دموع "صنعاء القديمة"    فساد قضائي حوثي يهدد تعز وصراع مسلح يلوح في الأفق!    رسالة صوتية حزينة لنجل الرئيس الراحل أحمد علي عبدالله صالح وهذا ما ورد فيها    كهرباء عدن تعلن عن انفراجة وشيكة في الخدمة المنهارة والغضب يتصاعد ضد بن مبارك    منصات التواصل الاجتماعي تشتعل غضباً بعد اغتيال "باتيس"    هل تُصبح الحوالات الخارجية "مكسبًا" للحوثيين على حساب المواطنين؟ قرار جديد يُثير الجدل!    "هل بصمتك ثمن معاملتك؟ بنك الكريمي يثير قلق العملاء باجراءات جديدة تعرض بياناتهم للانتهاك    تحرير وشيك وتضحيات جسام: أبطال العمالقة ودرع الوطن يُواصلون زحفهم نحو تحرير اليمن من براثن الحوثيين    عمران: مليشيا الحوثي وضعت الصحفيين في مرمى الاستهداف منذ اليوم الأول للانقلاب    للتاريخ.. أسماء الدول التي امتنعت عن التصويت على انضمام فلسطين للأمم المتحدة    العليمي يستفرد بقرارات المجلس الرئاسي متجاوزا أعضاء المجلس    طبيب سعودي يتبرع بدمه لينقذ مريض يمني أثناء عملية جراحية (اسم الطبيب والتفاصيل)    بغياب بن الوزير: سرقة مارب لنفط شبوة ومجزرة كهرباء عدن والمكلا    هجوم حوثي مباغت على قوات درع الوطن وسقوط قتلى وجرحى    استقالة مسؤول ثالث في الاحتلال الإسرائيلي.. والجيش يعلن عن اصابة نائب قائد كتيبة و50 آخرين خلال معارك في غزة    صبرا ال الحداد    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    عدن.. احتجاجات غاضبة تنديدا بانهيار خدمة الكهرباء لساعات طويلة    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    استئناف إضراب نقابة عمال شركة النفط بمحافظة شبوة    الأمم المتحدة تعلن فرار مئات الآلاف من رفح بعد أوامر إسرائيل بالتهجير    المبعوث الأممي يصل إلى عدن في إطار جولاته لإستئناف مفاوضات السلام مميز    بالصور.. قاعدة الدوري الأمريكي تفجر غضب ميسي    كوابيس كشفت جريمة مرعبة: فتاة صغيرة تنقذ نفسها من القتل على يد شقيقها والامن يلقي القبض على الاب قاتل ابنه!    مبابي يطارد بيريز في احتفالية الليجا    خبير اقتصادي: قرار مركزي عدن بنقل قرات بنوك صنعاء طوق نجاة لتلك البنوك    فشل ذريع لكريستيانو رونالدو السعودي.. كيف تناولت الصحف العالمية تتويج الهلال؟    "أطباء بلا حدود" تنقل خدماتها الطبية للأمهات والأطفال إلى مستشفى المخا العام بتعز مميز    إب .. وفاة أربع طفلات غرقا في حاجز مائي    بمشاركة «كاك بنك» انطلاق الملتقى الأول للموارد البشرية والتدريب في العاصمة عدن    مراكز ومدارس التشيّع الحوثية.. الخطر الذي يتربص باليمنيين    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    التوظيف الاعلامي.. النفط نموذجا!!    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    لو كان معه رجال!    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    الدوري المصري: الاهلي يقلب الطاولة على بلدية المحلة    بعد فوزها على مقاتلة مصرية .. السعودية هتان السيف تدخل تاريخ رياضة الفنون القتالية المختلطة    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توارت كتلة المشترك وتصدعت كتلة المؤتمر وحضرت كتلتان: كتلة مجلس التضامن وكتلة أنجال الشيخ
نشر في المصدر يوم 23 - 02 - 2010

انتهت الانتخابات في تمام ال3 والنصف عصراً، ولاحظ الصحفيون أن يحيى الراعي وعبدالعزيز جباري لم يتصافحا.. كما لم يوجه الأول لجباري الشكر إلاّ في آخر الجلسة، وبصورة عارضة في سياق كلمته بعد أن أُعلنت النتيجة النهائية لنواب الرئيس، وبعد أن وجه الشكر الجزيل للشيخ علي ناصر قعشة، الذي لم ينافسه.
