أُعيد تشغيل مستشفى الرازي الحكومي بعد خروج مسلحي تنظيم القاعدة من بلدة جعار التي كانوا يسيطرون عليها، وجُهّز بصورة شبه كاملة وخاصة قسم الطوارئ والعيادات التخصصية، مع بقاء بعض الأقسام في المستشفى بدون ترميم بسبب التدمير الكبير الذي طالها، ورغم أن المستشفى يحتوي على أكثر من 200 سرير سابقاً، إلا أنه تم تجهيز سبعين سريرا في الوقت الحالي. ويعتبر مستشفى الرازي العام الذي أفتتح في 30 نوفمبر 1989 أبرز وأهم وأكبر المرافق الصحية في محافظة أبين، كونه قبلة لأعداد كبيرة تتوافد إليه من مديريات أبين الإحدى عشرة.
وبلغت كلفة إعادة بنائه نحو (150) مليون ريال يمني بعد أن تم تدميره كاملاً، ونُهبت الأجهزة والمعدات الطبية من قبل ما كان يعرف ب«أنصار الشريعة» وهو الاسم الشائع لمسلحي تنظيم القاعدة الذين سيطروا على أجزاء واسعة في محافظة أبين ما بين عامي 2011 و2012.
ويشكو الكثير من العاملين في المستشفى ومن رواده أيضاً، مما أسموه «الفساد والنهب» الذي يطال المستشفى من قبل القائمين على الصحة، وبتواطؤ من السلطة المحلية بالمحافظة، لكن إدارة المستشفى تنفي ذلك وتقول إن «السلبيات قليلة».
وإضافة إلى شكاوى الفساد، تظهر مشكلة أخرى قد تُهدد وجود المستشفى كصرح طبي شامخ، ارتاده الكثير من المرضى واستفاد من خدماته الطبية، وهي مغادرة غالبية الأطباء العمل في المستشفى وانتقالهم إلى محافظة عدن، في وقت يُحسبون ضمن القوة العاملة فيه، ويتقاضون رواتبهم المالية نهاية الشهر من ميزانيته.
«المصدر أونلاين» أجرى استطلاعاً للاطلاع عن كثب على الوضع الذي يعيشه المستشفى واستمعت إلى آراء الكثيرين.
23 طبيباً لا يعملون مدير المستشفى الدكتور خالد فضل الدوبحي قال إنه عقب تحرير الجيش اليمني للمدن في أبين من سيطرة تنظيم القاعدة منتصف شهر يوليو العام الماضي تم إعادة تشغيل المستشفى، بعد تعرضه للتدمير جراء الحرب.
وحسب الدوبحي فإن منظمات مختلفة شاركت في تمويل إعادة تشغيل المستشفى مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الصليب الأحمر الدولية، حيث تبنت تلك المنظمات تجهيزات المستشفى بشكل كامل.
وامتدح الدكتور خالد المستشفى، وقال «إن جميع العمليات الكبرى والصغرى يتم عملها في المستشفى بكل كفاءة واقتدار، باستثناء العمليات المعقدة».
وأضاف في حديث ل«المصدر أونلاين» ان «هذه الأعمال تمت بتعاون الجميع من سلطة محلية وإدارة مستشفى وعاملين فيه وكل من تهمه أمور الصحة في أبين».
وعن صحة ما يقال عن وجود أطباء محسوبين على المستشفى في حين أنهم يعملون خارجه، قال الدكتور الدوبحي: إن عدد المفرغين 23 طبيبا، البعض منهم للدراسة، والبعض الآخر نقلهم مكتب الصحة بالمحافظة للعمل في مستشفى زنجبار أو المراكز والوحدات الصحية الأخرى.
وقال مدير المستشفى إنه شكا مكتب الصحة إلى محافظ المحافظة جمال العاقل الذي وجه بتشكيل لجنة للبت في قضية النقل.
وتكونت اللجنة –حسب مدير المستشفى- من مدير عام الخدمة المدنية بالمحافظة، ومدير عام الموارد البشرية ومدير عام الشؤون الفنية بالمستشفى، وأيضاً مدير إدارة التدريب والتأهيل وناظر التمريض.
وفي محاولة من إدارة المستشفى لتغطية العجز في الأطباء والأخصائيين قال الدكتور الدوبحي «إنه تم التعاقد مع أربعة أخصائيين سوريين وطبيبين، والجميع يباشرون عملهم الآن، كما أن العيادات التخصصية تعمل على أكمل وجه».
