كانت قرية كوكبان اليمنية العالقة بربوة صخرية تعج بالسياح في السابق تجتذبهم اليها مناظرها الجبلية ومنازلها الحجرية التي تعود الى قرون وأزقتها الضيقة. ويخيم الآن هدوء غريب على هذه القرية الواقعة على ارتفاع 2800 متر فوق سطح البحر. ولم تعد أفواج الزائرين تصل اليها بالحافلات من العاصمة صنعاء على بعد 35 كيلومترا.
وبهتت اللافتات المعلقة على بيوت الضيافة والمطاعم المغلقة منذ زمن طويل. وفي الشارع يلعب صبية القرية خارج أحد الفنادق المهجورة.
وكان اليمن يتطلع الى السياحة كمصدر دخل بديل للدخل النفطي الآخذ في التناقص الذي تراجع الى ملياري دولار في العام الماضي نزولا من 4.4 مليار دولار في عام 2008. لكن الهجمات التي يشنها متشددون من تنظيم القاعدة وعمليات الخطف والاضطرابات الشديدة تبعد الكثير من السياح الأجانب عن البلاد.
وقال أبو طالب وهو وكيل سفر في صنعاء ان "قطاع السياحة يواجه مشكلة ضخمة. تراجعت الحجوزات من أوروبا بنسبة 90 في المئة" مضيفا "يفترض أن يكون موسم الذروة في الوقت الحالي. ما زال بعض الناس يأتون ولكن على مسؤوليتهم الخاصة."
وكان رجال القبائل اليمنيون يخطفون الأجانب مرارا في السابق في محاولة لاجبار الحكومة على تقديم منافع محلية وعادة ما يفرجون عن ضحاياهم سالمين. ولكن عودة تشدد القاعدة يبعد الجميع باستثناء من يتحلون بأقصى قدر من الجرأة.
وأعلنت الحكومة "حربا مفتوحة" على المتشددين بعد اعلان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ومقره اليمن المسؤولية عن هجوم فاشل على طائرة ركاب امريكية في 25 ديسمبر كانون الاول.
ولكن سيطرة الحكومة ضعيفة في الكثير من أنحاء اليمن. ويمكن للسياح الذين يجازفون بالحضور الى هنا استكشاف مدينة صنعاء القديمة المثيرة للإعجاب وميناء عدن الجنوبي الهاديء أو جزيرة سقطرى النائية لكن ليس بامكانهم استكشاف شيء يذكر باستثناء ذلك.
ويحتاج الأجانب الى تصاريح من الشرطة للسفر خارج صنعاء وهو إجراء تقول السلطات انه يهدف الى حمايتهم.
والطريق بين صنعاءوعدن الحافل بالمناظر الطبيبعة الخلابة عبر مدينة تعز الجبلية محفوف بالمخاطر بسبب الاضطرابات الانفصالية في الجنوب.
أما مدينة صعدة الشمالية التي تشتهر بالبلدة القديمة فيها فهي منطقة حرب تخوض فيها القوات الحكومية قتالا مع المتمردين الحوثيين.
وفي حضرموت بجنوب شرق البلاد حيث توجد أبراج شبام التي تعود الى القرن السادس عشر وتوصف بأنها مانهاتن "الصحراء" فهي أيضا منطقة ممنوع الدخول اليها. وهذا هو الحال أيضا بالنسبة لمأرب في الشرق عاصمة مملكة سبأ قبل ظهور الاسلام والتي ينعدم فيها حكم القانون.
وقال مطير الثوار وهو صاحب متجر في مدينة صنعاء القديمة يبيع الخناجر التقليدية التي يستخدمها رجال القبائل اليمنيون "لا أحد يأتي بسبب كل هذه المشاكل."
وشن تنظيم القاعدة عدة هجمات على السياح بما في ذلك تفجير انتحاري أسفر عن مقتل أربعة من كوريا الجنوبية في حضرموت في مارس اذار 2009. وقتل مسلحون امرأتين من بلجيكا في يناير كانون الثاني 2008. وأسفر انفجار سيارة ملغومة عن مقتل سبعة اسبان في مأرب في يوليو تموز 2007.
وفي الشهر الماضي قال مسؤول يمني ان مفاوضات بدأت مع خاطفي زوجين ألمانيين وأطفالهما الثلاثة وبريطاني محتجزين منذ يونيو حزيران. وعثر على جثث ثلاثة أجانب آخرين كانوا قد خطفوا في نفس التوقيت بمحافظة صعدة في شمال البلاد.
ونفى الحوثيون مسؤوليتهم عن عملية الاختطاف التي لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عنها.
ويمثل الركود في قطاع السياحة أخبارا سيئة إضافية للدولة الفقيرة البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة يعيش أكثر من 40 في المئة منهم بأقل من دولارين يوميا.
وأقر وزير السياحة نبيل الفقيه في مقابلة أُجريت معه مؤخرا بأن عدد السياح الأوروبيين بدأ الانخفاض مشيرا الى أن اليمن سيسعى لاجتذاب مزيد من الزوار من الخليج العربي وغيره من مناطق الشرق الاوسط للتعويض.
لكن دبلوماسيين يقولون ان خطط اليمن التي ترد تقارير بشأنها لاجتذاب مليون زائر سنويا بحلول عام 2010 و 1.5 مليون بحلول عام 2015 محكوم عليها بالفشل على ما يبدو.
وتشمل الاحصائيات الرسمية كل من لديه تأشيرة سياحية بما في ذلك رجال الاعمال والمتعاقدون في مجال النفط واليمنيون الذين يحملون جوازات سفر أجنبية بالاضافة الى السياح الحقيقيين الذين يأتون لقضاء العطلات.
ويقول محللون محليون ان السياحة لم تسهم قط بأكثر من 2 أو 3 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي أي أقل بكثير من نسبة 6.5 المستهدفة المذكورة على وزارة السياحة على شبكة الانترنت.
ولا تزال بعض الجهات المانحة تمول مشروعات لتطوير السياحة لكن مسؤولين يقولون في أحاديثهم الخاصة ان أفضل امالهم تتمثل في اقناع المغتربين اليمنيين بقضاء العطلة الصيفية في بلادهم.