سأتكلم عن المرأة في الزمن الذي نعيشه، كملف خصب وثري بالظلم، والغبن، وكل لفظ ينتمي لهذا المعنى. حديثي سيكون عن أكثر النساء تعرضا للظلم في وطننا العربي- على الأقل. حديثي سيكون عنك أيتها المرأة اليمنية!!
وهذا يعد ملفاً كبيراً ومعقداً في كل عالمنا العربي، فما بالك أنت أيتها اليمنية!
أنت امرأة، وأيضا يمنية.. ذلك يعني الكثير مما لا يسعنا حصره في كتب فكيف بصفحات! لكن لا بأس من ذكر ما يسعنا ذكره في هذا المقام كعناوين فقط، ولتعذريني يا أخية.
أنت امرأة في مجتمعنا تعني (تلقائياً): أنت ناقصة في إنسانيتك، وهذا الاعتقاد معناه معاملة دونية.. معناه تهميشاً.. معناه أن تتغاضي عن معظم حقوقك.. معناه أن تعتادي على الظلم بل أن تظنيه عين العدل؛ فهل تنكرين أنك تمضين الوقت الطويل في محاولة إقناع الناس أنك ناقصة!! ليس ذلك فقط بل وتسبين جنسك، هذا إن لم تلعنيه!!
بالله عليك أليس هذا قمة البهتان؟!.. أن تقتنعي أنك ناقصة بل وتقنعين الآخرين بذلك؟! فكري قليلاً!
كونك امرأة يمنية.. فأنت أخت مضطهدة من أخيك الذي يصغرك سناً. أنت امرأة يمنية.. فإن أباك يبيعك لمن يدفع أكثر ولو كان سنك تحت الثالثة عشرة، وسنه فوق الخمسين!! أنت امرأة يمنية.. فإن زوجك يعاملك كالبشمق (عفواً)، أو كقطعة الأثاث أو كخادمة في أحوال أفضل. أنت امرأة يمنية.. معناه أن تخنقي مشاعرك داخلك - حتى قبل أن تولد - وكأنها جريمة يجب إخفاؤها. أنت امرأة يمنية.. معناه أن تُفرمت شخصيتك لتحميل شخصية نمطية بلا ملامح لترضي المجتمع. أنت امرأة يمنية.. إذن اخنقي روحك الحرة، روحك الموهوبة، واستبدليها بأخرى طائعة مستكينة راضخة نمطية، كالماء يأخذ شكل الوعاء الذي يوضع فيه.. تقولبي بقوالب بيئتك الفولاذية! هذا تماماً ما هو مطلوب منك ليقبلك مجتمعك، ولتطردي من خاطرك أي رفض أو مقاومة، لأن هذا معناه الطرد من رحمته وإلى الأبد!! أنت امرأة يمنية.. إذن أنت موضع تهمة على الدوام، ويجب معاقبتك قبل ارتكابك للخطأ –احتياطا - في شكل ممنوعات ومحظورات لا تنتهي. أنت امرأة يمنية.. معناه أن روحك موءودة، وإن كان الجسد باقياً؛ وإنه – والله –أعظم من الوأد الجسدي!
أنت امرأة يمنية.. إذن اقتنعي بدونيتك وإلا فإنك ستعانين جداً، وستتألمين جداً.. ثم في الأخير سترضخين لما يطلبه منك محيطك الذكوري، مهما كانت مطالبك عادلة، ومهما كانت رغباتهم ظالمة!!
أنت امرأة يمنية.. إذن أنت تعيشين حياة ولاة أمرك– وما أكثرهم – لا حياتك أنت، أو بمعنى آخر هم من يعيشون حياتك، فهم من يخططون لك، وهم من يقررون بالنيابة عنك، وهم –فقط- من يدركون الصواب من الخطأ، فلا داعي لأن تتعبي عقلك بالتفكير، فهم من سيفكرون بالنيابة عنك!!
أنت امرأة يمنية.. إذن أنت شمعة تحترق من أجل الآخرين، ولا أحد يحزن عليك وأنت تذوبين، لأنهم لا يلحظون وجودك أصلاً! برغم أنهم سيعيشون في الظلام من دونك!!
أنت امرأة يمنية.. باختصار: أنت مستودع ظلم واحتقار وبهتان.
لماذا إذن لا تثورين.. ماذا تنتظرين بربك؟! أتظنين أن حقوقك ستأتي إليك زاحفةً على أقدامها؟! لا تحلمي. فوضعك لا يحتاج لأقل من الثورة.
ثوري واستحضري كل القهر الذي تعيشينه لتهتفي بكل روحك المسحوقة.. بأعلى صوتك: المرأة تريد إنسانيتها..روحها وإرادتها المسلوبة..المرأة تريد الحرية.
ملاحظة (1): قد لا تنطبق هذه الأمور عليك تماما، لأنك قد تنتمين لأسرة متعلمة،ولكن برغم ذلك قد تعانين من بعضها أو جلها، لأن دونية المرأة هي ثقافة المجتمع ككل،كما أنك لا تستطيعين إنكارها على نسبة كبيرة جدا من النساء في وطننا (للأسف).
ملاحظة (2): أعلم أن كلمة (حرية) تثير حفيظة الكثيرين خصوصا إذا كان الأمر متعلقاً بالمرأة، لأن هذه الكلمة مرادفة عندهم لارتكاب المرأة للموبقات، متناسين أن للحرية معنى أوسع مما في أدمغتهم المتحجرة، وليعودوا لقراءة الموضوع ليعرفوا معنى الحرية الواسع المقصود.