قالت صحيفة غارديان البريطانية إن قرار فرانسوا هولاند رئيس فرنسا شن الحرب ضد "المسلحين الإسلاميين" في مالي أثر وسيؤثر كثيرا على الوضع الداخلي غير المستقر في الجزائر. وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتبة نبيلة رمضاني أنه من غير المستغرب، إذا أخذنا في الاعتبار تاريخ الجزائر العنيف، ألا تنتهي أزمة الرهائن في عين أميناس بحمام دم. وقالت الكاتبة كان من الواضح غياب أي محاولة للتفاوض. فقد ذكر شهود العيان أن الخاطفين والمخطوفين جميعهم قُصفوا بنيران البنادق الآلية. وأضافت أن مختار بلمختار، الذي يُقال إنه خطط للهجوم على مرفق النفط التابع لشركة بي بي البريطانية، تجسيد حي لقصة الجزائر التي شملت أكثر النزاعات الاستعمارية عنفا وتدميرا وحربا أهلية أودت بحياة 250 ألف شخص. وأشارت إلى أن إلغاء الجيش الجزائري انتصار الإسلاميين في انتخابات 1992 تسبب في الحرب الأهلية التي أصبحت تسم الجزائر الحديثة. وقالت إن ميراث العنف الجزائري الأقوى من أي عنف آخر سيجعل البلاد ميدانا مناسبا بشكل مأساوي لما يُسمى ب"الحرب على الإرهاب".
ومضت نبيلة رمضاني تقول إن رجالا مثل بلمختار هم نتاج عقود من المرارة والكراهية التي انفجرت، ممثلة في عين أميناس، في وجه الوعي الغربي. وقالت أيضا إن المجموعات المسلحة في المنطقة نمت بعيدا عن مراقبة الغرب، الذي ركز اهتمامه على مسارح أخرى مثل أفغانستان، والعراق والصومال. وأشارت إلى أن التعاون الذي أبدته الجزائر مع الغرب، وخاصة مع فرنسا في أزمة مالي، يثير الفضول. وأوردت أن لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا قال يوم الأحد الماضي إن الجزائر سمحت للمقاتلات الفرنسية باستخدام مجالها الجوي لشن هجمات على مالي. "كما يؤمل أن تدعم الجزائر الحملة الفرنسية بمنع المسلحين من الهروب من شمال مالي". وذكرت الكاتبة أن هذا التعاون جاء عقب محاولات فرنسية متدرجة لفتح صفحة جديدة في علاقاتها الباردة بالجزائر. فقد زار هولاند الجزائر الشهر الماضي واعتذر عن الأضرار التي ألحقتها بلاده بها خلال استعمارها الذي استمر 132 سنة. وكان هولاند قد دعا إلى تطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين. وقالت الكاتبة من الواضح أن تعاون الجزائر بشأن مالي كان خطوة من عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجزائر للرد على عرض الصداقة من قبل هولاند. وقالت إن بوتفليقة يعتقد أن مستقبل بلاده يكمن في المشاركة المتزايدة في الاقتصاد العالمي الحر، وخاصة التجارة مع جيرانه من الدول الغربية. "أما التعاون المحدود في الحرب ضد المتمردين المسلحين في مالي فيُعتبر وسيلة ضرورية نحو مستقبل اقتصادي أفضل". واختتمت رمضاني مقالها بأن من الواضح أن هذه التطورات في العلاقة بين الجزائروفرنسا قد أثارت غضب المجموعات المسلحة التي ستستمر في استهدافها المصالح الغربية بعنف أكبر، وبالتالي ستكتب فصولا جديدة في تاريخ الجزائر العنيف والمحزن.