للمرة الأولى، تطلق في العاصمة صنعاء دعوات للتظاهر إحياء للذكرى السنوية التاسعة عشرة لسيطرة قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح على المناطق الجنوبية بعد حرب شاملة دامت أكثر من شهرين. وقال إعلان تبناه ناشطون مدنيون شبان إنهم سينظمون اليوم الأحد مسيرة تحت شعار «7- 7 نكبة وطن» للمطالبة «بالاعتذار للجنوب وإسقاط الفتاوى وإعادة المسرحين المدنيين».
وأحكمت قوات الرئيس السابق السيطرة على مناطق الجنوب يوم 7 يوليو 1994 بعد أكثر من شهرين من القتال مع قوات الحزب الاشتراكي اليمني. وغالباً ما يشير المواطنون في الجنوب إلى ذلك التاريخ ب7 – 7. ودأب نشطاء الحراك الجنوبي على إحياء هذه المناسبة منذ عام 2007 حين انطلقت انتفاضة جنوبية ضد سياسات الحكم المطبقة على الجنوب.
لكن الأنظار تتجه اليوم الثلاثاء إلى مدينة المكلا حيث من المقرر أن ينظم أنصار الحراك الجنوبي تجمعاً حاشداً، لإحياء المناسبة التي يغلب وصفها عند الجنوبيين بالاحتلال.
ويأمل قادة الحراك أن يمثل تجمع المكلا صورة مماثلة للتجمعات الضخمة التي نظمها الحراك في مدينة عدن خلال ست مناسبات سابقة وأظهرت أن الكلمة العليا صارت للحراك في المناطق الجنوبية، الأمر الذي دفعه إلى أن يطلق على تجمعاته تلك التي نظمها لإحياء مناسبات مختلفة متصلة بالتاريخ السياسي في الجنوب وصف «المليونيات»، في إشارة إلى أن عدد المشتركين فيها من أنصاره يصل إلى مليون شخص.
ويشكل التجمع المقرر في المكلا اختباراً لقدرة القيادي البارز في الحراك الجنوبي حسن باعوم على سحب البساط من غريمه علي سالم البيض، نائب الرئيس السابق الذي أطلق دعوة مضادة لخطة باعوم، تقضي بإعلان العصيان المدني الشامل في سائر المحافظات الجنوبية.
ففي الوقت الذي يحضر المجلس الأعلى للحراك السلمي بقيادة حسن باعوم لتنظيم التجمع في المكلا، اختارت فصائل الحراك التي تدين بالولاء لعلي سالم البيض تنظيم عصيان مدني يعم مناطق الجنوب كافة وإغلاق الطرق الموصلة بين المناطق الجنوبية والشمالية عند المناطق التي كانت تشكل منافذ حدودية بين الدولتين قبل قيام الوحدة.
وسبق لعلي البيض الذي يقيم في العاصمة اللبنانية بيروت أن رعى تجمعات في مدينة عدن، كان آخرها يوم 21 مايو الماضي لإحياء إعلانه الشهير باستعادة الدولة في الجنوب عام 1994. ولاقى حسن باعوم وقادة آخرون في الحراك غير منسجمين مع خط البيض تهميشاً خلال ذلك التجمع وهو ما قد يكون الدافع الأساسي لحمل باعوم على تنظيم الاحتفال في المكلا هذه المرة.
ويبدو أن دعوة باعوم لاقت مؤازرة من قادة جنوبيين كثيرين، يتبرمون من استبداد البيض بالرأي في تقرير مواقف متعددة على صلة بأنشطة الحراك الجنوبي.
فقد قال ثلاثة من القادة الجنوبيين في الخارج إن حضرموت هي قلب الجنوب في إشارة إلى المحافظة التي ستحتضن تجمع باعوم في عاصمتها المكلا.
وأصدر الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد ورئيس أول حكومة بعد الوحدة حيدر أبوبكر العطاس والوزير السابق صالح عبيد أحمد بياناً مشتركاً قبل ثلاثة من حلول الذكرى التاسعة عشرة لاجتياح مناطق الجنوب.
وقال القادة الثلاثة «وأنتم تستعدون لتنظيم وانطلاق المليونية الثامنة التى تحتضنها المكلا عاصمة حضرموت العلم والخير والحضارة والتاريخ إنما تعبرون عن الاصرار المتجذر والعزيمة الفولاذية والإرادة الحية المتجددة التي لايمكن كسرها أو احتواؤها، لأنها تمثل نبض الحياة والتوق إلى الحرية مهما عظمت التضحيات وغلى الثمن أو طال الزمن، فإرادة شعبنا الجنوبي الصابر هي المنتصرة بمشيئة الله، لان ارادة الشعوب من إرادة الله».
وأضاف البيان: إن هذه المليونية الثامنة في تاريخ نضال شعبنا الأبي منذ انطلاق الحراك السلمي الجنوبي الشعبي تعبر أبلغ التعبير عن آمال وتطلعات وإرهاصات شعبنا الحر الذي انتفض ولا زال في وجه (الاحتلال) والظلم لكي يستعيد حريته وهويته وحقه في تقرير مصيره، وفي نفس الوقت هو رفض للظلم والقهر والاستعباد والاستغلال ونهب مارسه ولا يزال حكام صنعاء ومتنفذوها يمارسونه ضد الجنوب وأبنائه منذ قرابة العقدين وهو ما يستحق منا أن نعظم هذا الصمود.
ويشير بيان ناصر والعطاس وعبيد إلى أن القادة الثلاثة يؤيدون تنظيم الاحتفال في المكلا. وغالباً ما تخالف مواقفهم القرارات الصادرة من علي سالم البيض.
لكن خطاب هؤلاء عن أن حضرموت هي قلب الجنوب لن يتواءم مع أفكار لجماعات حضرمية ترى أن محافظتهم يجب أن تتمتع بخصوصية في إطار المناطق الجنوبية.
من جهته، قال غالب بن عوض القعيطي أحد السلاطين الذين قوضت الجمهورية الاشتراكية السابقة في الجنوب دويلات صغيرة كانوا يحكمونها قبل رحيل الاستعمار البريطاني إن اتحاد الجنوبيين هو السبيل لاستعادة دولتهم التي وصفها بالمختطفة.
وأضاف القعيطي في بيان نشرته مواقع موالية للحراك «ثقوا تماماً أن حل قضيتنا هو بأيدينا نحن وليس بأيدي غيرنا فاثبتوا ولا تنظروا إلى أصحاب المشاريع الشخصية أو الفئوية أو الحزبية التي لا تعبر عن معاناة جميع شرائح شعبنا المرابط فإن مشاريعهم تتساقط كما تتساقط أورق الخريف الواحدة تلو الأخرى والمنتصر هو شعبنا بإذن الله.
في السياق، توجه أنصار الحراك من مدينة عدن أمس السبت إلى المكلا للاشتراك في الاحتفال المقرر في موكب ضم ناشطين من أبين وشبوة وعدن.
وواصل أنصار الحراك في مدينة المكلا تحضيراتهم للحفل. ورسم نشطاء رسوماً جرافيتية كبيرة، تشمل أعلام الدولة الجنوبية السابقة وشعارات دعائية على الجدران العامة وواجهات المحلات.
في المقابل، تظاهر أنصار للحراك موالون لعلي البيض في مديرية المحفد بمحافظة أبين وأكدوا عزمهم تنفيذ عصيان مدني طوال نهار اليوم، داعين ملاك المتاجر إلى إغلاق متاجرهم.