طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة اليمنية بالكف عن "الاعتقال المنهجي" بحق ملتمسي اللجوء الأثيوبيين وإعادتهم قسراً إلى أثيوبيا، داعية في تقرير أصدرته اليوم اليمن إلى الوفاء بالتزاماتها نحو جميع ملتمسي اللجوء واللاجئين. وقالت جورجيت غانيون، مديرة قسم أفريقيا في المنظمة: "الهجرة غير الشرعية مشكلة كبيرة تواجه الحكومة اليمنية، لكن اصطياد ملتمسي اللجوء كأنهم مجرمين وإعادتهم قسراً بشكل غير قانوني ليس هو الحل للمشكلة"، وتابعت: "على الحكومة اليمنية أن تحترم حقهم الأساسي في التماس اللجوء". حسب ما نقل موقع المنظمة على الإنترنت.
وأضافت ان خطة الدبلوماسية الهادئة التي تتبعها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مع الحكومة اليمنية هي ببساطة غير مجدية". مؤكدة أن على المفوضية أن تبدأ في معالجة مشكلة ملتمسي اللجوء واللاجئين الأثيوبيين في اليمن "كأمر ذات أولوية قصوى وليس مسألة ثانوية".
وأوصى التقرير الحكومة اليمنية بوقف "الممارسة المتفشية" للإعادة القسرية للأثيوبيين وغيرهم من غير ملتمسي اللجوء الصوماليين على الفور. مؤكداً على ضرورة ضمان السماح لللاجئين للتقدم بطلب اللجوء في اليمن.
وطالب الحكومة اليمنية بإصدار أوراق ثبوتية رسمية لجميع اللاجئين المعترف بهم رسمياً من المقيمين في اليمن وليس فقط الرعايا الصوماليين كما هو الوضع حالياً، مشدداً على ضرورة التحقيق في مزاعم إكراه مسؤولي السفارة الأثيوبية في صنعاء للمحتجزين الأثيوبيين في مركز المهاجرين بصنعاء على توقيع وثائق تشير إلى استعدادهم للعودة إلى أثيوبيا طوعاً.
كما طالب ذات التقرير المكون من 52 صفحة، مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالضغط على الحكومة اليمنية كي تكف عن سياستها التمييزية إزاء اللاجئين الأثيوبيين، وإعادتهم القسرية لبلادهم.
ويعرض التقرير الذي جاء بعنوان "شطآن معادية: الانتهاكات والإعادة القسرية بحق ملتمسي اللجوء واللاجئين في اليمن" تفصيلاً رحلة عبور البحر المرعبة من أفريقيا التي يخرج فيها عشرات الآلاف كل عام لبلوغ الشطآن اليمنية. "لكن بالنسبة للكثيرين منهم فليست هذه الرحلة إلا بداية المتاعب. فاليمن ترحب بالصوماليين، لكن الأثيوبيين وغيرهم يُرجح أن يتعرضوا للاعتقال والإعادة غير القانونية قسراً إلى بلدانهم، حيث يتعرضون لخطر الاضطهاد. وترى الحكومة أن الصوماليين لاجئون يحق لهم الحماية، لكن الأثيوبيين وذوي الجنسيات الأخرى تراهم مهاجرين غير شرعيين، ويجب ترحيلهم تلقائياً. ويرى التقرير أيضاً أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لم تبذل الكافي في الضغط على الحكومة اليمنية كي تغير من سياساتها المسيئة إزاء ملتمسي اللجوء الأثيوبيين".
وكشف التقرير أن أكثر من 100 ألف إفريقي وصلوا خلال العامين الماضيين إلى الشواطئ اليمنية غالبيتهم من الصومال وأثيوبيا، مضيفاً أن أغلبهم قدموا فراراً من الحرب أو الاضطهاد في بلدانهم أو بحثاً عن العمل. وينقلهم المهربون بالقوارب إما من مدينة بوساسو الصومالية الساحلية، أو من بلدة أوبوك في جيبوتي. الأوضاع على متن القوارب غير إنسانية، والمهربون - خاصة في بوساسو - يعاملون الركاب بقسوة مذهلة، ويسرقونهم ويضربونهم ويقتلونهم أحياناً.
وقد وثقت هيومن رايتس ووتش حالات تعرض فيها الركاب للقتل والرمي من القوارب إلى البحر وتعرض النساء لاعتداءات جنسية والاغتصاب على متن القارب المزدحمة بينما ينظر إليهن الركاب الآخرون بلا حول ولا قوة. ويختنق آخرون بعد حبسهم في مساحات ضيقة لا يصلها الهواء تحت سطح القوارب، كعقاب أو كأسلوب لتكديس المزيد من الأفراد على متن القارب. ويموت المئات كل عام أثناء العبور.
وبالنسبة للكثيرين، فإن أسوأ المخاطر تأتي عندما تلوح الشطآن اليمنية أخيراً في الأفق. فالكثير من المهربين، لتقليص خطر القبض عليهم، يجبرون الركاب على القفز في المياه العميقة للسباحة، ويضربون ويطعنون من يرفض القفز. الكثير ممن لا يعرفون السباحة ومن يحل بهم التعب البالغ بعد رحلة القارب، يغرقون على مرأى من الشاطئ. وقد قابلت هيومن رايتس ووتش أشخاصاً شاهدوا ركاباً آخرين - في بعض الحالات أطفالهم حتى - يغرقون على مسافة أقل من 200 متر من البر.
وترفض الحكومة اليمنية إصدار وثائق اعتراف رسمية باللاجئين غير الصوماليين، مما يحول دون حصولهم على حقوقهم المستحقة والخدمات المكفولة لهم. كما يعاني اللاجئون الأثيوبيون من المضايقات والعنف، المشتعل جزئياً للاعتقاد بأن الحكومة لا تحميهم.
ويدعو التقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى التحدث علناً عن انتهاكات الحكومة اليمنية كلما استدعى الأمر ذلك، وأن تضغط بقوة أكبر من أجل زيارة ملتمسي اللجوء المحتجزين.
ويحظر القانون الدولي الإعادة القسرية أو إعادة اللاجئين إلى البلدان التي قد يواجهون فيها خطر الاضطهاد. واليمن هو البلد الوحيد في شبه الجزيرة العربية الذي صدق على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، التي تطالب بمنح ملتمسي اللجوء واللاجئين حقوقهم دونما تمييز بناء على جنسيتهم.