غيل بن يمين وادي الإرهاب الخفي وملاذ للجماعات المتمردة والإرهابية    ناشطون: الموساد يُدير معركة حضرموت    احتجاجات واسعة في مقديشو تنديدًا باعتراف العدو الصهيوني بإقليم أرض الصومال    المنتخبات المتأهلة إلى ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية 2025    الشرعية حين تتحول من مبدأ قانوني إلى أداة تعطيل    لسنا بنادق للإيجار.. كاتب جنوبي يؤكد الشراكة مع التحالف ويحذر من استهداف قضية الجنوب    أكد موقف اليمن الثابت مع الصومال ضد العدو الاسرائيلي .. قائد الثورة: أي تواجد إسرائيلي في إقليم أرض الصومال سيكون هدفاً عسكرياً لقواتنا المسلحة    نائب وزير العدل يتفقد تجهيز مقرات المحاكم الابتدائية المنشأة حديثًا بأمانة العاصمة    وزارة الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    حمداً لله على السلامة    الإفراج عن 108 سجناء من الحديدة بمناسبة جمعة رجب    خلال تدشينه مشروع التحول الإلكتروني لصندوق التقاعد الأمني .. اللواء المرتضى: المتقاعدون يستحقون الاهتمام فقد أفنوا سنوات طويلة في خدمة الوطن    صحيفة بريطانية: توترات حضرموت تنذر بانفجار صراع جديد يهدد مسار التهدئة في اليمن    المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام ينفذ عمليات واسعة لإتلاف مخلفات العدوان بمحافظة الجوف    إيمان الهوية وهوية الإيمان    تكريم البروفيسور محمد الشرجبي في ختام المؤتمر العالمي الرابع عشر لجراحة التجميل بموسكو    مرض الفشل الكلوي (34)    حين يكون الإيمان هوية يكون اليمن نموذجا    الهوية والوعي في مواجهة الاستكبار    الدكتور هادي دلول أستاذ العلاقات الدولية والمستشار في الفيزياء النووية في طهران:نبارك اتفاق إطلاق الأسرى في اليمن وتنفيذه متوقف على مصداقية الطرف الآخر والتزامه    الطبيب الخزان يشكو ما تعرض له في مبنى قضائي بصنعاء للنائب العام    فلسطين الوطن البشارة    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    العليمي يشن الحروب على الجنوب لحماية سرقاته لنفط شبوة وحضرموت    العرادة يدشن حزمة مشاريع خدمية وتنموية لتعزيز البنية التحتية في مأرب    الشؤون الخارجية بالانتقالي تبحث التعاون مع المفوضية السامية وتؤكد احترام المجلس لحقوق الإنسان    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على سقطرى والسواحل والمرتفعات المحاذية    منذ أكثر من شهر.. مليشيا الحوثي تمنع دخول عشرات الشاحنات المحملة بمادة الأخشاب    ميلان يقسو على فيرونا بثلاثية ويعتلي صدارة "الكالتشيو" مؤقتاً    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة غدا لبحث الاعتراف الإسرائيلي ب"أرض الصومال"    ورشة حول الصحة والسلامة المهنية بصنعاء    بيان مليونية سيئون يجدد التفويض للرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب العربي    أمين العاصمة يتفقد أعمال صيانة شارع سبأ بمشاركة مجتمعية    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    هروب    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفاصيل الكاملة لانفجار مستودع ذخيرة في اللواء 25 بعبس
نشر في المصدر يوم 09 - 02 - 2013


عبس - بسيم الجناني
في تمام ال5 والنصف فجرا، وبينما كانت «عبس» تصلي الفجر، انفجر مخزن اللواء 25 ميكا، الضخم والمليئ بالأسلحة والذخائر.

بدأت الكارثة، بحريق شب داخل مخزن السلاح، الواقع الى الجهة الشمالية من المعسكر، ثم صاحب اشتعال الحريق أصوات مفرقعات ورصاص، لتبدأ الانفجارات المدوية تهز أرجاء بلدة عبس، كما لو أن معركة جبارة وقعت.

لمشاهدة صور مثيرة من داخل اللواء اضغط هنا
يقع المعسكر بالقرب من البيوت، وأمطرت القذائف وصواريخ الكاتيوشا الهاون، وشظايا الحديد والمعدات الصلبة، كل الاتجاهات، وكانت تحط فوق أسطح المنازل وتتطاير إلى خارج أسوار اللواء 25 ميكا.

