أتذكر موقفاً لي مع محترف التسريبات "حسن زيد"، عقب مؤتمر صحفي عقدته أحزاب اللقاء المشترك عام 2010 أو العام الذي سبقه، يكشف حجم مرض التسريبات المعجونة بالصدق والكذب والافتراء والخبث، وهو ما يعاني منه حسن وكان ولازال يحدث مشاكل بين أحزاب المشترك رغم وعي قياداتها خاصة الإصلاحية والاشتراكية والناصرية. كنت حينها ومجموعة صحفيين واقفين أمام البوابة الداخلية لمقر اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي، نتحدث عن المؤتمر الصحفي وما قيل فيه وغيره، وإذا بأمين عام حزب الحق عضو المجلس الأعلى للمشترك (حسن زيد) يسرّب لي معلومة دون أن ينتبه إلا لهويتي الصحفية، ونسي -كما يبدو- انتمائي الحزبي.
قال حسن زيد إن رئيس المشترك حينها أمين عام الإصلاح (عبد الوهاب الآنسي) تحدث خلال المؤتمر الصحفي بلهجة هادئة ضد الرئيس السابق ونظامه، واتبع ذلك بمعلومة أخرى تعد من الخصوصيات ولا يحصل عليها إلا مخبر أو بعض أفراد أسرة الآنسي وممكن قيادة حزبه، أن السبب هو اتصال تلقاه الآنسي ليلاً من صالح بعد انفضاض اجتماع مجلس المشترك.
مارس حسن عادته التي صار مدمناً عليها ويعجز عن التعافي منها، فعادة التسريب بالحق والباطل تعد انحرافاً أخلاقياً عن شراكة و"شغل قذر وخبيث" من شريك ضد شركاء في تكتل سياسي وحزبي.
لم أقل شيئاً، وقررت أن أرى مصداقية ما قاله عبر عضو في المجلس الأعلى للمشترك من غير الإصلاحيين، فكنت عصر ذات اليوم في مقيل الأمين العام المساعد للتنظيم الناصري (محمد مسعد الرداعي) وسألته عن صحة ما سرّبه حسن زيد، فسارع الأستاذ الرداعي إلى توجيه اللعنات لحسن والنفي، وقول لي: "هذا كذااااب، نحن اتفقنا في اجتماع المجلس الأعلى أمس أن يكون خطاب قيادات المشترك هادئاً في أحاديثهم بالمؤتمر الصحفي، بعد أن رأينا النظام يدفع نحو تصعيد خطير أكثر".
تذكرت هذا وأنا أتابع تطورات آخر تسريبة لحسن زيد -عافاه الله من مرضه المزمن- والمتعلقة بتهديد حميد الأحمر بطرد الأخوة الهاشميين من صنعاء، على خلفية إغلاق محطات سبأفون في صعدة، وآخر تطوّر هو تسريبة جديدة أن أنصار الله يعتزمون رفع دعوى قضائية ضد حميد على ذمة التهديد المزعوم ذاته، والذي نفاه بشكل قاطع، وفي بيان رغم طوله يعد حكيماً وعاقلاً.
ومن نتمنّى أن يصدق من يصفون أنفسهم ب"أنصار الله" ويتقدمون بدعوى قضائية حقيقية ضد حميد الأحمر ويقدمون أدلة تدينه بما اتهم به، ووسوس به الملاك الطاهر حسن زيد، حتى لا يبقى الأمر مجرد ضجيج إعلامي في قضية خطيرة تمسّ السلم الاجتماعي، وقد تحدث انقسامات وأخطاراً وشروخاً عميقة في المجتمع اليمني فوق ما نعانيه.
العجيب أن الأنصار إياهم يهددون برفع دعوى قضائية ضد حميد مستندين على "وساوس" و"تسريبات"، متجاوزين ما هو أهم؛ اتهامهم ل"حميد" بالوقوف وراء جريمة حوث في تصريح رسمي، وعلى لسان رئيس مجلسهم السياسي، وظهر ألاّ علاقة له بها. وأقدموا على الإضرار بشركته وآلاف المواطنين من عملائها أو المتصلين بهم، ثم اتهموه (حميد) وحرضوا عليه في قضية خطيرة تمسّ المجتمع كله دون أي دلائل وبراهين، وها هم يواصلون دون حياء وخجل بزعم لجوئهم للقضاء بسبب الوساوس ذاتها للإمام حسن زيد.
هي قضية ممتدة، ولم يكفهم ما نفخوا فيه من أمراض وصراعات مناطقية في الوطن اليمني (شمال- جنوب، مطلع- منزل، يمن أعلى- أسفل)، وتصنيف المجتمع إلى طبقات تبدأ بهم ويليهم من كانوا يسندونهم قضائيا وثم سياسيا واجتماعيا وعسكرياً، وأيضاً "سنة – شيعة"، و"زيود- شوافع"، وها هم يسعون إلى جر المجتمع اليمني إلى صراع قذر وأشد وسخاً (قحطاني - عدناني).
هم لا يعتبرون ممن سبقهم من اللاهثين وراء السلطة والمال والتميّز والجاه، الذين فشلوا بعد ألف قرن من "الشغل الوسخ والقذر هذا".
وأيضاً لا يريدون أن يعرفوا أن الإخوة الهاشميين هم جزء أساسي في قيادة التجمع اليمني للإصلاح العليا والوسطية وقواعده وأنصاره، وعليهم فقط أن يطلبوا من الإصلاح قوائم بقياداته في صنعاء والمحافظات، وسيجدون حجم الهاشميين الأكثر تميزاً في الأداء والأسبق إخلاصاً للإصلاح وفكره ونهجه، والأشد كرهاً وخصومة للفكرة الإبليسية (أنا خير منه).
وقانا الله محترفي التسريبات والوسوسة وحفظ وطننا وشعبنا من المؤامرات القذرة هذه.