لأول مرة في تاريخ مصر.. قرار غير مسبوق بسبب الديون المصرية    لحظة وصول الرئيس رشاد العليمي إلى محافظة مارب.. شاهد الفيديو    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    الإطاحة بوافد وثلاثة سعوديين وبحوزتهم 200 مليون ريال.. كيف اكتسبوها؟    - عاجل امر قهري لاحضار تاجر المبيدات المثير للراي العام دغسان غدا لمحكمة الاموال بصنعاء واغلاق شركته ومحالاته في حال لم يحضر    العميد أحمد علي ينعي الضابط الذي ''نذر روحه للدفاع عن الوطن والوحدة ضد الخارجين عن الثوابت الوطنية''    مدير شركة برودجي: أقبع خلف القضبان بسبب ملفات فساد نافذين يخشون كشفها    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهايم حجّة تكابد العطش وتصطلي بصيف لاهب
نشر في المصدر يوم 06 - 05 - 2013

وجوه سمراء بقسمات بؤس طاغية وطوابير طويلة من الحمير وصفائح بلاستيكية تصطف حول آبار متفرقة لجلب مياه الشرب إلى القرى هي كل ما يمكن رؤيته في رحلة تبدأ من بني قيس شرقاً حتى حرض غرباً من أرض تهامة في محافظة حجة.

ومثل هذه الأيام؛ حين يحل الصيف اللاهب بحرارة تصل إلى 40 درجة مئوية يكون الحديث أكثر ملاءمة عن معاناة تهامة حيث يطغى الفقر ويتضافر معه العطش والقيظ والظلام.

لكن خلال فصل الصيف، يبدو أن مواطني هذه المنطقة الغائرة في الأرض والقصية جداً عن مسؤولية الحكومات المتعاقبة منذ نصف قرن يتناسون أنهم فقراء وغالبيتهم واقعون في إطار مستوى الفقر المدقع، ذلك أن الحر الشديد يدخلهم في محنة فصلية مستقلة، فيتذكرون أن مناطقهم لم تعرف خدمة الكهرباء التي من شأنها التخفيف من قيظ الأجواء.

فالتيار الكهربائي لا يغطي أكثر من 10 في المائة من مديريات عبس وحرض وميدي أما مديريات أسلم وحيران ومستبأ وأفلح اليمن وهي المديريات التي تشكل القسم التهامي في محافظة حجة فليس فيها مشروع كهرباء على الإطلاق.

حتى خدمة الكهرباء الجزئية في عبس وميدي وحرض فهي معطلة في معظم أوقات السنة ومولداتها عرضة لأعطال متكررة لأنها متهالكة بعد أن استنفذت عمرها الافتراضي.

أما مشاريع المياه فهي الاخرى لا تكاد تبين في تهامة حجة حيث ما يزال 90% من سكانها ينقلون الماء على الحمير ومن آبار توشك ان تنضب في كثير من المديريات.

اثناء زيارة «المصدر أونلاين» لبعض من تلك المديريات تستوقفك مناظر مؤلمة لأطفال يتأقلمون مع المعاناة كشرط إجباري للعيش في بيئة تهامية قاسية ومحرومة من ادنى مقومات الحياة التي يمكن لها في حال توفر ولو نزر يسير من المشاريع ان تحافظ على هذه الطفولة البريئة والمتطلعة لعيش افضل وحياة كريمة.

في أوج الظهيرة، كان طفل يسير وراء حمار يحمل الماء على مقربة من أحد الآبار ولدى سؤاله عن مجيئه في هذا الوقت الصعب، رد بلهجة تهامية بأنه يأتي إلى هذه البئر ثلاث مرات في اليوم لجلب الماء.

وحين سألته لم لا يأتي في الصباح حيث يكون الجو ألطف وأفضل من وقت الظهيرة، أجاب بأنه يكون في المدرسة في الصباح وبمجرد انتهائه من الدراسة في كل يوم يذهب مباشرة الى جلب الماء وهكذا هو حاله مع المعاناة في كل يوم.

رجل آخر جلس جوار بئر وقد بلغ به الإعياء مبلغه وبمجرد ان عرفته بصفتي الصحفية، تهلل وجهه وقال لي بالتهامية «بالله يا ابني قل لمكبار (للكبار) حقنا يخافوا الله فينا لا عاد بو في قلوبهم رحمة».

مزارع القات الجبلية تستنزف مياه تهامة
تأخذ قضية المياه في مديرية أسلم بعداً خطيراً فوق ما هي شحيحة وهو بعد يُخشى من أنه قد يقود إلى اقتتال أهلي بين سكان المنطقة والسكان الذين يقطنون المناطق الجبلية في حجة وينزلون إلى أسلم لجلب المياه عبر ناقلات المياه (الوايتات) من أجل ري مزارعهم التي تغلب عليها أشجار القات وتحتاج لري مستمر.

وتعاني «أسلم» التي هي منطقة زراعية من شحة في المياه أساساً خلال السنوات الأخيرة بعد أن نصب عدد من آبارها، نتيجة الاستنزاف الجائر الذي ارتفعت وتيرته مؤخرا.