كان المشهد عنيفا لدرجة أن الجنود والضباط تسمروا في أماكنهم، ولم يجرؤوا على الاقتراب من المخزن المتدفق بالجحيم والملتهب، وكان الدخان يغطي سماء عبس، ويحجب الرؤية، وبقي لساعات.

كانت «عبس» تصلي الفجر، لحظة وقوع الكارثة، وكان الطفلان مستشار ومحمد يغطان في نوم عميق
يعد هذا ثاني انفجار لمخزن تسليح المنطقة الشمالية الغربية، بعد انفجار سابق في مخزن رئيسي هز العاصمة صنعاء، العام الفائت، وفي المنطقة العسكرية الجنوبية، وقع انفجار آخر، في عدن قبل عدة اشهر.

كان الجنود يصلون الفجر تلك اللحظة، وكانت إحدى الدوريات القريبة من المخزن، تشاهد مذعورة، ولم تتقدم خوفاً من حدوث الانفجار، وهم يشاهدون الحريق وأصوات الرصاص تتسارع، وقرروا الانسحاب على الفور من المنطقة المحيطة بالمخزن، خوفا على حياتهم.

10 دقائق فقط، استمر الحريق، وبدأ دوي الانفجارات العنيفة يهز أرض المعسكر الشاسعة، وتقذف مدينة «عبس» بلا رحمة، ثم امتدت النيران إلى الذخائر، وانطلقت عشرات الصواريخ والقذائف المجنونة، مسببة حالة من الهلع والرعب داخل المعسكر وخارجه، وتساقطت بعنف الى داخل المعسكر وخارجه.

عاش سكان مدينة «عبس» أوقات رعب حقيقية، كون منازلهم تقع على بعد أمتار من المعسكر، وهو ما أسفر عن مقتل طفلين من سكان المدينة، هما الطفل مستشار طاهر لطف الريمي (4 سنوات)، وشقيقه محمد طاهر ويبلغان من العمر سنتين، وإصابة جدهما بجروح بعد سقوط صاروخ «كاتيوشا» على المنزل، وهم نيام.

في البداية حريق استمر ل10 دقائق، ثم اندفعت القذائف والصواريخ المجنونة تقصف مدينة «عبس» بلا رحمة، وتتدافع في كل الاتجاهات داخل المعسكر وخارجه
استمرت الانفجارات ساعات طويلة، حتى عقب وصولنا إلى المعسكر، حيث استمرت الانفجارات بشكل متقطع. وعند دخول عشرات الجنود المخزن، بعد توقف الانفجارات لتجميع مادة النحاس من مخلفات القذائف لغرض بيعها، انفجرت خلالها قذيفة تسببت بإصابة ثلاثة جنود ممن دخلوا لمحيط المخزن، وعاودت خلالها سلسلة من الانفجارات، عشرات القذائف التي لازالت تملأ المكان.

إحدى القذائف سقطت في طرف المخزن الخاص باللواء، والواقع في الجهة الجنوبية للمعسكر، ولكن سارع الجنود لإخماد الحريق في الحال وبأقصى سرعة، وهو ما كان سيتسبب بوقوع كارثة حقيقية لوجود ذخيرة حديثة وضخمة داخل مخازن اللواء بعكس الذخيرة التي انفجرت بمخزن المنطقة الشمالية، حيث أن عدداً كبيراً من الصواريخ في المخزن المنفجر، كما أفاد الجنود، لم تكن «فيوزاتها مشبوكة وجزء كبير منها مخزن منذ سنوات طويلة، وهو ما خفف من وقوع كارثة كانت ستُنهي خلاله اللواء بأكمله».

وتسبب انفجار المخزن بخسائر في المباني والمرافق التابعة للواء شملت تلف دبابة كانت بالقرب من المخزن وتدمر الورشة الفنية واحتراق كامل معداتها، وتدمر البنشر ومعداته، وتدمر قسم البطاريات، واحتراق عربتين أصيبتا بصواريخ. إحدى تلك العربتين أصطدم بها صاروخ، وكان متجها الى مقر قائد اللواء بشكل مباشر وبداخله عشرات الجنود.

وأتلفت عدد من المولدات والمواطير كانت على متن إحدى العربات قدرت قيمتها بستة ملايين ريال، كما أتلفت العديد من باصات وسيارات اللواء وأحدثت أضرارا في المباني والهناجر، وبعض المعدات.

