عشر سنوات بالتمام والكمال هو عُمر تكتل أحزاب اللقاء المشترك، الذي أسس في العام 2003 لمواجهة الألاعيب والخداع والضغوطات السياسية التي كان يمارسها الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والذي بذل جهداً كبيراً ليفك ارتباط هذا التكتل العملاق، ولكن كل محاولاته باءت بالفشل، واستمر هذا التحالف الوطني ليقود مسيرة التغيير جنباً إلى جنب مع أبطال ثورة 11 فبراير الشبابية. وتجربة تكتل أحزاب اللقاء المشترك في حد ذاتها ناجحة بشهادة الجميع في الداخل والخارج وشهادة المحبين وغيرهم.
مرّت هذه التجربة بعددٍ من الصعوبات وعددٍ من المطبّات، أخطرها المواقف المتباينة لأحزاب اللقاء المشترك من الثورة الشبابية، وخرجت هذه الأحزاب متفقة على دعم الثورة، ووقفت صفاً واحداً خلف الشباب الثائر، ثم جاءت أزمة وثيقة المبادرة الخليجية، وأيضاً تم تجاوزها بحنكة ملفتة للنظر، وتم الاتفاق والقبول بهذه المبادرة لتجنيب اليمن الحرب الأهلية التي كانت على وشك النشوب. وخرجت أحزاب اللقاء المشترك أكثر قوة وتفاهماً وترابطاً. ثم جاء مؤتمر الحوار الوطني فلعبت أحزاب تكتل اللقاء المشترك دوراً محورياً للوصول بالحوار إلى بر الأمان رغم محاولات أطراف بعينها - الجميع يعرفهم - حاولوا إفشال مؤتمر الحوار بافتعال الأزمات داخل قاعات المؤتمر وخارجها. ولكن بحكمة قادة تكتل احزاب اللقاء المشترك وبحكمة بعض الرموز الوطنية وبحنكة الرئيس هادي وصبره الذي يحسد عليه، وكذلك صبر شباب الثورة، تم تجاوز جميع هذه الخلافات، وتم الوصول إلى النتائج المعقولة التي ستجنّب البلاد الاقتتال الداخلي وستجنبها كذلك الانفصال، وكان على الجميع تقديم تنازلات مؤلمة ولكنها ضرورية من أجل الحفاظ على اليمن سالماً وموحداً.
أحزاب مهمّة داخل اللقاء المشترك مثل الحزب الاشتراكي والحزب الناصري لم توقّع على وثيقة الاتفاق على شكل الدولة، ولكل حزب وجهة نظره المنطقية، وهنا لن نناقش ما هو السبب وراء عدم التوقيع.
فلقد تم توضيح الأسباب ووجهة نظر الحزبين (الاشتراكي والناصري) المهمين من خلال اللقاءات التلفزيونية لأمناء عموم هذه الأحزاب، وكانت تصب في تخوف هذه الأحزاب من تشظِّي وتشرذم اليمن إلى دويلات إذا لم يتم تقديم ضمانات قوية، وهي تحفظات سيتم مناقشتها بالتفصيل من خلال اللجنة التي سيترأسها فخامة الرئيس هادي شخصياً لإيجاد الحلول والضمانات اللازمة التي تزيل تحفظات هذين الحزبين المهمين في تكتل اللقاء المشترك.
نحن كمراقبين وكمواطنين محبين لتكتل أحزاب اللقاء المشترك ننظر بقلق لبعض التصريحات التي صدرت من قادة بعض قادة أحزاب اللقاء المشترك، والتي حملت في طياتها رؤًى لا تنسجم مع الإجماع الذي تعودنا عليه من أحزاب هذا التجمّع الهام للأحزاب الوطنية على الساحة اليمنية. وسبب قلقنا هو: أولاً أن الساحة السياسية اليمنية لا تتحمل مزيداً من الصراعات الداخلية خاصة بين أحزاب اللقاء المشترك الذي ينظر إليه معظم اليمنيين الشرفاء بأنه صمام الأمان في الساحة اليمنية، وأن أي تصدع فيه سيدخل اليمن في دوامة من الصراعات لا نهاية لها. ثانياً: أي تصدع في أحزاب اللقاء المشترك هو بمثابة الهدية المجانية للمتربصين بالتغيير، وسينقضون على ثورة 11 فبراير2011 ليعيدوا دولة الفساد من جديد. ثالثاً: العديد من المراقبين السياسيين يخشون أن تنجح بعض دول الجوار في استمالة بعض أحزاب تكتل اللقاء المشترك حتى تشق صفه، وبالتالي القضاء عليه تماماً، تمهيداً لعودة النظام السابق.
تجربتنا الكبيرة أثبتت أن قادة أحزاب اللقاء المشترك لديهم من الحكمة ورجاحة العقل والحنكة ما يجعلهم دائماً يتجاوزون كل الصعاب والمحن التي كادت أن تعصف بهذا التكتل المبارك في الماضي، وهم كذلك اليوم، فنتوقع منهم تجاوز هذه الفتنة حتى لو كانت بحجم إعصار تسونامي الذي ضرب إندونيسيا وبعض السواحل الآسيوية في السنوات القليلة الماضية.