لا يمكن الجزم بأن الحكومة اليمنية لم تهتم بالتطورات الأخيرة التي أثّرت سلباً على المغتربين اليمنيين في السعودية، لا شك أن الرئاسة والحكومة والوزارات المعنية «اهتمت» بالموضوع. السؤال: هل كان ذلك الاهتمام مواكبا للحدث؟ وهل فيه شيء من «ألف باء» إدارة الأزمات؟
نحن نتحدث عن أزمة أدت إلى فقدان قرابة 20 ألف يمني لأعمالهم وترحليهم خلال أسبوع واحد فقط.
ما حدث لم يكن مفاجئا كما يظن البعض، وتعديلات قانون العمل السعودي يعلمها الجميع، ومع ذلك لم يحدث أي إجراء استباقي للتعاطي مع الأزمة وتداعياتها المتوقعة.
لتقييم الأداء اليمني في التعامل مع هذا الملف، يمكن مراقبة الأداء، بعد حدوث الأزمة بأكثر من عشرة أيام: - الإعلان عن زيارة رئيس الجمهورية إلى موسكو! - مجلس الوزراء يشكل لجنة للتواصل مع الجانب السعودي (كخطوة أولى لدراسة المشكلة وتقديم تقرير لمجلس الوزراء الثلاثاء القادم)! - في مؤتمر الحوار، حضر ملف المغتربين عبر مندوب يمثل الزعيم المخلوع، بخطاب يذكّر بإخفاقات النظام السابق في أزمة 1990، وما سببته من كوارث على المغترب اليمني. - وزير المغتربين: سيتم حل الأزمة بالتواصل بين المسؤولين بعيدا عن وسائل الإعلام!
وعلى ملايين الأسر اليمنية ومئات الآلاف من المغتربين أن ينتظروا بعيدا عن وسائل الإعلام.
وكانت نتيجة إدارة الأزمة بعيدا عن وسائل الإعلام، أن تمكنت أطراف أخرى من ملء الفراغ والترويج لشائعات، ومبالغات لا أساس لها، وخاصة عبر شبكة «فيس بوك» ومواقع الإنترنت الأخرى، مع الأخذ بالحسبان أن لدينا مايقارب 3.7 مليون مستخدم للإنترنت في اليمن، وما يقارب النصف مليون مشترك في «فيس بوك».
لدينا في الجانبين السعودي واليمني خطاب شعبوي مليء بالتعبئة والشحن والكراهية، وحتى الخطاب النخبوي يعاني من أزمة وغياب الرؤية، على المستويين الرسمي وغير الرسمي.
الشيخ محمد العريفي الذي يتابعه الملايين عبر حسابه في «تويتر» أطلق يوم أمس الأحد حملة بعنوان «أكرموا اليمنيين».. وهو خطاب إنساني نبيل.. وددت لو وضع الشيخ عنوانا آخر لحملته مثل: «لنصنع شراكة حقيقية مع إخواننا اليمنيين» هذا ما نحتاجه جميعا في البلدين.
التوقعات تشير إلى أن الأزمة ستجد طريقها للحل، لكن ما ليس في طريقه للحل هو الذهنية الرسمية اليمنية في التعامل البارد والرديء مع الرأي العام واهتمامات الناس الحقيقية.