أوصى استبيان للمركز اليمني لقياس الرأي العام بضرورة أن تحسن أجهزة الشرطة أدواتها باحترافية لكي تكسب ثقة المجتمع. وأظهر الاستبيان الميداني الذي استهدف (2000) مبحوث من مختلف المحافظات (ذكوراً - إناثاً) أن ما نسبته (48.22%) من عيّنة المبحوثين أفصحوا عن أداء غير فاعل على الإطلاق لأجهزة الشرطة في مناطقهم، مقابل (14.22%) قالوا إن هذه الأجهزة فاعلة بشكل إيجابي، فيما توزّعت بقية النسبة بين القول إن أجهزة الشرطة فاعلة بشكل سلبي وأنها لا فاعلة ولا غير فاعلة، إنه لم يُعرف أو يُسمع عنها.
ووفق تراتبية عكسية لما سبق، يؤكد الاستبيان أن أجهزة الشرطة لا فاعلة ولا غير فاعلة في كل محافظة على حدة، تليها فاعليتها بشكل إيجابي ثم فاعليتها بشكل سلبي.
وكشف الاستبيان على صعيد عامل الثقة بالخدمات التي تقدّمها أجهزة الشرطة عن نسبة مرتفعة تفيد بمحدودية الثقة بخدمات هذه الأجهزة، حيث أظهرت النتائج أن (43.82%) من المبحوثين أكدوا أن ثقتهم بخدمات الشرطة محدودة وقليلة مقابل (28.38%) أفادوا بأن ثقتهم بخدماتها كبيرة جداً، وفيما (15.73%) قالوا لا توجد ثقة على الإطلاق فإن بقية النسبة توزّعت بين الإفادة بعدم معرفة شيء من هذا وبين رفض الحديث عنه.
وبنحو تفصيلي في المحافظات، يكشف الاستبيان في هذا السياق أن محافظة مارب تحتل النسبة الأعلى في عدم ثقة المواطن هناك بخدمات أجهزة الشرطة، تليها محافظات «حضرموت، لحج، الجوف، حجة، الضالع، عدن، ذمار، المحويت، عمران، إب، الحديدة، ريمة، صعدة، تعز، وصنعاء».
كما ينقل الاستبيان أن نسبة (77.87%) من عيّنة المبحوثين (وهي النسبة الأعلى) أرجعوا عدم ثقتهم بخدمات أجهزة الشرطة إلى أسباب الفساد والمحسوبية والوساطة والرشوة».. إلخ، وأن نسبة (1.02%) أوضحوا أن «غياب الرغبة في قيام الشرطة والأمن بالواجب (غياب الحس) يعد سبباً لعدم ثقتهم بها وبخدماتها، وتعزو النسبة المتبقية الأمر إلى «جاهزية الشرطة مادياً وبشرياً بما فيه الكفاية وأشياء أخرى».
وفي جانب من نتائجه أيضاً، كشف الاستبيان عن تعاطف عيّنة المبحوثين مع الظروف الوظيفية والمعيشية البائسة للعاملين في أجهزة الشرطة والأمن، إذ تظهر النتائج أن نسبة (77.83%) أكدوا عدم عدالة المرتّبات التي يستلمها أفراد الشرطة العاديون.
مقابل (7.99%) قالوا إنها عادية على أن نسبة (53.05%) من المبحوثين أبدوا موافقتهم للمقترح الذي يفيد بأنه إذا رفعت الحكومة مرتبات أفراد الشرطة، سوف يكونون أقل فساداً، فيما (20.61%) أوضحوا أن ذلك سوف يساهم إلى حدٍ ما، لتأتي بقية النسبة بين من لا يعتقد في جدوى ذلك وبين من لا يعرف.
وعلى صلة بمستوى الفساد في أجهزة الشرطة والأمن أظهر الاستبيان في نتائجه أن التقدير المرتفع للفساد في هذه الأجهزة كالتالي: المحاكم (38.7%)، والسجون (30.6%)، والنيابة (28.2%)، ومراكز أقسام الشرطة (32.3%)، والنجدة (19.5%)، والأمن المركزي (21.2%).
وكمقاربة لأحد أشكال هذا الفساد (الرشوة) تقول نتائج الاستبيان إن (317) شخصاً من عيّنة المبحوثين أفادوا بنسبة (46.1%) بأن أقسام الشرطة طلبت الرشوة خلال العام الماضي تليها أجهزة الأحوال المدنية (20.77%) والبحث الجنائي (6.71%) والأمن المركزي (5.75%) والنجدة (0.96%).
