ونحن مقبلون على امتحانات نصفية جديدة وبعد ثورة تصحيحية حاولت تغيير الواقع التعليمي المرير بما يسمى بثورة المؤسسات. كانت قد حامت حول المؤسسة التعليمية وما طرقت لها بابا وما وصلت حماها الفاسد او حتى ادركت الخلل المزمن للتعليم في اليمن. ونظرا لامتحانات سابقة بعد محاولة التصحيح مازلنا نجد أن التعليم لدينا يزداد سوءا وإن كنا قد عقدنا الآمال على تغيير ولو طفيف في تحسن العملية التعليمية وكي لا تبقى مشكلة الغش الفاضح والمفزع أخطر مشاكلنا المتراكمة... فهل لنا أن نتفاءل بعام دراسي نظيف من الغش بعد حملات النظافة الطلابية للشوارع المغشوشة الإسفلت وكان الأدعى أن تكون النظافة شاملة لكل أمور حياة طلابنا..
وهل لنا أن ندرك أن مشكلة التعليم وتفاقم ظاهرة الغش الممنهج لدينا لا تقتصر على الطالب الفاشل الكسول والحافز الغائب للاجتهاد المثمر.
بل يتشارك المسؤولية كلا من المسؤول عن الرقابة في الامتحانات الذي انعدم الضمير لديه وبعض الأخلاقيات المنعدمة لدى بعض المعلمين ومن ثم سياسة الوزارة الفاشلة والمجتمع المتخلف والبيئة السيئة للطلاب.
إن الطالب الذي فقد أسقط قيم الاحترام للمعلم مقارنة بزمن قم للمعلم وفه التبجيلا بزمننا الذي لسان حاله قم للمعلم نكل به تنكيلا. أو المثل المنقرض من علمني حرفا كنت له عبداً، والذي اصبح من علمني حرفاً صرت له نداً. هذا الطالب ضحية لنفسه ولمن حوله.لقد غمض عليه معنى النجاح الحقيقي.
بل تغيب لدى الطالب حب الاجتهاد وحب التعلم برمته غياباً يشعرنا بالخوف من هذا الناتج المظلم. فما سبب كل هذه اللآمبالاة وعدم الرغبة في الدراسة لدى طلابنا حتى أصبح الطالب المجتهد عملة نادرة يفرح بها المعلم كفرحة المنقب عن الآثار إذا وجد مستحثة تاريخية قد غمرها جليد الغباء والإهمال؟
هل يكمن السبب في التسعينات التي توهب للجميع ام جودة الغش وسهولته وطرقه المبتكرة حتى ان الطالب يثق بالغش اكثر من ثقته بمذاكرته للدروس وإن حفظها عن ظهر قلب؟
أم هو المعلم الذي فقد كل إحساس بالمسؤولية الضميرية والشعور بمراقبة الخالق في أداء عمله وأصبح حديث النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب إذا عمل احدكم عملا أن يتقنه). أصبح مجرد شعار ترغيبي فقط يلقنه المعلم للغير إنما لا يخصه بأي حال من الأحوال. وأصبحت بذلك الفصول مراتع لغياب أخلاقيات المعلم فهو إما مخزن مطنن في حصته. او يقوم بجلد الطلاب كأنهم في معتقل يمارس ضدهم كل صنوف الإهانة والتنكيل وليس صفاً دراسياً. او يقضي مشاويره الخاصة اثناء اليوم الدراسي او حتى يطلب الله بالموتور بين الحصص وكل هذا بتواطؤ من إدارات فاشلة تدير أسواق القات وليس مدارس تربوية.
والمعلم بذلك يفرغ كل إحباطاته المالية والنفسية على رؤوس الطلاب والذي بدورهم سيكونون الأسوأ مستقبلا كمخرج تعليمي..
إن مشكلة الغش هي إحدى الأمراض المستعصية في المجتمعات الفاشلة والذي لن تخف او تنتهي حدته إلا بتكاتف جماعي وتوعوي على أعلى المستويات..يشارك فيها الأهل والمدرسة والإعلام والوزارة والرقابة وكل من له صلة قريبة او بعيدة.
وليعاقب الغاش عقابا رادعا أوضحه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (من غشنا فليس منا) وهذا العقاب يعتبر نفي قسري ومؤدب للغاش وليس تمييزا له على وزن من غشنا اصبح أفضل منا.