وعلى خلاف المرة السابقة، التي تنافس فيها الراعي مع علي عشال، بدا يحيى الراعي هذه المرة مقهوراً وغير راض بما حصل، ولا حتى بالنتيجة التي لم يتوقعها أبداً.. أما جباري فقد غادر القاعة برأس مرفوع والكاميرات تحيط به من كل جانب.. غير أن الأول، وبعد أن ضمن مقعده على رأس المنصة، حاول أن يتماسك وأن يتجنب التعليق على ما حدث مكتفياً بتوجيه بعض الرسائل لأشخاص بعينهم يعتقد في قرارة نفسه أنهم كانوا وراء كل هذه المكيدة..
كان يشاهد نواباً يضحكون ويتبادلون القبل، وكان يفتح الميك وينادي عليهم: "علي العنسي، علي العنسي.. لو سمحت اجلس، مالك اليوم ولا رضيت تقعد"، ثم يبتسم بحذق.. كان يوزع رسائله المبطنة هنا وهناك، لكن كانت أغلب تلك الرسائل من نصيب الشيخ حسين الأحمر رئيس مجلس التضامن.. فعندما رأى الأخير وهو يتعهد لجان الفرز ليتأكد من مؤشرات نتيجة أخيه الشيخ حمير، كان الراعي يفتح الميك بعجالة ويصيح عليه: "شيخ حسين، شيخ حسين خلي الناس يفرزوا مابش داعي تزاحموهم"، ثم يضحكان معاً.. وقبلها كان يحيى الراعي يلاحظ الناس وهم يراجعون الشيخ علي ناصر قعشة للانسحاب من الترشح لمنصب نائب الرئيس، ثم ينادي على الشيخ حسن عنان، ويخاطبهم: "اقعدوا يا جماعة، اقعد يا خالي" يقصد عنان، الذي هو خال الشيخين حميد الأحمر وحسين الأحمر، وكان الشيخ حمير الأحمر يسمعها وهو جالس في الطرف الآخر من القاعة ويضحك، يضحك لأنه يعرف معناها والراعي يرد عليه أيضاً بضحكة!
في هذه الانتخابات، اختفت الكتل السياسية ورفض نواب اللقاء المشترك أن يشاركوا في أي من اللجان، لا في لجان القيد ولا في لجان الفرز ولا في المرشحين، غير أن هناك كتلة جديدة ظهرت إلى الواجهة أمس وملأت بقوة الفراغ التي تركته كتل اللقاء المشترك؛ إنها كتلة مجلس التضامن الوطني.. وفي نهاية اليوم أدرك كل النواب ما الذي فعلته هذه الكتلة، وإلى أي مدى أصبح الشيخ حسين الأحمر متجذراً داخل قاعة مجلس النواب، بل ومتحكماً في قراراته.. كان الشيخ حسين الأحمر متواجداً يوم أمس من الصباح، وكان يتحرك داخل الصفوف بطريقة ذكية ولافتة للأنظار.. يتكئ أبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر على إرث برلماني كبير تركه والدهم الرئيس الأسبق لهذا البرلمان، لكن، وإلى جانب هذا الموروث الكبير، فإن هذه العائلة صارت تتكئ من الجهة الأخرى على كتلة صلبة من 75 نائباً.. إنها كتلة مجلس التضامن برئاسة صخر الوجيه النائب الأشهر في تاريخ الحياة البرلمانية في اليمن.