وفي تقدير عام لأداء مراكز وأقسام الشرطة للعامين الماضيين، أوضح الاستبيان عن (486) من عيّنة المبحوثين، وهم ممن زاروا أقسام الشرطة، أن نسبة (23.66%) أفادوا بانطباع سيِّئ جداً لأداء هذه الأقسام مقابل (26.75%) أفادوا بأنها سيئة إلى حد ما، فيما توزعت النسبة المتبقية بين إفادات: «لا جيّد ولا سيّئ»، «جّيد إلى حدٍ ما» و«جيّد جداً» و«لا أعلم».
وفي سياق البحث عن فاعلين غير حكوميين في مجال الأمن، يصل الاستبيان إلى نتائج تؤكد «أن تحقيق الأمن في البلاد يتطلب إشراك فاعلين غير حكوميين في هذا المجال، وفي كثير من المناطق، ولكن هذا الإشراك لا ينبغي أن يكون مكملاً لدور المؤسسات الرسمية».
لقد أظهرت نتائج الاستبيان أن نسبة (41.1%) يرون أن الطرف الوحيد الذي يعمل على تحقيق مظاهر الأمن في المناطق هم السكان المحليون أنفسهم، وأن عامل الحكومة والدولة يأخذ ما نسبته (4.1%) ناهيك عن أطراف أخرى: «شيوخ قبائل (22.2%) الشرطة (21.9%) العاقل (19.6%)، الشخصيات النافذة (7.6%)، القبائل (4.8%) اللجان الشعبية (4.1%)، علماء الدين (2.9%) الجيش (1.9%) الحوثيين (1.2%) المحافظ / مدير المديرية (8%)، الحراك الجنوبي (7%)، القاعدة وأنصار الشريعة (3%)».
ووفقاً لنتائج الاستبيان فإن التعامل مع «شيوخ القبائل» يحوز على أعلى معدل في تعامل المواطنين مع مشاكلهم أو حوادثهم الأمنية وبنسبة (31.06%)، يلي ذلك وبمعدل موحّد لعاملي العاقل و«الشرطة والأمن»، وبنسبة (23.19%)، فيما تذهب بقية النسبة لصالح «الوجاهات الاجتماعية» وجهات أخرى، ثم الحكومة، وإمام الجامع ثم الجيش.
ويشير الاستبيان في هذا المنحى إلى أن (50.48%) لا يعتقدون بأن مهمة توفير الأمن يجب أن تكون على يد الدولة وحدها، لكن (44.75%) يعتقدون في ذلك و(4.7%) لا يعلمون في هذه المسألة.
كما تفيد النتائج بالقبول بمشاركة جهات غير حكومية في مهمة حفظ الأمن وفي مقدّمة هذه الجهات وأكثرها ارتفاعاً في نسبة القبول بها هي كالتالي «المشايخ، والشخصيات الاجتماعية، واللجان الشعبية، ومنظمات المجتمع المدني».
وبصورة عامة تظهر النتائج أن نسبة (38.88%) يرون أن الأوضاع الأمنية الراهنة تسوء مقابل (38.18%) يرون عكس ذلك، ويقولون إنها تتحسن، فيما (22.95%) يرون أنها لا تتحسن ولا تسوء، غير أن نسبة (32.2%) يؤكدون أن جهود مكافحة الإرهاب تسير نحو التحسن مقابل (20.59%) يؤكدون أنها تسوء، فيما بقية النسبة تتوزع بين وجهة النظر التي تفيد بأنها لا تتحسن ولا تسوء وبين من لا يعرف عن هذه المسألة.
وبصورة تفصيلية على صعيد الأوضاع الأمنية في المحافظات فتكشف نتائج الاستبيان تصدر محافظات: ماربوالجوفولحجوشبوةوحضرموت، قائمة المحافظات الأكثر تدهوراً وسُوءًا في أوضاعها الأمنية مقابل تصدر محافظات: المحويتوذماروصنعاءوالبيضاء والضالع والمهرة قائمة المحافظات الأكثر استتباباً في أوضاعها وظروفها الأمنية.
ويخلص الاستبيان في تقصّيه لمسألة «النساء والأمن» إلى التأكيد على أن عملية الإصلاح في قطاع الشرطة ينبغي أن يأخذ في الاعتبار الاحتياجات التي تتطلبها النساء والفتيات عن طريق توظيف عدد أكبر من النساء في قطاع الشرطة كي تتمكن هذه الأجهزة من تقديم خدمة أمنية تناسب الظروف الاجتماعية للنساء ووضعهن الخاص في المجتمع.
كما أوصى الاستبيان بأهمية الحاجة إلى الأخذ بالتنوع الجغرافي والاجتماعي في البلاد في عملية إصلاح قطاع الشرطة.