وسنداً لثورة 14 أكتوبر التي إنطلقت شرارتها الأولى من جبال ردفان الآبية في عام 1963 ليمتد لهيبها إلى كل أراضي الجنوب مجبرة الإستعمار البريطاني على الرحيل في 30 نوفمبر من عام 1967. نحتفل بهذه المناسبة في ظل ظروف صعبة وبالغة التعقيد، وبدلاً من أن تكون مناسبة نفتخر بها ونقف من خلالها للإشارة إلى إنجازات تحققت ومكاسب أنجزت للأمة والوطن فإننا وللأسف وبحسرة وألم، وحقيقة لا يمكن مواربتها لأن كل فرد في وطننا يعيشها فإننا نعيش في مفترق طريق فإما أن نكون أو لانكون. وإن كان الشعب قد أختار أن يكون من خلال ثورته المباركة المنطلقة في مطلع عام 2011 وتقديمه لأغلى التضحيات التي ما كانت لتقدم لولا أنانية الحاكم وضيق أفقه وعدم قدرته على إستقراء التأريخ واستحضار ملاحم الشعوب، فما من ثورة شعبية ومهما عظمت تضحياتها إلا وكان مآلها نجاح مؤزر ونصر أكيد.
ولا نخفاكم بأن الوطن ما زال ينوء بأحمال ثقيلة بعضها ركام لماضي نظام فاسد واستبدادي وآخرى مفتعلة بإيدي ثورة مضادة مرتبطة بالنظام السابق وتعتقد واهمة بإمكانية العودة إلى الماضي.
ولاشك أن ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر العظيمتين مثلتا علامات فارقة في التأريخ الحديث لليمن شماله وجنوبه وتحققتا بفضل التضحيات الغالية لأبناء الشعب اليمني وأختلط فيه الدم اليمني شمالاً وجنوباً للدفاع عنهما وعن قيمهما ومبادئهما السامية، وكانتا تنشدا الحياة الكريمة لأبناء الشعب وبناء الوطن ليلحق بركب أشقائه تطوراً وتنمية إلا أن سياسات خاطئة هنا أو هناك من أصحاب مشاريع ضيقة فردية وأنانية أدت إلى تأخر هذا المشروع الوطني وفوتت فرص تحقيق أهدافه العظيمة، وما تحقق من بعض الإنجازات النسبية التي لم ترقى لما كان مأمولاً وكان نتاجاً لتطور طبيعي أفرزته عوامل موضوعية وظروف تهيأت وشروط نضجت، فكان يمكن للوحدة اليمنية في مايو 1990 أن تكون الإنجاز الأعظم والأبرز في تأريخ اليمن لولا الإنقضاض عليها وإفراغها من محتواها قبل أن يجف حبر الإتفاق عليها وصولاً إلى تئييس البعض منها وإلصاق كل قصور ونقيصة بها وهي من ذلك براء. كما كان لإكتشاف النفط والغاز أن يوفرا فرصاً كبيرة للنهوض بالإقتصاد الوطني إضافة إلى الموارد الأخرى من زراعة وسياحة وثروة سمكية وصناعة خفيفة وتجارة وإتصال ومواصلات إلا أن عوائدها ونتائجها وثمارها ذهبت إلى جيوب الفاسدين ولم تخلف في نفوس أبناء الوطن إلا الحسرة والألم على فرص أهدرت وموارد بعثرت،وكان يمكن أن تكون المؤسسة العسكرية والأمنية مؤسسات وطنية تحمي وتدافع عن حياض الوطن وتحقق أمن المواطن وإستقرار الوطن فتم شقها وخلق فجوات بين تشكيلاتها المختلفة وأنيطت إدارة وقيادة بعضها لأبناء الأسرة مختزلين الوطن وأمنه وإستقراره في شخص الحاكم، وعجزت الدولة عن تنفيذ إلتزاماتها الأساسية في نشر التعليم والقضاء على الأمية والجهل والمرض وهي الأهداف الأساس لثورتي سبتمبر وأكتوبر واستمرت حلقات السياسات الخاطئة والفاشلة التي عكست ضيق أفق النظام السابق أو بتعبير أدق العائلة السابقة التي أستأثرت بالسلطة كاملة وبالثروة حتى أفقرت الشعب وأقصت كل صادق وناصح حتى أعادتنا إلى المربع الأول للحديث عن أهداف كانت خمسين سنة كفيلة بأن تحققها وتزيد.
وأمام كل تلك الظروف ومع تضييق خيارات النهوض بالوطن والمواطن والإستمرار في السياسات الفردية الأحادية دون إعتبار للقوى الوطنية من قادة وحملة مشاريع التغيير والتحديث أفضت بالحاجة لقيام ثورة ثالثة أطلق شرارتها وقادها الشباب في مطلع عام 2011 لتلحق بهم كل جماهير الشعب من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ولا فرق بين فئة وفئة أو جهة وأ خرى وكان قد بلغ السيل الزبى من سياسات فردية وجور وظلم وفساد طالت لأكثر من 3 عقود أضاعت الماضي وكادت أن تقوض الحاضر وتقضي على مستقبل شعب كريم ووطن عظيم. وها نحن اليوم أمام ثورة تصحيح وإعادة بناء.
إن المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية وهو يهنئ شعبنا العظيم بثورتي سبتمبر وأكتوبر الخالدتيين سيستمر معبراً عن روحهما وأميناً عليهما وحارساً لقيمهما ورسالتهما بعد أن توفرت الآن أسباب وظروف تصحيح مساراتهما وخلقت شروطاً وظروفاً جديدة لتحقيق أهدافهما وتجاوزها لتستجيب لمنطق الحاضر وصيرورة المستقبل المبشر بكل ما هو واعد ورائع يحقق أماني وتطلعات وطموحات شعبنا العظيم في حياة حرة وكريمة. وكل ذلك سيكون في مقدمة أجندة القوى الوطنية ونحن سائرون بإتجاه حوار وطني مسؤول وهادف وبناء يضع المصالح الوطنية الإستراتيجية فوق كل الإعتبارات ويحقق الشراكة الفاعلة مع محيطنا الإقليمي والدولي ويعيد للوطن مكانته واعتباره بين سائر الأمم.
عاش الشعب اليمني العظيم، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والعزة والشموخ والرفعة للوطن صادر عن المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية صنعاء 25 سبتمبر 2012