كلمة الولاء لا يفهم معناها الحقيقي إلا عدد قليل جدا من الناس ولا يدركها بوصفها محور كل الفضائل، والواجب الرئيسي بين كل الواجبات كما يقول "جوزايا رويس " ولكي يستطيع المرء أن يدرك هذا المعنى الاصيل عليه ان ينقى الكلمة من كل الشوائب التي علقت بها . والولاء لا يمكن أن نفهمه بعيداً عن العادات والممارسات السائدة في الدولة والمجتمع فالولاء نفسه يرتبط ارتباطاً وثيقا بالقدوة والممارسات التي تعزز دوره لدى الفرد والمجتع إذ أنه مبدأ أخلاقي يمثل كل الفضائل والواجبات الرئيسية والمثل العليا. وهو قديم قدم الزمن ... ومفهومه مغروس في نفوس الافراد قديما وحديثا إلا أن مفهوم الولاء السياسي اليوم قد جرد من معناه الحقيقي اذ يزداد الولاء عند الفرد ويتعمق نحو الدولة بالقدر الذي يعكس اهتمام الدولة أو النظام بهذا الفرد وبقدر شعور الفرد بالمساواة في كل مناحي الحياة وخاصة "ما يمس حياته اليومية والمعيشية وما يمس مستقبله ومستقبل اولاده " فبالقدر الذي يعطى للفرد بالقدر الذي يعمق هذا الولاء وهي مصلحة متبادلة، ولو انها في الأساس واجب من واجبات الدولة القائمة على مصلحة الناس وليست هبة . فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته. وفي بلدنا نجد أن ولاء القبيلي لشيخه أقوى من ولائه لدولته ونظامه لأن الشيخ في أسوأ الأحوال لا يخذل رعيته. والمشكلة التي تواجهنا اليوم هو اتهام الآخر بعدم الولاء والتخوين (لكن سوقها رائج عند الذين يتهمون الآخرين). فالإنسان الذي" يرفع صوته مطا لبا بحقوقه ومساواته " عند سلطان جائر يجرد من صفة الولاء الوطني عند هؤلاء ويوصف بأنه شخص تضررت مصالحه في الوقت الذي نرى أن مدعي الولاء والوطنية بمجرد ان يزاح من منصبه يرفع شعار( المباهلة ) مع النظام وينكشف زيف ادعائه بالولاء والوطنية بمجرد الاستغناء عنه من منصبه لأن ولاءه لم يكن نابعا عن صدق. فالقول بإعادة النظر في صياغة المناهج الدراسية وعلى وجه الخصوص ( التربية الوطنية والتاريخ ) هو الحل لغرس الولاء الوطني مقولة في غير محلها. فهذا الذي يتبنى مثل هذا الرأي هو نفسه قد تعلم في مراحله الأولى من هذه التربية الوطينة والتاريخ . فكيف تعمق مفهوم الولاء عنده دوه غيره؟! لكنه نسي القدوة التي هي الأساس لتعميق الولاء وهي ما نفتقدها اليوم فهذا الطالب سيتخرج بعد صياغة التربية الوطنية والتاريخ وبعد أن يحفظ مفهوم الولاء الوطني عن ظهر قلب سيجد التناقض بين الواقع والمثاليات التي درسها. ياسيدي العزيز ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن فإن كنا نريد ولاء وطنيا صادقا باخلاقياته وتنقيته من الشوائب لابد ان يُتوِجهُ قانون يسرى على الجميع . .. فلو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. فالفساد في طول البلاد وعرضها ثم تنادون بالولاء الوطني مسخرة واي مسخرة . فالولاء الوطني هو العمل على الحفاظ على سمعة الوطن قولا وفعلاَ والتضحية من أجله في المنشط والمكره وفي السراء والضراء وان يتساوى الجميع امام القانون . ويتم القضاء على كل مراكز القوى التي جعلت الانسان اليمني يفر من كلمة الولاء بمفهومكم فرار الانسان من المجذوم فهل هناك من مسئولينا من يتساوى هو وابناؤه مع بقية المواطنين في الحياة والتعليم والصحة والرفاه؟ وهل يعنى ان الذين يعرفون الولاء (هم الشبعانين) وأما " الجوعانين " فناقصي ولاء؟! نحن لا نعرف أهمية الولاء الا في الازمات والحروب لكنه يغيب عن بالنا في السراء . لماذا لا نعمل على تثبيت الولاء عمليا بمحاربة كل ما يضعفه من تصرفات وفساد وظلم ؟ أتريدون الولاء من أناس بائسين لا يجدون لقمة العيش ومحاربين في أرزاقهم ومعايشهم. ياسيدي إن ابناء اليمن لا يستطيعون الوصول الي المدارس الحكومية رغم سوئها وتريد منهم الولاء. ان الولاء الذي تقصدونه ليس الولاء الذي يفهمه خلق الله فانظروا الي اولئك الذين كانوا يرفعون شعارات الولاء وهم يتربعون في كراسي المسئولية في وزارات وسفارات ومؤسسات لم يطيقوا العيش في بلدهم وجعلوا الولاء وراء ظهورهم وغادروا أوطانهم للعيش خارجها لماذا لم تنتبهوا لولاء هؤلاء وهم جزء منكم وتعيدوا حساباتكم وتراجعوا مواقفكم وأخطاؤكم فأنتم أول الهاربين في الملمات. فا ليمن هو أخيرا عندكم ومصالحكم هي أولا.