تمكنت هذه الكتلة من تحقيق نتائج مبهرة رغم غياب 15 نائباً من أعضائها.. فهي، دخلت في مقامرة غير معلنة بشأن تصعيد بعض أعضائها، لكنها رضخت في النهاية لطلب نواب الحديدة وضغطت على أحد مرشحيها، وهو عبده محمد بشر للانسحاب من الترشح حتى لا تتأثر نتيجة الشيخ حمير الأحمر.. كانت المشاورات تتم في الخفاء وتعقد اجتماعاتها داخل البوفية، وحتى لحظة انسحاب عبده بشر لم تكن العملية قد انتظمت بعد. يمتلك نواب محافظة الحديدة كتلة طويلة تتألف من 36 نائباً تقريباً، وكان يتملكها شعور خائف تشعر بأن عبده بشر إذا استمر في الترشح فإن فوزه سيكون محققاً، وبالتالي سيحل بلا شك بديلاً عن صاحبهم أكرم عطية النائب عن مدينة زبيد وعضو هيئة الرئاسة الأقل حظاً.. وقد هدد نواب الحديدة بالتأثير على نتيجة الشيخ حمير إذا ما أصرت كتلة مجلس التضامن على ترشيح عبده بشر، وكانوا يقولون: "إذا لم ينسحب أبده بشر فحنا شنصوت لصاحبنا بس، والشيخ حمير حرام ما ندي له صوتو يا حسين"..
يحظى عبده بشر، وهو نائب مؤتمري فاعل ومحبوب بين زملائه، بشعبية واسعة عند مختلف الكتل، وفي حال ما قرر مواصلة ترشحه فإن فرصته بالفوز كانت مؤكدة، غير أن أصحاب الحديدة وقفوا له بالمرصاد.. وقد أعلن عبده بشر، تحت ضغط وإلحاحات زملائه في كتلة التضامن، حانقاً انسحابه من الترشح وتقديم استقالته من مجلس النواب أيضاً.. لكن زملاءه لحقوه، وكان يحيى الراعي ينادي عليهم: "خلوه يمشي مالكم، ما أحد غصبه ينسحب ولا أحد طلب منه يترشح".
قبل أزيد من سنة تقريباً تأسست كتلة "التضامن" واختارت لها رئيساً هو صخر الوجيه ونواباً له هم عزام عبدالله صلاح والدكتور عبدالباري دغيش ومحمد أحمد المقداد.. ومنذ أن بدأت تتوغل داخل القاعة وتتوسع بهدوء اضطلعت هذه الكتلة بدور فعّال لاسيما أثناء مقاطعة كتل المشترك للجلسات، وأثناء المواقف غير المهذبة التي يتعرض لها بعض النواب.. من أبرز وجوه هذه الكتلة، الشيخ حسين الأحمر ومحمد عبداللاه القاضي وصخر الوجيه والشيخ علي عبد ربه القاضي وعبده بشر وآخرين.. والآن فإن الشيخ حسين الأحمر، الذي يحضر باعتباره رئيساً لمجلس التضامن فإن أعضاء هذه الكتلة تستقبله بحفاوة ويعود أعضاؤها إليه يشاورونه عند أي قضية تواجههم.
أما صخر الوجيه، وهو نائب مطرود من داخل كتلة الأغلبية، فقد وجد له كتلة أكثر تحصيناً.. كيف لا وهو في الواقع العملي يتحرك ككتلة لوحده! ما يلفت الانتباه في هذه الكتلة أنها منظمة ولديها اجتماعاتها الشهرية وقيل الأسبوعية، وتعمل بوتيرة أفضل من كتل الأحزاب السياسية المعتَّقة.. وأخيراً أدرك يحيى الراعي حجم التهديد الذي تشكله هذه الكتلة، فهو أمس ضمّنها كلمة الشكر بصورة غير مباشرة، حيث قال في كلمته القصيرة جداً: "شكراً لكتلة المؤتمر، وشكراً لكتلة المشترك وشكراً لكتلة المعاونين" يقصد كتلة التضامن التي عاونت جباري.
