رياح قوية وأمطار غزيرة تقتلع وتغرق خيام نازحين بغزة    اليمن بين ثبات النهج ومنزلق الارتهان: قراءة في ميزان السيادة والهوية    صحيفة فرنسية: غارات جوية وأزمة إنسانية.. لماذا تصاعدت التوترات فجأة في اليمن ؟!    مصرع شخصين جراء عواصف شديدة تضرب دول شمال أوروبا    اجتماع أممي لبحث اعتراف الكيان بجمهورية أرض الصومال    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    استفزاز إماراتي للسعودية في اليمن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    هروب    يتباكون على ثروات الجنوب.. فضائح نهب النفط والمعادن في حضرموت نموذجًا    قربوا العسل والحبة السوداء والسواك لأبو الإرهاب وشقيقه    هؤلاء هم أبطال حضرموت قيادات صنعت المجد وقهرت الإرهاب    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    خفر السواحل تحذّر من السباحة بسبب هجمات سمكة «أبو سَفَن»    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    في صنعاء.. هل ابتلعنا "الثقب الأسود" جميعًا؟    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    الأحزاب تثمن استجابة التحالف لطلب القيادة اليمنية وترحب برسالة وزير الدفاع السعودي    ضبط مصفاة نفط جديدة غير قانونية لمتنفذ يمني في خشعة حضرموت    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    الافراج عن اكبر دفعة سجناء بالحديدة تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    أمن محافظة صنعاء يدشّن خطة البناء والتطوير    ندوات ووقفات نسائية في حجة بمناسبة عيد جمعة رجب    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    اجتماع برئاسة العلامة مفتاح يناقش آلية تطوير نشاط المركز الوطني لعلاج الحروق والتجميل    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    وزارة الإعلام تدشن خطة شاملة لإحياء شهر رجب وتعزيز الهوية الإيمانية    حملة أمنية تحرق مخيمات مهاجرين غير شرعيين على الحدود بصعدة    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع تحسناً طفيفاً وتدريجياً في درجات الحرارة    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    قرقاش يدعو إلى تغليب الحوار والحلول المتزنة كأساس للاستقرار الإقليمي    الدولار الأمريكي يترنح في أسوأ أداء أسبوعي منذ شهور    إنجاز 5 آلاف معاملة في أسبوع.. كيف سهلت شرطة المرور إجراءات المواطنين؟    خبير طقس يتوقع ارتفاع الرطوبة ويستبعد حدوث الصقيع    ترميم عدد من الشوارع المحيطة بشركة ( يو)    قمة أفريقية..تونس ضد نيجيريا اليوم    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    المغرب يتعثر أمام مالي في كأس أمم إفريقيا 2025    جُمعة رجب.. حين أشرق فجر اليمن الإيماني    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    ريال مدريد يدرس طلب تعويضات ضخمة من برشلونة    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صنّاع .. الفتنة!
نشر في المصدر يوم 19 - 09 - 2013

كالعادة في الأنظمة البوليسية يلجأ الحكام إلى إثارة فتن داخل المجتمع لتحقيق أغراض خسيسة؛ مثل استخدامها ضد المعارضة أو لإشغال المواطنين عن مواجهة الدولة البوليسية بمشاكل أخرى تثير مخاوفهم وتبرر حملات القمع!

الفتنة الطائفية هي إحدى الأساليب التي اعتاد حكام مصر على إشعالها -كلما أرادوا الإساءة لخصومهم- وإيجاد مبررات لضربهم؛ وفي أواخر عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك وقعت حادثة تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية أثناء أداء صلاة بإحدى المناسبات الدينية؛ ويومها وجهت السلطة الاتهام للإسلاميين، وكالعادة المصرية الرسمية صدر بيان مجهول باسم "أنصار بيت المقدس" يتبنى حادثة التفجير .. وعندما وقعت حادثة محاولة اغتيال وزير الداخلية في السلطة الانقلابية الحاكمة؛ صدر أيضاً بيان يتبنى العملية باسم "أنصار بيت المقدس".. ويومها تذكر المصريون أو بعضهم أن هذه المنظمة نفسها هي التي أعلنت مسؤوليتها عن تفجير كنيسة القديسين؛ والتي اتضح بعد ثورة 25 يناير أن من يقف وراءها هو وزارة الداخلية المصرية بقيادة وزيرها العتيد حبيب العادلي؛ الذي يحاكم الآن مع رئيسه بتهمة قتل المتظاهرين .. وسبحان من يحيي العظام وهي رميم!