أحد الجنود: «رأيت وأنا في ساحة المسجد لصلاة الفجر، شرارتين تهبطان على محيط المخزن، قبل الانفجار». ويعتقد عدد من الجنود أن الحادث مدبر. قائد اللواء: «سنحقق في الأمر وسنكشف الأسباب»
الأضرار الفادحة كانت من نصيب سكان «عبس»، كما تسبب سقوط الصواريخ على المنازل في مدينة عبس بخسائر مادية كبيرة وأضرار في المنازل.

تتضارب الأنباء حول مسببات هذه الكارثة، ويرى بعض الجنود أن التوقيت المتزامن مع انشغال الجنود بأداء صلاة الفجر لم يكن حادثاً عرضياً «بل فعلا مدبرا». ويروي أحد الجنود ممن كانوا بساحة المسجد وقت صلاة الفجر بأنه رأى شرارتين تهبط على محيط المخزن قادمة من خارج اللواء قبل احتراقه، وهو ما يؤكد بان الحادث مدبر، حد قوله، وأن أيادي خارجية استهدفته، مشيراً الى أن المخزن يعتبر الرئيسي لتسليح المنطقة الشمالية الغربية التابع، لما كان يعرف من قبل بالفرقة الأولى مدرع وقائدها اللواء علي محسن الأحمر، والمخزن يحتوي على «قذائف دبابات، وفركان طائرات، وكاتيوشا، ومدفعية، ودانات».

كما أن نداءات سكان مدينة عبس أثناء الحادثة التي وصلت إلى عمليات أمن محافظة الحديدة، كانت تشير إلى وقوع هجوم بالصواريخ على اللواء 25 ميكا من خارجه، بحسب بلاغاتهم «وأن الصواريخ من داخل اللواء تتساقط على المنازل، وعدداً كبيراً منها لم ينفجر وهو ما خفف من وقوع كارثة إنسانية لسكان مدينة عبس».

جنود آخرون يروون تفاصيل عن احتراق ناجم عن «فعل فاعل بدأ بالاحتراق وامتد للذخائر متسبباً بانفجار المخزن»، ويذهب البعض للقول بأنه «ماس كهربائي نجم عنه اشتعال للنيران وامتدت لبقية المخزن». وتبقى جميع الشواهد والروايات غير نهائية ولا حاسمة.

قذيفتان اصطدمتا بعربتي صواريخ، وكانتا متجهتين صوب مقر قيادة اللواء، وبداخله عدد من الجنود
قائد اللواء العميد ركن علي جازع حيدره تفقد الأضرار التي وقعت بالمباني والمصابين من الجنود، واقتصر حديثه ل«المصدر أونلاين» بأن «التحقيقات ستكشف عن الملابسات»، ولم يحدد السبب الرئيسي وراء انفجار المخزن. وقد شكلت وزارة الدفاع لجنة للتحقيق في الواقعة وباشرت عملها عصر الخميس ولم تظهر التحقيقات أي مستجد في الحادثة حتى الآن.

وكانت عمليات إدارة أمن محافظة الحديدة تلقت بلاغا عن الحادث ساعة وقوعه من قبل مواطنين بالمديرية، ووجه مدير أمن المحافظة وقيادة مكتب الصحة بتلبية النداء حيث قطعت سيارات الدفاع المدني والإسعاف التابع للمستشفيات الحكومية بالحديدة مسافة 170 كلم للوصول إلى اللواء الواقع بالقرب من الحدود السعودية لنقل المصابين وإخماد الحريق، ويفتقر اللواء إلى الكثير من أدوات السلامة وانعدام تام لعربات الإطفاء.

ويعد اللواء 25 ميكا من الألوية المشهورة بصمودها أمام مقاتلي «القاعدة» في زنجبار بأبين، قبل أن يصدر قرار بنقله، في سبتمبر من العام الماضي إلى «عبس» بمحافظة حجة شمال اليمن.

وإحدى القذائف أصابت مخزن أكبر للسلاح ما تسببت في حريق أخمده الجنود بأقصى سرعة
وتصدى أفراد اللواء 25 ميكا في عام 2011 لعمليات هجوم للسيطرة عليه من قبل مسلحي تنظيم القاعدة في زنجبار بعد أن تمكن مقاتلو التنظيم من السيطرة على المدينة والمنشآت المدنية، وأرادوا السيطرة على عتاد اللواء ومعداته العسكرية. حيث شن المسلحون الذين كانوا يعرفون ب«أنصار الشريعة» في ال30 من مايو من نفس العام هجوماً عنيفاً وشاملاً على اللواء 25 ميكا لإجباره على الاستسلام والسيطرة على معداته الحربية، غير أن أفراد اللواء صمدوا وتمكنوا من صد الهجوم الكثيف، وأجبروا المسلحين على التراجع إلى قواعدهم.

