في ختام محاكمة روّعت أحداثها المجتمع البريطاني بمختلف ألوانه وأعراقه ومعتقداته الدينية والثقافية، أدانت هيئة المحلفين سارة ايغة، المسلمة البريطانية التي تقطن كارديف عاصمة ويلز، بتهمة قتل طفلها (7 سنوات) وإشعال النار في جثته فقط لأنه كان يفضل اللعب مع أقرانه على حفظ أجزاء القرآن. وأولت الصحف البريطانية اهتمامًا خاصاً لهذه القضية، التي أوردت «إيلاف» فحواها في وقتها، بسبب أبعادها المخيفة منذ بدء جلسات المحكمة في مطلع الشهر الماضي. فعُلم أن المحققين كانوا يعتقدون أولاً أن الطفل، واسمه ياسين، قتل جراء حادث مأسوي بحريق في منزل أسرته في كارديف. لكن محكمة المدينة التاجية علمت أنهم توصلوا الى أنه فارق الحياة قبل الحريق نفسه نتيجة لجراح غائرة في جسده. وأدت شعوب التحقيق الى أن الأم، سارة، هي التي أحرقت جثة ابنها ومعها المنزل نفسه لتغطي على مقتله بيدها. واتهمت ايضا بسوء معاملتها لطفلها «كما لو كان كلبًا» على مدى أشهر طويلة قبل قتله، وكان من ضمن ذلك ضربه بالعصا وحتى الشاكوش وسجنه في مخزن الدار بسبب ما اعتبرته «تراخيًا في استيعاب الدروس الإسلامية». وكانت هذه المرأة - وهي خريجة جامعية - وزوجها، يوسف ايغه، قد سجلوا ابنهما في فصول الدراسات الدينية في مسجد حي بونتاكانا، كارديف، حيث يسكنان، على أمل أن يصبح «حافظًا» للقرآن. وفي شريط فيديو سجلته الشرطة لجلسات التحقيق معها، تقول سارة إنها كانت قد أمهلت ابنها ثلاثة أشهر لحفظ 35 صفحة من المصحف. لكنه كان يفضل اللعب مع أقرانه فأهمل واجبه. وقالت: «صرت محبطة إزاء ياسين، وكنت أخبره بأنني أغضب بشدة عندما يخطئ في التلاوة، وصرت أضربه ايضًا. لكنه لم يكن تلميذًا نجيبًا لأنه لم يحفظ أكثر من سورة واحدة خلال سنة بأكملها». ومضت تقول: «كل هذا ترجم نفسه الى مشاعر داكنة في نفسي، وصرت أجد صعوبة في التركيز. كان الغضب يتصاعد داخلي وصرت أصرخ في وجهه على الدوام. ثم تملّكني الغضب بحيث صرت أضربه بالعصا». واستمعت المحكمة الى أنه في الفترة التي أعقبت مقتل الطفل، أبدت سارة مظاهر الجزع المألوفة من أم فقدت ابنها. لكن الشكوك بدأت تحوم حولها عندما أثبتت التحقيقات الأولية أن الطفل مات متأثرًا بجراح أخرى لا علاقة لها بالحريق وسابقة له. فاعتقلت وعُثر على بقايا الوقود المنزلي المخصص للاستخدام في حفلات الشواء «باربيكيو» على ملابسها. وكانت سارة تتأرجح في أقوالها وتغيّر رواياتها المرة تلو الأخرى. ثم قالت أخيراً إن الشيطان هو الذي أمرها بقتل ابنها. وقالت له: «تحسنت حالتي 100 في المائة بعد موته. شعرت بأن عبئاً ثقيلاً انزاح عن صدري لأنني لم أكن طبيعية في فترة الأشهر الثلاثة أو الأربعة السابقة لموته». وفي ختام جلسات المحكمة أجمعت هيئة المحلفين على إدانتها بينما أخلت ساحة زوجها يوسف ايغه. وقال القاضي إنه سينظر في حكم السجن المؤبد وسيصدر حكمه الأخير في مطالع العام المقبل.