فبعد جفاف آبار وغيول المناطق الجبلية كالمحابشة والمفتاح وجياح وقفل شمر وغيرها قبل حوالي عشر سنوات، نزل أبناء تلك المناطق إلى المناطق التهامية لجلب الماء فزاد الطلب عليه الأمر الذي وجد فيه الأثرياء في المناطق الجبلية فرصة للربح فاشتروا أراضي في «أسلم» وحفروا آباراً فيها دون أي رقابة حكومية.

وأدى هذا الواقع الجديد في مديرية أسلم إلى نشوب خلافات بين سكانها وأصحاب الناقلات الذين يجلبون الماء إلى المناطق الجبلية خلال السنتين الأخيرتين، وسجلت عدد من وقائع العراك بالأيدي والعصي بين الطرفين.

ووصلت شحة المياه في مديرية أسلم مؤخراً إلى درجة نزحت فيها أسر من المناطق التي ضربها الجفاف، وسبق لأبناء المديرية أن خرجوا في مسيرة حاشدة لمطالبة الجهات الحكومية المعنية باتخاذ حلول عاجلة لهذه المشكلة ووضع حد لاستنزاف مياه المنطقة من قبل ملاك مزارع القات في المديريات الجبلية.

مواطنون الذين تحدثوا ل«المصدر أونلاين» في تهامة حجة أجمعوا على الإشارة إلى الحر وشحة الماء كمصدر أساسي لمعاناة مناطقهم.

تحدث محمد عبده عبسي احد شباب مديرية عبس فقال «تعيش عبس هذه الايام وضعاً مأساوياً جراء موجة الحر المتزايدة وفي ظل تدهور الخدمات وخصوصاً الكهرباء والمياه فبسبب تزايد انطفاء التيار الكهربائي الذي لا يأتي إلا بضع ساعات كل يومين أصبح الوضع أشبه بالجحيم».

وأضاف: «لكن تزداد معاناة طلاب المدارس والجامعات والمرضى في المستشفيات والبيوت وكبار السن الذين لا يحتملون هذا الحر، وبالرغم من أننا في منطقة شديدة الحرارة لم يشفع لنا ذلك عند قيادة المحافظة وكونهم يسكنون هناك في مناطق جبلية لا تكاد تنطفى عندهم الكهرباء بالرغم من أننا أحوج لها منهم».

ويواصل العبسي القول «زاد الطين بلة انقطاع مشروع المياه لأكثر من شهر مما زاد معاناة الناس فعندما ينقطع الماء في وقت الظهيرة تصبح مضطراً للخروج تحت لهيب الشمس للبحث عن (وايت) ماء».

أما زكريا الخاشب فيروي معاناة المنطقة بدءاً بالإشارة إلى درجة الحرارة السائدة في الصيف قائلاً «حسب متابعتي لدرجات الحرارة فان المناطق التهامية اكثر المناطق اليمنية حرارة (هذه الأيام) (36 الدرجة العظمى 36 والدرجة الصغرى 30).

ويضيف الخاشب أن «الملاريا منتشرة وكان العالم يحتفل (قبل أيام) باليوم العالمي للتخلص من الملاريا، اما الكهرباء فلا تسألني عنها لأنها لم تصل إلى معظم مناطق تهامة التي ما تزال أيضاً بلا مشاريع مياه وان وجدت فمعظمها من جمعيات خيرية او فاعلي خير خليجيين او منظمات دولية».

الخاشب خلص إلى القول بأن «الدولة غائبة والمجالس المحلية لا تزال تحت سيطرة المشايخ والناس محبطون».

ومن مديرية عبس، ردد ممدوح كلاس نفس الشكوى مشيراً إلى الحر اللاهب وانعدام مياه الشرب وقال إن المؤسسة العامة للكهرباء «تعاني منذ أكثر من ست سنوات تقريباً من عجز في إنتاج الطاقة الكهربائية للمواطنين ومازال الوضع يزداد سوءاً إلى يومنا هذا و لم يتم معالجة هذه المتطلبات».

حدادي: لم تستوعب الحكومات المتعاقبة أن حرض واجهة لليمن
ويقول محمد حدادي من مديرية حرض «نتمنى على الدوام ان تدرك حكومتنا الموقرة ان حرض هي بوابة اليمن وواجهتها الشمالية ويجب ان تكون ذات وجه جميل، لكن كل ذلك لم تستوعبه الحكومات المتعاقبة».

أما عمر احجف من مديرية حيران فيرى أن مديريته «نائية عن عيون الحكومة»، مشيراً إلى أن «أولى مشاكلها تكمن في مجلسها المحلي والذي لاتهمه سوى مصالحه الخاصة فقط».

وأضاف: «حيران تعاني من انعدام مشاريع الكهرباء والمياه والصحة والتعليم، فبعض المدارس اغلقت لتغيب المدرسين عنها، وتعاني المديرية من افتقار للمياه وحتى محاولة ايجاد الآبار فيها يعاني من يريد ذلك الأمرين حيث يحفر صاحب البئر اكثر من 80 مترا في عمق الارض وقد يصيب الماء وقد يحرم» منه.

ولم يخفِ هؤلاء المواطنون عودة الامل لديهم بعد الثورة السلمية الشبابية في تلمس اوضاعهم وإنهاء فترة الحرمان التي عاشوها طوال فترة النظام السابق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.