ومع فض الأمن المصري لاعتصامي رابعة العدوية والنهضة في قلب القاهرة؛ كان طبيعياً أن يخرج المصريون إلى الشوارع احتجاجاً على العنف واستباحة دماء المدنيين المسالمين، ويبدو أن السلطة كانت مستعدة لمثل ذلك بوسائل شتى: منها: تنظيم اعتداءات على الكنائس ومنشآت مسيحية ثم نسبة مسؤولية ذلك إلى الإسلاميين الرافضين للانقلاب العسكري! وكالعادة أيضاً: سرعان ما انكشفت حقائق الاعتداءات على الكنائس (43 كنسية أحرقت تماماً) ولعبة الأمن المصري القذرة؛ فأحد رجال الدين المسيحيين اتهم البلطجية بأنهم وراء الاعتداء على كنيسة، والبلطجية كما هو ثابت من جنود الأمن المصري يسلطونهم على من يشاءون! واعترف القسيس المصري بأن الشيوخ المسلمين هم الذين حموا كنيسته .. وكان مثيراً للدهشة أنه رغم أن المعارضين للانقلاب العسكري نظموا مئات المسيرات والاعتصامات، لكن حادثة اعتداء واحدة ضد كنيسة أو مسيحي لم تحدث، وحرصوا في كل فعالية على حماية الكنائس التي يمرون بها، ويحيطون بحماية أجسادهم لكيلا يستغل أحدهم الموقف ويفتعل اعتداء يلقي مسؤوليته على المتظاهرين!

***
مسيحيون مصريون لاحظوا أن سلطات الانقلاب العسكري حريصة على إشعال فتنة طائفية جديدة تستخدمها ضد الإسلاميين المعارضين لها الرافضين لعودة الدولة البوليسية وحكم أمن الدولة .. وعزّز ملاحظاتهم هذه أن حوادث الاعتداء على الكنائس جرت رغم وجود حماية أمنية معززة بأمن الكنائس نفسها .. ثم تعززت الملاحظة حينما ألقي القبض على مجموعة من البلطجية وأصحاب السوابق الإجرامية الذين اعترفوا بأنهم وراء حوادث الاعتداء!

وتعليقاً على غرابة ما حدث سجلت مسيحية مصرية شهادة لها قالت فيها:
اللي يقابل إخوانجي خارق من اللي بيحرقوا الكنائس يبلغه تحياتي، ويسأله: إزاي يقتحم الكنيسة ويحرقها من غير وفاة أو إصابة قسيس واحد أو أي شخص في الكنيسة؟ وأعتقد أن هناك 3 احتمالات لتفسير ذلك:
أ‌- الإخوانجي يستأذن القسيس أنه سيولّع في الكنيسة، والقسيس يقول له: اتفضّل .. الرب يباركك!
ب‌- أنه عندما يذهب ليحرق الكنيسة يلاقيها مقفلة ولا يوجد فيها أحد!
ج- يتحول إلى تنّين ينفخ في الكنيسة النار من بعيد ويهرب!

علماً بأن الكنائس عندنا كلها عليها حراسة من وزارة الداخلية ومن حراسة الكنيسة!

هذه الفتنة من هذا الانقلاب!
المعلومات التي تكشفت حول الاعتداءات على الكنائس والمحلات والممتلكات التابعة للمسيحيين كشفت أنها وقعت بالتزامن مع جرائم فض الاعتصامات، والتدمير تم بنفس الطريقة وبنفس الأسلحة .. فإذا تذكرنا أن مجاميع كبيرة من البلطجية كانت ترافق قوات الجيش والأمن المصري أثناء عمليات الاقتحام والقتل والحرق في "رابعة العدوية" و"النهضة" وغيرها من أماكن المظاهرات والاعتصامات، وتشارك فيها بوصفها "مقاومة شعبية" وبالإضافة إلى اعتراف الأمن بالقبض على البلطجية الذين اعتدوا على بعض الكنائس وأحرقوها .. كل ذلك يؤكد أن عسكر مصر مصممون على إحراق أم الدنيا بأي وسيلة لتحقيق أغراضهم، وكما يفعلون بالضبط في سيناء وعلى حدود قطاع غزة!

ولا شك أن اللعب بالورقة الطائفية – وخصوصاً بعد مشاركة قيادة الكنيسة القبطية في الانقلاب العسكري ضد رئيس جمهورية إسلامي- أشبه باللعب بالنيران، وأسوأ ما في ذلك هو تحريض المسلمين على المسيحيين .. وربما توفير فرصة تاريخية للمسيحيين للمطالبة بدولة خاصة بهم تحميهم من الاضطهاد!