ويمارس بعض عمال المستشفى إضرابات واحتجاجات قال مدير المستشفى إن اجتماعاً عُقد مع المعنيين ناقش أهم القضايا المتعلقة بحقوق عمال المستشفى ووضع المعالجات الخاصة بها للخروج من تلك المشكلات.
وقال إن المجتمعين اتخذوا عددا من القرارات والتوصيات المتعلقة بالتسويات والعلاوات السنوية والمكافآت والحوافز وعلاوات النوبات وكذلك قضايا المتعاقدين والمتقاعدين، وقد تم حل كل تلك القضايا بما هو موجود في محضر الاجتماع.
واتهم الدوبحي، وزارة المالية «بوضع العراقيل أمام المستشفى»، بسبب ما أسماه «تعنتها في صرف مستحقات كشوفات العاملين التي نرسلها إلى صنعاء».
العجز قائم في أطباء العموم بقسم الطوارئ من جانبه، اعتبر الطبيب هدار محمد هدار مشكلتي الأطباء المفرّغين ووجود عجز في أطباء العموم بقسم الطوارئ أبرز معاناة في المستشفى. وقال إن غياب 23 طبيباً، مفرغين لأسباب مختلفة، يُشكّل عبئاً إضافياً على الأطباء المتواجدين في المستشفى.
وأضاف ل«المصدر أونلاين» إن اللجنة التي كان المحافظ شكّلها للنظر في قضية المفرّغين، ستعاود عملها قريباً.
وشكا الدكتور هدار من الوضع الأمني الذي يعيشه المستشفى، وقال إنه لا توجد حماية أمنية كافية له، الأمر الذي يجعل حياة الأطباء في خطر، بسبب ما يتعرضون له من مرافقي بعض المرضى.
وقال هدار إنه تم رفعها للسلطة المحلية والمحافظ، لكن إلى الآن لم يتغير شيء.
مدير عام الموارد البشرية حمدي محمد علي أكد عدم قانونية نقل أطباء العموم خارج المستشفى من قبل مكتب الصحة بأبين، كما وعد بحل مشكلة العمال المالية من خلال السفر إلى صنعاء ومتابعة المسؤولين في وزارة المالية.
وقال للمصدر أونلاين إن الوضع في المستشفى يسير نحو التحسن بفضل تكاتف جميع العاملين، داعياً السلطة المحلية إلى المزيد من الدعم والاهتمام.
عاملون في المستشفى: حقوقنا منهوبة أبدى الكثير من عاملي المستشفى، أثناء حديثهم ل«المصدر أونلاين» تذمرهم من إدارة المستشفى، وقالوا «إنها تماطل في صرف مستحقاتهم المالية».
واعتبر الممرض علي الحوتري الاجتماع الذي أُقر فيه دفع مستحقاتهم بأنه نوع من «ذرّ الرماد على العيون»، وقال إنها «مسكنات مؤقتة لا غير».
وكشف عن تعرضه هو وزملائه إلى الكثير من المضايقات، وخصوصاً في فترة النوبات الليلة، من قبل المرافقين للمرضى أو من المرضى الذين يتعاطون الحبوب المخدرة.
وأبدى الحوتري أسفه لتعرضهم لمضايقات واعتداءات من قبل بعض أفراد اللجان الشعبية، وقال إنه من المفترض أن يكونوا في حمايتنا لكنهم يتعاملون معنا بهمجية وطيش.
وقال إن سبب مغادرة الكثير من الأطباء والكفاءات ومنهم الدكتور طلعت زيد، والدكتور هشام فضل مبارك، هو التهديدات التي كانوا يتعرضون لها من قبل مرافقي بعض المرضى.
الممرض الحوتري قال ل«المصدر أونلاين» إن من تم تفريغهم للدراسة لا يتجاوزون أصابع اليدين، أما المفرغّين للعمل بمستشفيات خاصة في عدن فعددهم يتجاوز ال67 طبيباً وكلهم من الكفاءات الجيدة.
واتهم إدارة المستشفى بتركهم دون اتخاذ أي إجراءات ضدهم، كما ان البعض منهم يداوم في العيادات الصباحية ويغادر بعدها للعمل في مستشفيات خاصة.
وقال إن المشكلة تكمن في «فساد إدارة المستشفى التي نهبت حقوق العمال ولم تسوِّ أوضاع بعض العاملين الذين تجاوزت خدماتهم ال20 عاماً».