وفي تاريخ 11–6–2011 كررت «القاعدة» محاولاتها للاستيلاء على المعسكر بهجوم أكثر كثافة، غير أنهم فوجئوا بمقاومة، ما كانوا يتوقعونها، حيث تم قتل العشرات منهم ببنادق أفراد اللواء، الذين فضلوا الصمود على الانسحاب وترك أبين.

وقد كان هذان الهجومان هما أكبر المحاولات المبذولة من قبل «القاعدة» للسيطرة على اللواء.

لو لم يسيطر الجنود على الحريق في المخزن الآخر لأبيد اللواء عن بكرة أبيه ولوقعت كارثة إنسانية في «عبس»
وعن حوادث انفجار مخازن الذخيرة في الألوية، فقد تكررت هذه الحوادث وكان الأول انفجار مخزن لواء السبعين - الذي كان مقراً لما كانت تسمى بالفرقة الأولى مدرع المحلولة بقرار جمهوري- وسط العاصمة صنعاء، كما حدث انفجار آخر للواء عسكري في مدينة عدن خاص بتجميع الألغام والقذائف التي لم تنفجر في حرب أبين.

وتنتشر الألوية العسكرية في كثير من المدن اليمنية الآهلة بالسكان وهو ما يعرض حياة سكان تلك المدن للخطر في حال وقعت حوادث مشابهة لتلك المعسكرات، وهو ما أشعل الرعب وصاعد مطالب إخلاء المدن من المعسكرات.

سكان المدينة يتحدثون ل«المصدر أونلاين» ويروون كيف عاشت الأطفال والنساء أصعب الساعات وأكثرها هولا في حياتهم
المصدر أونلاين - محمد درمان
لا يزال الرعب والخوف حاضرا على وجوه سكان مدينة «عبس»، الذين عاشوا يوم الخميس الفائت ساعات رعب حقيقية. ورغم مرور يومين على انفجار مخزن سلاح اللواء 25 ميكا، إلا أن آثار الكارثة لم تذهب بعد.

حزن شديد، داخل بيت طاهر الريمي، الذي فقد طفليه، بقذيفة وأصيب جدهما، ولا يزال الناس يتوافدون إلى المناطق الأكثر تضررا، كما أن الجرحى عديدون، والتكاليف باهضة. ليلة رعب وصباح حزين، وكان يوما استثنائيا، في حياة سكان «عبس» البسطاء، الذين يعيش غالبيهم في بيوت متواضعة، أغلبها من العشش.

وقد أثار انفجار مخزن ذخيرة في معسكر 25 ميكا بعبس العديد من التساؤلات حول ماهية العملية وأسبابها الحقيقية، وتباينت التحليلات والتكهنات، حول أسباب الحادث، والمسببات المرتبطة بسلسلة انفجارات سابقة وقعت في صنعاء وعدن داخل مخازن الأسلحة.

عاش سكان «عبس» أوقات رعب حقيقية كون منازلهم تقع على بعد أمتار من المعسكر
اهتزت عبس لست ساعات، ودودت القذائف والصواريخ في أرجاء المدينة وما حولها، وكان الشقيقان: مستشار ومشير طاهر مهدي لطف «مستشار (5 أعوام) ومشير (3 أعوام)» هما الضحية لقذائف الكاتيوشا، التي استهدفت منزلهما، وهما نائمان إلى جوار بعض، وجرح آخرون من أفراد العائلة.

لم يقتصر الضرر على مدينة عبس وأحيائها ، وإنما امتد إلى «شفر، والقفلة، والخديش، ومودة، العقبة والمقفي ولبادة وبني الشريف» وكلها تابعة لمديرية عبس.

نائب مدير امن المديرية شرف المصري وفي تصريح ل«المصدر أونلاين»، أشار إلى أن أسباب الحادث «لا تزال مجهولة وأكد أن لجنة وصلت للتو من قيادة المحور للتحقيق في الموضوع والوقوف على الأضرار الناجمة».

وفي تصريحات صحفية لقائد المعسكر العقيد علي جازع، قال إن الانفجار كان «بسبب حريق التهم مخزن أسلحة من خلال سقوط سقف المخزن». مؤكدا أن الحريق كان عرضيا نافياً «الأخبار التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام والمواقع الالكترونية أن الحريق كان بسبب عمل تخريبي».

