لا يحتاج المغتربون إلى تسجيل مواقف من قبيل التشنج الذي مارسه د.عادل الشجاع قبل يومين في مؤتمر الحوار. وأسجل هنا – كأحد المغتربين– إدانتي الشديدة لخطاب الغوغاء الذي يصدر عن شخصيات يفترض أنها تنتمي إلى «النخبة»، فقط بهدف تسجيل نقاط وهمية، واستعراض مواقف بطولية زائفة، يحدث هذا في ملف المغتربين وفي غيره من الملفات.
الشجاع تحدث عن طابور مكون من 500 ألف مغترب يمني يمشي على الأقدام في طريقه إلى الحدود، ولا مغيث لهم ولا منجد!
لدينا في الجانبين السعودي واليمني خطاب شعبوي مرتفع، من قبيل ما قاله د. الشجاع، هذا الخطاب هو آخر ما يمكن أن نحتاجه في إدارة ملف المغتربين.
أما الخطاب الذي يتبناه الإعلام القريب من الحوثي فهو يستحضر «ثارات الحسين» في كل قضايا الدنيا والآخرة، ومن الطبيعي أن يكون خارج دائرة النقاش في البحث عن الحلول لقضية المغتربين أو غيرهم.
وأصدقكم القول من خلال تجربتي المتواضعة واحتكاكي القليل بالمغترب اليمني في السعودية أن آخر شيء يمكن أن يعوّل عليه الناس هنا، حلول يساهم بها أحد من صنعاء، ناهيك عن أن يلتفت أحد إلى خطاب متشنج لا يقدم ولا يؤخر.
مشكلة المغتربين سيتعامل معها المغتربون بأنفسهم، ولن ينتظروا حلولاً تهبط من سفارة أو قنصلية أو وزارة مغتربين أو خارجية.
لقد أبدع المغترب اليمني قصص نجاح مذهلة في السعودية وغيرها، هناك قصص إخفاق وفشل أيضاً، ظلم وإنصاف، عنصرية وعدالة، كما هي الحياة في مجملها.
لسان حال كثير من المغتربين منذ أزمة الخليج التي تضرر منها مئات الآلاف مطلع التسعينيات بفعل سياسيات علي عبدالله صالح وحتى اليوم تقول لكم جميعاً: أفضل خدمة تقدمونها لملف المغتربين أن تتركوهم وشأنهم.
حتى الإجراءات الإدارية التي تقوم بها السفارة اليمنية في الرياض، في توفير «ورقة مرور إجباري إلى الوطن» لم تسلم من العبث. السفارة - بحسب معلومات ترددت مؤخراً- تؤخّر صرف الورقة أسابيع لحين عودة الباصات بهدف الحصول على عمولات تصل إلى 30%، ومجمل التنافس المحموم بين وزارتي الخارجية والمغتربين لم يبتعد كثيراً عن مجرد صراع على «كعكة العمولات»!
ربما تحتاج وزارة المغتربين للاطلاع على تجربة الهند أو بنجلادش أو مصر في التعامل مع ملف مغتربيها في السعودية، (العمالة الهندية في السعودية بلغت 2.5 مليون عامل، غادر منهم 300 ألف منذ بداية الإجراءات الأخيرة).
الملف في مجمله اقتصادي، أو في معظم أبعاده ومنطلقاته وآثاره، مع وجود أبعاد إنسانية وسياسية لا يمكن إغفالها، وعلى هذا الأساس ينبغي أن يتم الخطاب.
في الجانب اليمني نحتاج إلى التأكيد على منطق «الشراكة» الذي يستفيد منه الجانب اليمني والجانب السعودي على المدى البعيد، واتركوا مبررات الأخوة والجوار والعروبة والقبيلة، فهي على أهميتها لا تسمن ولا تغني من جوع، ما لم تتم ترجمتها على أرض الواقع إلى مصالح مشتركة وأعباء يشترك الطرفان في تحملها والعبور إلى مستقبل أفضل.