هذا ما استقرت عليه نفسي «لا يوجد نصر بلا معركة ولا توجد معركة إذا لم نخضها».. لننتصر إذن. في صراعي الداخلي أحتاج حوارا صوته خافت ومنطقه قوي يعيد ترتيب أولياتي الثورية والسياسية ويبعث الأمل في أن الاستمرار في صناعة الحل ممكن في واقع من الخيبات التي تردينا صرعى ونحن بكامل أناقتنا بعد حلم كبير اسمه «الثورة».
كل شيء سار في طريق لا يشبه الطريق الذي أردته له.. لا يشبه صرختي الأولى ضد الظلم.. لا يشبه حلمي في مظلة من العدالة ووطن يحتضن الجميع ويُلامس الإنسان في مواطنته.
صدق محمود درويش حين قال: «أحيانا، يلقون عليك القبض، وأنت ترتكب الحلم»!
جاءت لحظات فضلت فيها الانسحاب من لعبة قاعدتها الغش لا أنت تفوز ولا أنت تستمتع بمراحلها المختلفة وجاءت لحظات أخرى يقوى فيها الإيمان بالصوت الذي نملكه ونحياه وأنه لا بُد لصداه يوما وإن طال أن يترك الأثر.
تابعت عن كثب كالجميع إلى أين يمضون باليمن وبنا جميعا، ورغم أننا جميعا في نفس السفينة الغارقة كان الفارق الوحيد أنهم سيتأكدون من غرقها؛ لأنهم يمتلكون قوارب نجاة، بينما نحن من حمل الصيحات الأولى لبعث الحياة في بلد حُرم كثيرا من الحياة، لا خيار آخر لنا سوى السباحة حتى تنهك قوانا.
أخبرونا أن الحل سيُولد في مؤتمر الحوار الوطني، الحدث الذي ينتظره الجميع بين متلهف لمكسب ما وشامتٍ يتطلع لاقتناص كل الأخطاء وإثباط الأمل، ومتشائم اكتفى من زور كل الوعود على شفاه الساسة وطامح بسيط أن على الجميع تحمل المسؤولية ولا ضير في السير إلى الحل والمحاولة.
هناك سباق مؤلم غير معلن وتنافس يخلو من الشرف في معظمه –للاسف- ومواقف متخبطة تعود إلى عدم النضج الثوري -كما حب تسميته- أو قد تعود إلى تسارع الأحداث التي قد لا تدع مجالا لدراسة الموقف والتقرير بشأنه بشكل موضوعي أو هادف..
يحدث أن يعلنوا مقاطعتهم للمبادرة الخليجية ثم يلعنونك أنك لم تخرج لتعطي صوتك للمرشح الوحيد في المسرحية الأكبر، يحدث أن يعلنوا غضبهم من كل لجنة شُكلت باسم الشباب وكل عضو تم اختياره ويهاتفونه في الليل سعيا لكسب مباركته أو تجميلا لأسمائهم حين يخلو مقعد في الغد في ذات اللجنة التي لعنوا بالأمس.
يحدث أيضا أنهم ينقادون لخيارات خصومهم قبل أن يدركوا ما يحدث أو أن ينسحبوا بهشاشة من حلبة الصراع عند أول ضربة تاركين للخصم فرصة ذهبية للتربع على عرش الملعب.
الخطيئة الثورية الأولى التي لم نستطع تجاوزها هي ذاتها من يستقبلنا في كل خطوة نقدم عليها أو فعل.. الشك هو خطيئتنا التي فتت روابط الثقة وهو ما يُطلق علانية حين نتحدث تحديدا عن التمثيل.
أربعون مقعدا فقط هو نصيب الشباب المستقل في مؤتمر الحوار الوطني من أصل 565 مقعدا.. لا تكفي!
حقيقة لا يعنيني العدد بقدر ما يعنيني قوة صوتهم ووضوح رؤيتهم في المؤتمر، ففي نهاية المطاف شخصية قيادية واضحة الرؤية تقود جموعا من الناس، إذن فالعدد ليس معضلة كبيرة وإن كان مجحفا.
التخوّف الذي ينتابني -وقد أتحدث هنا بقليل من التعميم- إنه تخوف المستقلين بشكل عام، هوأن يتم إدراج ممثلين من الأحزاب السياسية ضمن الأربعين مقعدا، حيث يصعب إثبات انتمائهم الحزبي في ظل عدم وضوح معايير الفصل بين المستقل وغيره.
لذا أنا مع اقتراح عضوة الجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني المستقيلة رضية المتوكل. إن الحل هو تشكيل فرق رقابة شبابية تعمل بعد إعلان أسماء لجنة الشباب المستقل ال40، وتفحص تاريخهم، حتى يثبت عليهم ما يُدين ويمنع تمثيلهم.
الصراع الذي واجهته هو ما جدوى أن نشارك في الحوار إذا كُنا لا نثق في حقيقه الأمر أن الأمور ستؤول إلى خير أو إلى ما نصبوا إليه.
استشرت من أثق في حكمهم، فأشاروا عليّ مجمعين بأن «علينا المشاركة».
«حيث لا تكون انت يكون خصمك»
قبل أن نستبق الحُكم، وأنا أعلم أن كل ما سبق لا يدعو كثيرا للطمانينة في جدية الحوار، ولكن كيف لنا أن نعلم إذا قررنا الانسحاب قبل أن تبدأ الجولة.
علينا جميعا أن نستشعر المسؤولية الواقعة على عاتقنا، وأن نكون حيث يكون لصوتنا صدى، لا يجب حقيقة أن نؤمن بجدوى الحوار الوطني قبل حدوثه، علينا فقط أن نؤمن بأنفسنا وبالقيم التي نحمل، فلا صوت أقوى من أصواتنا سيعكسها..
لكل مؤمن بقدرته على التغيير لنحلم معا كما فعلنا من قبل، لنتكاتف لصناعة الحلم.. سأتقدم لمؤتمر الحوار وسأنتظركم لتتقدموا أيضا ونضع أيدينا معا ونصنع طاولة للحوار تشبهنا.. إن تم قبولي أتطلع لدعمكم كفريق يقف خلفي وبجانبي لنصبح قوة ذات شأن، وإن لم يتم سأواصل دعمي لكم طالما نحمل ذات القيم....