ويرى البعض ممن التقيناهم أن ما جرى قد يكون عملا تخريبيا بالفعل، ويأتي على خلفية الهيكلة وتداعياتها «وتغيير ودمج بعض الألوية ببعضها الآخر». وهناك من يعتقد أن ما حصل «عبارة عن مخطط يهدف إلى إيجاد مبرر بسحب المعسكرات من المدن»، في الوقت الذي يخشى مواطنون من هكذا خطوة أو هكذا قرار «كون الأمن لم يستتب بعد داخل تلك المدن».

آخرون يرون أن في توقيت الانفجار «رسائل للقائمين على الحوار من قبل الحوثيين وبقايا النظام السابق». ولا يستبعد أصحاب هذا الاتجاه، وقوف تلك الجهات وراء هذا التفجير لخلط الأوراق وإثارة القلاقل، كما يزعمون. هناك من يتعجب، ويربط بين الانفجار وبين الاجتماع الذي كان مقررا فيه أن يلتقي رئيس الجمهورية بأعضاء المجلس المحلي لمحافظة حجة، معتبراً ذلك إشارة واضحة للفت القيادة السياسية لهذه المحافظة «ولو على حساب امن واستقرار المحافظة وأبنائها».

محامٍ يقول انه بصدد إقامة دعوى قضائية ضد قيادة المعسكر وقيادة المنطقة الشمالية الغربية ووزارة الدفاع
عدد من المواطنين ممن التقاهم المصدر أونلاين عبروا عن دهشتهم، مما جرى ووصفوه بالخيال. وآخرون حاولوا تقصي الأسباب من خلال تحليلات وتنبؤات ليس لها ما يقويها على ارض الواقع.

«المصدر أونلاين» زار مدينة «عبس» وطاف على البيوت المتضررة والتقى الناس، وتحدثوا إليه عن تلك اللحظة المرعبة، التي لم يعرفوها من قبل.

منصور معنقر، يقول: «وصلت قذيفة كاتيوشا على منزل جاري يوسف عقه في منطقة شفر فاستيقظت وأطفالي متعلقين بي وبصراخ يخالطه رعب في لحظة كنت عاجزا عن أن أقدم لهم أي شيء، أشرت إلى أمهم بان تجمع الأطفال حولها وتضم الصغير إلى حضنها وخرجت لأرى ما جرى لجاري والذي يبعد عن منزلي ب50 متر تقريبا في حي مكتظ بالسكان، ثم عدت إلى بيتي لأرى طفلي تميم ذي الأربع سنوات شارد الذهن متعلقاً بأمه التي لم يفارقها حتى اللحظة، واختفت إلى اللحظة ابتسامته المعهودة وحركاتة الدؤوبة والدائمة في أرجاء المنزل».

هشام العامري يرى أن «إحراق المخازن تم بفعل فاعل، حيث سبق وان تم سرقتها، ثم عندما اقترب موعد جرد المخازن لتسليمها قام المتضررون من عملية الجرد بإحراق المخازن من اجل إخفاء وتغطية ما اقترفوه ولو كلف ذلك ضحايا فذلك لا يهم».

يرى الصلوي أن التحقيقات الجارية «صُوَرية وهدفها امتصاص غضب الشارع»
ويرى الصلوي أن التحقيقات الجارية «هي صورية وهدفها امتصاص غضب الشارع». وذكر في هذا الصدد بتفجير «مخازن الديناميت مع المخرطة المتكاملة بمحافظة الحديدة في أواخر التسعيينيات ولم يسفر عن التحقيق أي إجراء واقعي على الأرض، وذهبت نتائجه أدراج الرياح» كما يقول.

بندر حزام، احد جيران المعسكر، الأكثر قربا، يقول: «عشت المأساة بتفاصيلها وهلعها بحق، والطفلان اللذان استشهدا هما جيراني». وأكد محبطاً «انه لا جديد في بلادنا أن يكون الضحايا من المدنيين في حالة تصفية الحسابات السياسية أو الصراعات العسكرية من قبل جنرلاات الحروب والسياسة معا».

وواصل القول: «ما ذنب الطفلين البريئين قطفوا من الحياة وهم في عمر الزهور، ما ذنبهما يذهبا في طرفة عين نتيجة ذلك الصراع أو بسبب إهمال، أو بسبب التماس كهربائي في أحسن الأحوال»، متسائلا: «وإن كان بفعل ماس كهربائي من يتحمل مسؤولية ذلك الإهمال».