وعندما اطمأن الشيخ حسين الأحمر لنتيجة أخيه الشيخ حمير حاول أن يغادر القاعة من نفس الباب الذي كان يخرج منه والده الراحل عبدالله بن حسين الأحمر، غير أن الراعي وهو الذي كان يراقبه أينما اتجه صاح: "يا شيخ حسين أين عاتسير، اجلس اجلس والاَّ جيت شغلتنا من الصبح وبعدا تشتي ترح لك، اجلس" فقفل الشيخ حسين عائداً وهو يضحك وعاد إلى مقدمة القاعة يمازح و"يزبج" حتى أعلنت النتيجة النهائية لنواب الرئيس.. ويبدو أن يحيى الراعي كان يتوقع أن يحصل الشيخ حمير على أصوات أقل من تلك التي حاز عليها المرة السابقة (2008)، ولهذا طلب من الشيخ حسين أن يرجع حتى تُعلن ويسمع نتيجة أخيه. لكن كانت هذه النتيجة غير متوقعة بالفعل، حيث أُعلن اسم الشيخ حمير كأول الفائزين وأكثرهم أصواتاً.
لقد سارت الأمور على نحو غير محسوب من قبل قيادة المؤتمر، فسلطان البركاني غادر قبل أن تعلن النتيجة النهائية لمرشحي نواب رئيس المجلس، ومحمد عبداللاه القاضي وصخر الوجيه غادرا واثقين من فوز الشيخ حمير، وحتى لم يصوتوا لأحد.. وعلى عكس المرة السابقة خرج يحيى الراعي هذه المرة إلى سيارته مباشرة، ولم يتصور مع أحد، كما لم يتمشَ في الساحة كما فعل في انتخابات 10 فبراير 2008.

... وكتلة أنجال الشيخ
في تمام التاسعة والنصف صباحاً وصل الشيخ حسين الأحمر إلى ساحة مجلس النواب معتمراً العمامة ويبحث لتوه عن أخيه "أين حميّر؟".. وبعدها بساعة تقريباً دلف إلى قاعة مجلس النواب الشيخ مذحج الأحمر بزي مشابه ويسأل هو الآخر لتوه عن أخيه: "أين هاشم؟ أين هاشم؟"..
لقد كان أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر أمس متواجدين الأربعة إلا حميد فإنه كان في عداد الغائبين.. وبعد أن صافح عدداً من النواب وعبر القاعة من جهتها الغربية إلى الشرق وجد الشيخ مذحج أخاه هاشم وجلسا جنباً إلى جنب كأخوين أحدهما حديث عهد بمجلس النواب.
يبدو هاشم، وهو الذي دخل البرلمان، في يوليو الفائت تحدياً، يبدو أكثر أخوته لطفاً ويظهر أنه هادئ ولا يزال يستحي.. على ما يبدو لم يحضر الشيخ مذحج (نائب إصلاحي) جلسات البرلمان منذ أن غادر والده الدنيا قبل سنتين.. والمؤكد أن آخر مرة حضرها الشيخ الشاب، وأكثر أبناء الشيخ عبدالله أناقة، كانت يوم انتخاب أخيه حمير نائباً لرئيس مجلس النواب في 10 فبراير 2008 عقب وفاة أبية بشهر.. لكن ومن حينها لم يحضر إلاَّ مرة تقريباً، لكي يرى كيف يبدو أخوه حمير على مقعد النائب الأول لرئيس مجلس النواب فقط.
أمس كانوا حاضرين الأربعة ككتلة غاب عنها واحد فقط.. وكانوا متوزعين على ضفتين؛ حمير جالس لوحده من الصباح وسط حارة الحديدة يتبادل مع أصحابها الحديث "والنكات". وحسين في مقعده الدائم جوار محمد عبداللاه القاضي وعبده بشر والكل يأتي إليه إلاَّ ياسر العواضي.. وفي الصف قبل الأخير، من نفس الحارة التي ينزل فيها الشيخ حسين دائماً، كان الشقيقان: مذحج وهاشم قاعدين كتفاً بكتف، ومنهمكين في الكلام لكأنهما، لم يلتقيان منذ مدة.. أما أخوهم الأكبر والقطب السياسي المعارض الشيخ حميد فإنه لم يحضر هذه الجلسة ولا غيرها من الجلسات منذ سنة و3 أشهر تقريباً.
