أمس الخميس حضرت احتفالية إعلان جائزة «السعيد» لأول مرة بدعوة من صديقي الدكتور عبدالحميد الحسامي، جائزة البحث العلمي فاز بها كل من الدكتور جلال عبد إبراهيم ومحمد توفيق بالمناصفة في البحث المقدّم عن «مصادر المياه وكيفية الاستفادة منها» وهو موضوع مهم يخاطب الحاجة الماسة للمواطنين في أكثر المدن اليمنية؛ نأمل أن يتحوّل البحث إلى برنامج تنموي وتثقيفي للمواطنين؛ لأن المشاريع التنموية مثل هذه تبدأ ثقافية بالأساس تتعلّق بجدية الدولة ووعي المواطن. صاحبي الدكتور عبدالحميد الحسامي فاز منفرداً بجائزة الآداب للمرة الثالثة؛ وهو يستحق المرة العاشرة؛ لأنه شاب مثابر ومبدع يعرف كيف يستغل وقته بمهارة وهمّة عالية؛ لديه عدّة كتب مطبوعة لا تقل عن عشرة منها الحداثة في الشعر اليمني المعاصر والتحوّل الاجتماعي في اليمن من خلال الفن القصصي، والنقد السياسي في اليمن من خلال الأمثال الشعبية؛ وهو موضوع غير مسبوق، دراسة في ضوء النقد الثقافي، ووشاح ليلى الاخيلية، دراسة رائعة عن الخطاب النسوي، وعن أدب الفضول التي فاز بها مؤخراً وبحوث أخرى كلها كُتب شيّقة وجديدة بأسلوب وجهد يبتعدان عن التقليد ولا صلة له بالنسخ واللصق كما يفعل دكاترة «الأمن القومي» سابقاً!. وبالمناسبة؛ فلأن الدكتور الحسامي مبدع ومثابر؛ لم تسعه جامعات بلاده في ظل سياسة الطرد لكل مفيد وجميل ومبدع التي كان يمارسها النظام السابق، فالتقفته الجامعات خارج الوطن مثله مثل كثيرين من الدكاترة في كل المجالات الطبية والأدبية والعلمية والذين يبلغون المئات، وجميعهم أخذوا مقاعد متقدّمة هناك ولكنهم غرباء هنا؛ وهذه قضية وطنية متعلقة بقيمة المواطن اليمني، ومن أجله قامت الثورة ويجب ألا تقعد حتى ينتهي هذا العبث القاتل الذي دمّر كل شيء بما فيه الحلم وانعدام الفرص أمام الشباب اليمني. جائزة «السعيد» من المعالم الوطنية الرائدة والمحسوبة لأسرة المرحوم والرجل الصالح هائل سعيد أنعم - الله يرحمه - وهي فعالية متميزة ضمّت جمعاً غفيراً من النُخبة اليمنية من كتّاب وشعراء وأدباء ومثقفين تحت لافتة الثقافة التي تحسّن وتهذّب حركة اليمنيين خاصة في المجال السياسي الذي مازلنا نحبوا فيه بالمربع القديم؛ وهنا يأتي دور المثقف والثقافة ليصنع الجديد ويقدّم تنظيراته للخروج من المآزق التاريخية ومربعات التخلّف، ويحل العقد، ويدفع بالناس نحو الوحدة والحب والرضا بالآخر الوطني باعتباره جزءاً من الذات الوطنية، والتدرُّب على الخلاف والأسلوب الأمثل لإدارته باعتباره خلافاً يثري ولا يقطع الأواصر. الاحتفاء كان رائعاً وجميلاً؛ ولم يشوّهه شيء سوى قيام أحد المعتوهين بتوزيع صحيفته أو منشوره الذي لا يلائم الحدث ويمتلئ بالسباب والشتيمة السياسية، ونحن «مش ناقصين» بذاءات وأصوات فتنة في هذه المحافظة، وهو منشور لا يناسب الحدث، ومثّل إساءة إلى الفعالية الثقافية التي لا تعترف بالقذارات السياسية؛ ولا تتعاطى معها، كما أساءت إلى بيت هائل وتعز، ولقيت استنكاراً واسعاً من مدينة تصرُّ على استعادة عقلها وروحها وتضامنها غصباً عن كل الأوباش والصغار الذين يستميتون على إصابة تعز في قلبها وكلمتها، ويراهنون على مقولة الاستعمار «فرّق تسد» بينما يراهن أبناء تعز على قدراتهم على تجاوز العثرات الصغيرة وقدراتهم على إدارة خلافاتهم؛ وعلى روح الوحدة المتجذّرة في أعماق التربة وحليب الأمهات.