بات اهتمام المبعوث الدولي إلى اليمن منصباً على انهاء مؤتمر الحوار في أقرب موعد متاح بحصيلته الممكنة التي أفلحت أطراف المؤتمر في التوصل إليها. وبدا من الإفادة التي قدمها جمال بنعمر أمام مجلس الأمن الدولي في جلسته المنعقدة الجمعة الماضية أن انفتاح الحوار على القضية الجنوبية وشكل الدولة المستقبلية بكل تعقيداتهما التي تريد الأطراف السياسية حسمها في إطار المؤتمر قد أشعر الرجل بأنه قد ألقي على كاهله حمل ثقيل، لم يكن مؤتمر الحوار مصمماً لاستيعابها.
قال بنعمر "مؤتمر الحوار الوطني لم يكن مصمّماً أبداً لمواجهة جميع التحديات في اليمن دفعة واحدة، بل يُفترض أن ينتهي باتفاق عام على مجموعة مبادىء حول تسع قضايا محورية تشكل موجّهات لمرحلة صوغ الدستور، وهي خطوة أخرى في العملية الانتقالية. سوف يتطلب بعض القضايا متابعة وجهوداً بعد انتهاء مؤتمر الحوار، عبر مسارات تفاوضية أخرى تكون تشاركية فعلاً وتتزامن مع عملية صوغ الدستور".
وأضاف: من المهم أن نتذكر أنّ مؤتمر الحوار ليس سوى خطوة واحدة في العملية الانتقالية. ولم يكن يفترض أبداً أن يقدّم حلولاً لجميع المشكلات في اليمن، بل كان مصمّماً كجزء من عملية تحوّل سياسي أوسع وأطول مدى".
وفي الوقت الذي ينادي المبعوث الدولي بإسدال الستار على مؤتمر الحوار، تتوسع أطراف سياسية في المؤتمر في تضمين تفاصيل ومطالب دقيقة خوفاً من أي ثغرة قد تطيح بما شكلته من تعويلات على المؤتمر الذي ترى أنه فرصة لن تتكرر.
هنا تتوسع الفجوة بين الرؤيتين.
لكن مهما طالت النقاشات في قضايا الحوار التي أنشيء لأجلها في الأصل فهي لا تمثل عقبة زمنية مثلما يحدث مع القضية الجنوبية التي أربكت مباحثاتها المعقدة خطة المؤتمر الزمنية وجرته إلى حيث لم يكن مخططاً له كما ارتهنت معها شكل الدولة المستقبلية التي تعذر تحديد شكلها دون الانتهاء من تحديد مستقبل الجنوب.
ويلقي بنعمر في النقطة العاشرة من إفادته الضوء على مدى صعوبة النقاشات الدائرة بشأن القضية الجنوبية.
يقول بنعمر "منذ 10 أيلول (سبتمبر)، وبناء على طلب الأطراف السياسية، أيسّر محادثات تهدف إلى إيجاد حلّ توافقي للقضية الجنوبية. وقد شدّدت خلالها على أن اليمنيين هم أصحاب القرار، وأنهم سيتحمّلون نتائج الخيارات التي يتخذونها على المدى الطويل. ويسعدني أن أبلغكم أنّ هناك تقدماً واتجاهاً للتوافق على مجموعة مبادىء ورؤية لبناء هيكل جديد لدولة اتحادية، مبنية على مقترحات قدّمتها مختلف المكوّنات، وذلك رغم استمرار النقاشات حول عدد الأقاليم الاتحادية وحدودها..".
نتيجة المأزق الزمني لمؤتمر الحوار نتيجة تعقيدات القضية الجنوبية وعدم إيلائها حقها اللازم في اتفاقية نقل السلطة الموقعة في 2011 سيجد قادة الحراك الجنوبي الرافضون لمؤتمر الحوار محقين حين يبررون عدم اشتراكهم في الحوار بأنه اختص بمشكلة الصراع على السلطة ولم يفرد لقضيتهم ما يلائم حجمها.
غير أن تشديد بنعمر أمام مجلس الأمن على أن الحوار لم يصمم لاستيعاب المشكلات اليمنية كلها فيه إشارة طلب إلى المجلس للإبقاء على الدور الإشرافي للأمم المتحدة خلال المراحل التي تعقب مؤتمر الحوار وإنهاء المؤتمر في أقرب وقت متاح.
جاء في إفادة بنعمر أن "مؤتمر الحوار الوطني ليس ترياقاً أو غاية في حدّ ذاته، بل وسيلة تمكّن اليمنيين من إرساء أسس عملية سياسية أكثر تشاركية، والتوافق على مبادىء عامة وإطلاق عمليات لحلّ النزاعات المزمنة".
واستطرد القول "يبدو أن البعض لا يرغب في إنهاء مؤتمر الحوار إلى حين اتضاح جميع التفاصيل المتعلقة في ما بعد المؤتمر وفي ترتيبات المرحلة (التأسيسية) وشكل الدولة الاتحادية المستقبلية، والاتفاق عليها. أرى من المهم التعامل مع هذه القضايا خطوة تلو الأخرى، وإيلاء الأولوية لإنهاء مؤتمر الحوار".