للوهلة الأولى بعد اقتحام مجمع وزارة الدفاع بصنعاء أمس الخميس قلت إن الرئاسة والحكومة اليمنية إذا اكتفت باستنساخ أسلوب جمال بن عمر في تحميل المسؤولية لأطراف معرقلة ومجهولة، فإنها ستكون قد قدمت دليلا إضافيا على عجزها وفشلها. أتمنى أن يخيب ظني من خلال بيان واضح وخطاب رسمي مختلف يتقدم خطوة إلى الأمام في مكاشفة الرأي العام بحقيقة ما يدور في البلد، لأن الشائعات تزدهر ببساطة مع نقص المعلومات وغياب الشفافية.. فهل تدرك الرئاسة والحكومة هذه الحقيقة؟
ما لم يتم تقديم تقرير مفصل وواضح للرأي العام اليمني عن تفاصيل ما حدث في مجمع وزارة الدفاع فإن الرئاسة والحكومة لن تكون جديرة بأي قدر من الثقة أو المصداقية.
لا تحدثونا عن بصمات مشابهة لعمليات سابقة، ولا عن معرقلين للتسوية ولا عن قاعدة غير محددة.. هناك قواعد متعددة في اليمن وليست قاعدة واحدة.
إن السبيل الوحيد أمام الرئاسة والحكومية اليمنية لصناعة رأي عام وطني يستشعر الأخطار المحدقة بالبلد وبالدولة، هو في عرض الحقائق لا في مخاطبة العواطف، لأن اللحظة فاصلة و اليمن بحاجة ماسة لقيادة تجعل الأولوية لمكاشفة الرأي العام بالحقائق مهما كان الثمن.
يحق لنا كيمنيين أن نتشكك في أن (القاعدة) هي وراء كل هذا الخراب في البلد، لا يمكن لها أن تحقق ذلك من دون تحالفات وامتدادات في عمق النظام السابق، الذي ما يزال يتحكم في جزء كبير من دواليب السلطة والحكم، وبدلا من تبديد تلك الشكوك والهواجس يصر المطبخ الذي يدير قناة اليمن اليوم التابعة للزعيم أن يظهر الشماتة في اليمنيين بعد كل نكبة أو كارثة تحل بالبلد..
على الرئيس هادي أن يتذكر جيدا أن من أهم المآخذ التي أعترف بها أنصار الرئيس المصري السابق محمد مرسي، أنه لم يكاشف الرأي العام بحقيقة ما يجري منذ البداية، وأن الحكمة الزائدة قد تكون قاتلة خاصة في اللحظات الحاسمة والمفصلية من حياة الأمم والشعوب.
أما الإعلام اليمني فإن ما حدث يؤكد مجددا أنه في حاجة ماسة لاستكمال جانبين مهمين أشرت لهما الأسبوع الماضي تعليقا على أدائه بعد جريمة اغتيال عبد الكريم جدبان، وهما: الأول: إعادة النظر في أساليب الإدارة والتخطيط الإعلامي والبرامجي خاصة أثناء الأزمات والأحداث الطارئة. ويكفي أن ترصد أول 60 دقيقة بعد الحادث في كل الفضائيات اليمنية لتدرك حجم التخبط وغياب الرؤية في التعامل مع الأحداث الطارئة باستثناءات قليلة.
ثانياً: الحاجة لميثاق شرف صحافي يؤكد أهمية الحفاظ على التماسك الاجتماعي، ويقول (لا) لكل ناعق يوزع الاتهامات وينصب نفسه مدعيا وقاضيا ومشعلاً للحرائق.