لن يفهم العسكر ذلك، ولن يفهمه الموتورون الخاسرون في الانتخابات التشريعية والرئاسية، لكن فهمه بعض المسيحيين من النخبة المسيحية المصرية فسارعوا بدورهم لمحاولة إطفاء حرائق الفتنة الطائفية، فمنهم من وقف ضد الانقلاب العسكري وشرشح به في كل مكان، مؤيداً شرعية الرئيس الإخواني محمد مرسي، ومؤيداً ثورة المصريين ضد السلطة الانقلابية بقيادة الإخوان وحلفائهم من الأحزاب الإسلامية! وفي طليعة هؤلاء يبرز المفكر القبطي الشهير رفيق حبيب ونساء مثقفات مثل نيفين ملك والصحافي المسيحي رامي جان! ولاشك أن هناك كثيرين من المسيحيين يعلمون خطورة اللعب بالورقة الطائفية بين المسلمين الأغلبية والمسيحيين الأقلية؛ في الوقت الذي حصل فيه المسيحيون في مصر لأول مرة في تاريخهم على حق دستوري في الاحتكام إلى شرائعهم، وهو ما تم في الدستور الذي صدر في عهد الإخوان ويعمل الانقلابيون الآن على مسخه!

***
"مسيحيون ضد الانقلاب" هي آخر الأشكال النضالية ضد سلطات الانقلاب العسكري وحلفائها من العلمانيين واليساريين والقوميين التي شكلها المسيحيون المصريون الرافضون لعودة الدولة البوليسية والحكم العسكري .. وعندما يستيقظ بقية الغارقين في الأوهام فسيكون هناك أيضاً: "ليبراليون ضد الانقلاب" و"يساريون ضد الانقلاب" و"قوميون ضد الانقلاب"، ولن يبقى في مربع الانقلاب العسكري إلا "تجار مخدرات ضد الشرعية" على أساس أنه يصعب إيقاظهم من غفلتهم، ولو خف تأثير المخدرات عليهم فربما خرجوا في مظاهرات يطالبون فيها بطرد الملك فاروق الأول!

من أحرق مزرعة هيكل؟
يوم الأربعاء الأسود في مصر؛ عندما كانت جحافل العسكر والأمن والبلطجية تحرق ميادين الاعتصامات وتقتل وتحرق وتعتقل.. تعرضت مزرعة الكاتب المصري الشهير محمد حسنين هيكل للتدمير والحرق والنهب؛ بما فيها مكتبته التي قيل أنها تضم آلاف المخطوطات والكتب النادرة!

الأمن المصري اتهم كالعادة الإخوان بأنهم هم الذين فعلوا ذلك انتقاماً منهم لكون هيكل كان المنظّر السياسي للانقلاب، ويقال إنه هو الذي تولى عملية إقناع العسكر بوطنية الانقلاب على د.مرسي .. وشارك في مناسبة إعلامية واحدة –اختفى بعدها- في الهجوم الشرس وترويج الأكاذيب لتبرير الإطاحة بأول حكم مدني!

الكاتب المصري فهمي هويدي ذكر هذا الأسبوع - استناداً لصحف مصرية موالية للسلطة- أن نتائج التحقيقات في حادثة المزرعة كشفت أن الذين نفذوها عدد من البلطجية أصحاب السوابق بزعامة شخص عليه خمس قضايا سرقة .. في الوقت الذي يريدوننا أن نصدق أن الإخوان الذين واجهوا عمليات القمع بسلمية هم الذين أحرقوا المزرعة .. وحتى فرضية الانتقام لا تصمد كثيراً أمام النقد؛ فكما قلنا فقد تم مواجهة الرصاص بسلمية، والذين فعلوا مثل هيكل وأسوا كثيرون.. ولو كان هناك من يريد الانتقام حقاً فهم أتباع المخلوع مبارك المهيمنون على الجيش والأمن والقضاء والإعلام الذين شرشح بهم هيكل في كتاب من ثلاثة أجزاء شحن فيها كل أوساخ وقاذورات عهد مبارك وممارساته وحتى نال بقسوة من شخصيته وسلوكياته على مستوى الأحذية والملابس!

وهكذا .. من أعان ظالماً على مسلم سلّط عليه أوسخ بلطجية في .. الدنيا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.