شهدت محافظة حجة في الفترة الأخيرة توترا في العلاقات بين قيادة السلطة المحلية ممثلة بالمحافظ علي بن علي القيسي والحكومة وصلت إلى اتهام وسائل إعلام للقيسي بقيادة وصفوه ب«التمرد» بعد رفضه قرارات حكومية قضت بتعيين مسؤولين تنفيذيين للمحافظة. قبل أشهر قليلة كان المحافظ ذاته يواجه نفس العقبة حيث كان القيادي المؤتمري فهد دهشوش الطامح لمنصب المحافظ يقود تمردا ضد المحافظ ويحتل مبنى المحافظة رفضاً لقرار تعيين القيسي.
المحافظ: القرارات مخالفة لقانون السلطة المحلية بمجرد صدور قرارين، الأول بتعيين مدير عام لمكتب المالية في حجة، والثاني بتعيين مدير أمن المحافظة امتشق المحافظ القيسي قانون السلطة المحلية ليرفعه في وجه القرارات التي صدرت ضدا على رغبته، حيث يؤكد رفضه لتلك القرارات التي تتعارض وقانون السلطة المحلية رغم أن تعيينه في منصبه بقرار هو أصلا ضد القانون الذي يتحدث عنه، وكان يتحجج به دهشوش قبل أشهر. حيث ينص القانون على انتخاب المحافظين من قبل أعضاء المجلس المحلي بينما القيسي تم تعيينه بقرار من صنعاء.
النقطة الثانية بحسب الناشط في حجة أحمد فراج الخميسي أن أعضاء السلطة المحلية الذين ينص القانون على موافقتهم على التعيينات قد انتهت فترتهم القانونية وباتت المجالس المحلية تعمل خارج إطار القانون.
ويعلق الخميسي «بالإضافة إلى أن المبادرة الخليجية التي جاءت بموجبها حكومة الوفاق قد حلت محل الدستور والقوانين النافذة في البلاد بما فيها قانون السلطة المحلية الذي يتعلق به المحافظ لرفض القرارات التي لا توافق رغباته ولا تخدم تحالفاته الجديدة والمشبوهة». حسب تعبيره.
الملفت في الأمر هو عدد المذكرات والتوجيهات الصادرة عن المحافظ القيسي إلى الحكومة في صنعاء والتي تعزز رفضه المتوالي لقراراتها.
المداني.. «مثير للفتنة» إصرار المحافظ على رفض قرار تعيين مدير الأمن رغم صدور قرار رئاسي عام 2002 ينص على أن الشرطة هيئة سيادية ولا علاقة للسلطة المحلية بالتعيينات فيها، دفعه إلى الخروج عن اللياقة الدبلوماسية إلى العداء الشخصي بينه وبين المدراء الجدد الذين عينتهم الحكومة وخصوصاً مدير الأمن.
ففي مذكرة وجهها المحافظ القيسي إلى رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والدفاع وصف مدير الأمن المعين عبدالملك المداني بأنه «مثير للفتنة»، وأن المحافظة تشهد توترا بسبب وصوله لمزاولة عمله الجديد.
لم يحالف القيسي الحظ وهو يتحدث عن الرأي العام الذي أثاره القرار والتوتر الحاصل في المحافظة أيضا، في ذلك الوقت كان المئات من أبناء المحافظة قد خرجوا في موكب مهيب لاستقبال مدير الأمن المعين وقاموا بحراسته ومرافقته بعد أن تخلت سلطة المحافظ عن مطاردة المتقطعين وحماية المواطنين.
بعد انتشار المسلحين الذي يعتقد أنهم ينتمون إلى المؤتمر الشعبي العام، وجهت وزراة الداخلية أمن المحافظة بحراسة المداني ومرافقته لكن القيسي منع نائب مدير الأمن من القيام بأي تحرك إلا بأمر شخصي منه حسب المذكرة التي حصل عليها «المصدر أونلاين».
الوفاق الوطني وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية فإن حزب المؤتمر الشعبي العام لا يزال يحتفظ بنصيب الأسد في حكومة الوفاق الوطني مع أحزاب التحالف الوطني التي يترأسها ومع ذلك فإنهم يلجأون للسلاح للتعبير عن رفضهم لقرارات السلطة.
فقد كشفت وزارة الداخلية بعد محاولة اغتيال مدير أمن المحافظة المعين عبدالملك المداني عن المجموعة المسلحة التي استهدفت المداني أنها تتبع رئيس فرع المؤتمر بالمحافظة فهد دهشوش، والمجموعة الثانية كانت متمركزة في منزل الشيخ المرحوم مجاهد أبو شوارب.