ثم يضيف بندر حزام مقهورا: «ما ذنبنا كمدنيين أن نعيش مثل تلك الحالات من الهلع والخوف حين تتناثر بجانبنا الشظايا والصواريخ فتصيب القلوب قبل أن تحصد الأرواح بالهلع والخوف».

لكن عباس الولي، يرى أن إبقاء المعسكرات في المدن ضرورة، في الوقت الراهن رغم المأساة التي حصلت، ويبرر ذلك «أنه في حال خروج معسكر 25 ميكا من مدينة عبس، فان المدينة ستكون لقمة سائغة للمتربصين ولمروجي المخدرات». وأضاف: «مطلبنا الملح هو إيجاد معسكر وطني يخدم الوطن فالقيادات السياسية السابقة نجحت في إفساد العقيدة القتالية والجاهزية والوطنية لدى الكثير من افراد القوات المسلحة والأمن، وكرسوا في المقابل الولاءات الشخصية على حساب الولاءات لله والدين والوطن».

ناشط يعيب على الأحزاب السياسية والمنظمات عدم إصدارهم بيان أو دعوة لمسيرات احتجاجية جراء ما حدث
مواطن آخر، هو ابراهيم بلوه، اعتبر ما جرى فاجعة وخطبا جللا، هو الأول من نوعه في المديرية ودعا في حديثه وزارة الدفاع لضم أسرة الطفلين إلى سجلات وزارة الدفاع وتعهدهم بصورة دائمة بالمعونات من قبلها.

بالنسبة للناشط أكرم قشمير، فقد عاب على الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات المدنية والمشائخ والأعيان «عدم إصدارهم بيان أو دعوة لمسيرات احتجاجية جراء ما جرى وللمطالبة بنقل المعسكر وبما يضمن سلامة المدنيين من أحداث متشابهة».

ويشير الى معلومة مفادها أن المخزن التي تفجر «يعد اصغر مخزن داخل المعسكر ويخشى من تكرار الحادثة وانفجار المخازن الأكبر والأخطر من هذه النوعية في العدة والعتاد»، مشيرا إلى أن احد ضباط المدفعية بالمعسكر أكد له بان المخازن الأخرى في حال جرى لها ما جرى للسابق فإنها «كفيلة بان تحول منازل مدينة عبس وضواحيها الى كومة تراب».

المحامي، هادي وردان، أكد انه وفريق حقوقي بالمحافظة بصدد إقامة دعوى قضائية ضد قيادة المعسكر وقيادة المنطقة الشمالية الغربية ووزارة الدفاع «حتى لا يذهب دم الطفلين هباءً نتيجة العبث والفوضى» حد قوله. وأضاف: «سنقوم بذلك من اجل أن ينتصر القانون بإخراج مخازن السلاح من المعسكرات المحيطة بالمنازل والمدن» .

مصادر ل«المصدر أونلاين»، أكدت أن محافظ حجة علي القيسي قام في وقت متأخر من مساء أمس بالاتصال بمدير المديرية ووجهة بزيارة اسرة الطفلين والمنازل المتضررة والوقوف على حجم تلك الأضرار وتقديم المساعدة والعاجلة لهم. كما نشرت وكالة الانباء اليمنية «سبأ»، يوم امس ان القيسي تواصل قبل ذلك برئيس هيئة الأركان العامة وقائد اللواء 25 ميكا بمعسكر عبس وطالبهم بتحمل مسؤولياتهم جراء الحادثة المروعة و«إجراء التعويضات المحددة للمتضررين وإجراء التحقيق اللازم».

منظمة «سياج» من ناحيتها، أصدرت بيانا طالبت فيه الرئيس بتحمل مسؤوليته الوطنية والتاريخية بنقل المعسكرات ومخازن الأسلحة التابعة لها الى خارج العواصم والمدن اليمنية لتجنيب السكان المدنيين جحيم الانفجارات التي تتكرر بشكل مخيف في الآونة الأخيرة. ودعت في بلاغ صحفي صادر عنها «النيابة العامة لفتح تحقيق حول أسباب انفجار مستودع السلاح في اللواء 25 ميكا بعبس وتقديم المتورطين للعدالة ومعالجة الجرحى وتعويض أولياء القتلى».

وعلم «المصدر أونلاين» أمس، أن هناك مساع وتوجه «للقيام بوقفة احتجاجية بالمديرية تليها مسيرة للتنديد بما جرى من إقلاق للسكينة ومن المتوقع ان تكون خلال بداية الأسبوع القادم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.