إطلاق الرصاص على مبنى الأمن يأتي ضمن مخطط كان قد أعد مسبقاً في المحافظة استباقا لوصول المداني، مصادر تحدثت عن انتشار مسلحين قيل إنهم قدموا من مناطق عدة، بعضهم يتبعون جماعة الحوثيين جاءوا بعد لقاء جمع القيسي مع قيادات في الجماعة لتعزيز رفض القرارات. حسب اتهامات معارضي المحافظ.
وهو ما حدث بعد ذلك فقد خرجت مظاهرة وصفها المحافظ في مذكرة وجهها للحكومة بأنها «حاشدة» تندد بالقرار، في تلك المظاهرة تتحدث مصادر محلية عن عشرات المشاركين كانوا يحملون أسلحة.
المالية والأمن مالية حجة نقطة خلاف أخرى تواجه المحافظ القيسي، فقد عين وزير المالية صخر الوجيه في يناير مديرا جديدا لمكتب مالية حجة وقوبل أيضا برفض المحافظ بنفس التعليلات بقانون السلطة المحلية، لم يأت الرد على القيسي هذه المرة من الوزير نفسه بل من نيران ربما اعتبرها أنها صديقة فقد رد محافظ البنك على مذكرة من القيسي بالتوجيه إلى فرع البنك بعدم التعامل مع المدير الجديد، فرد عليه الأخير بأن القانون المالي ينص على أن لوزير المالية الحق في تعيين تلك الوظائف.
استطاع القيسي التحايل هذه المرة على قرار المالية واتهم الوزير بإلغاء الخطة الاستثنائية للمحافظة وهو ما نفته الوزارة في وقت لاحق، وبحسب مذكرة من المالية للرد على القيسي أثبتت وجود اختلالات في مالية حجة وأن مستحقات الصندوق المدعومة ب20 مليون ريال سنوياً تذهب في أغراض غير مخصصة كما بينته الوزارة وأن عجز الصندوق بلغ في العام الماضي 22 مليون ريال كما بينته المذكرة.
لماذا حجة بالذات؟ تبدو محافظة حجة على درجة عالية من الحساسية والأهمية نظرا لموقعها الحدودي مع السعودية بالإضافة إلى كونها تطل على الساحل الغربي للبلاد، ومجاورة لمحافظة صعده التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين وتطمح إلى السيطرة الكلية على محافظة حجة. وقد شهدت العامين الماضيين مواجهات ضارية بين مسلحين حوثيين وقبائل يرفضون تمدد سيطرة الحوثي على المحافظة.
حيث يرى الناشط أحمد فراج ان «ما يدور في محافظة حجة هو مخطط يجري التنسيق له بين رموز النظام السابق وبين الحوثيين بأوامر تصدر من صالح، وبعد تشديد الأمن في سواحل الحديدة توجهت أنظار بقايا النظام إلى سواحل حجة» التي قال عنها أنها «مفتوحة لتهريب الأسلحة والمخدرات»، مضيفا «هم يريدون إخراجها عن سلطة الدولة»، متسائلا «لمصلحة من عمل ذلك؟».
الشهران الأخيران من العام الماضي أحبط رجال الأمن العشرات من عمليات تهريب الأسلحة على مستوى البلاد وهو ما زاد من قلق الحكومة من وصول تلك الأسلحة إلى جماعة الحوثيين المسلحة، فسقوط محافظة أخرى تحت سيطرة تلك الجماعات هو الأمر الذي يزيد من تخوف الحكومة، خاصة مع تزايد صفقات الأسلحة المهربة التي أكد مسؤول أمني في إحدى المحافظات أن معظم تلك الشحنات كانت في طريقها إلى صعدة، كما أن موقع المحافظة الحدودي والذي يقع فيه المنفذ البري الوحيد مع السعودية يزيد من حرص الحكومة خاصة في أمن المحافظة في سباق مع الزمن خوفا من استغلال نافذين مواليين للنظام السابق مواقعهم في السلطة لإقلاق المملكة.
كيف التقى القيسي ودهشوش في إبريل الماضي أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي قراراً عين فيه علي بن علي القيسي محافظاً لمحافظة حجة في سلسلة تغييرات بدأها هادي بعد إطاحة الثورة الشبابية السلمية بالنظام السابق وفي إطار مرحلة التوافق الوطني. القيسي الذي ينتمي لحزب المؤتمر الشعبي العام قوبل بالترحيب من قبل أحزاب اللقاء المشترك، بينما وقف ضده رئيس فرع المؤتمر في المحافظة فهد دهشوش واحتل مسلحوه مبنى المحافظة، بينما التقى الطرفان اليوم ليشكلوا فريقا واحداً لرفض أي قرارات تأتي من صنعاء.