يحظى هؤلاء الشيوخ الشباب بوجاهة لافتة، وكانوا يوم أمس يديرون الدعاية الانتخابية لأخيهم والأيدي تصافحهم وهم يتضاحكون ويظهرون كما لو أنهم واثقون من النتيجة مسبقاً.. لا يبدو أن مذحج وهاشم اشتركا في دعاية من نوع ما مع أو ضد أي من مرشحي منصب الرئيس، لكن عندما جاءت جولة انتخاب نواب الرئيس تفرق الأخوان وكان مذحج يطلب بلطف من الشيخ علي قعشة أن ينسحب من الترشح لصالح حمير غير أنه رفض..
بالنسبة للشيخ حسين، الأمر لا يبدو كذلك من بداية اليوم.. فهو كان يتحرك وسط القاعة من جهة إلى أخرى وبين وقت وآخر يتماسك مع محمد عبداللاه القاضي ويذهبان إلى البوفية للتشاور.. على ما يبدو كان حسين يشتغل لصالح جباري، أو بالأحرى للتأثير على نتيجة الراعي.. وقد فعلها! فعندما أعلن الشيخ ياسر العواضي النتيجة وطلب إعادة الانتخابات من جديد، كان الشيخ حسين الأحمر أحد الذين كانوا يضحكون برغبة من الفرح.
أمضى الشيخ حسين الأحمر معتمراً الشال "ومقَّبعاً" من الصباح، لكن وعندما شرعت لجنة الانتخابات الجديدة، خلع الرجل الكوت وأبعد "الغُترة" من على رأسه وبدأ يمارس الشغل الدعائي لأخيه حمير.. كان يمر بهدوء مستنفراً قدراته القيادية في كسب الأصوات وحشد الأعضاء.
غادر أبوهم الدنيا، قبل سنتين، لكن أثبت أبناؤه يوم أمس أنهم لا يزالون أقوياء.. ويستطيعون تحقيق الفوز بدون حضور الشيخ حمود عاطف وبدون كتلة المؤتمر ودعم الرئيس..
ففي الانتخابات السابقة، في فبراير 2008 تجشم شيخ حاشد المسن حمود عاطف عناء السفر وجاء إلى قاعة مجلس النواب دعماً للشيخ حمير.. كان يمشي ويتهادى بين رجلين وعندما دخل من الباب الرئيسي للقاعة متشحاً سلاحه وعكازته قفز الشيخ حسين يستقبله باحتفاء وقبلّه بحرارة على جبهة رأسه ثم أجلسه على رأس الصف الأول برفق.
أما هذه المرة فلم يحضر حمود عاطف ولا حتى حميد.. وتمكن أولاد الشيخ عبدالله من تصعيد أخيهم إلى نفس المقعد الذي أوصلوه إليه قبل عامين.

الشيخ ياسر العواضي يعلن النتيجة ويلغيها في نفس الوقت
،،،
بعد الإعلان عن النتيجة الأولية لانتخابات رئيس مجلس النواب، سادت القاعة حالة من الفوضى الخطرة والغضب، لكن وفي خضم هذا الجو الملبد بالصياح برز الشيخ ياسر العواضي كمهدئ للوضع.. فهو أولاً؛ لولاه ما أُلغيت نتيجة الانتخابات، حيث أعلن باعتباره رئيساً للجنة الفرز عن ضرورة إلغاء النتيجة وإعادة الاقتراع من جديد.
وقال الشيخ ياسر العواضي: "أيها الإخوة، لقد حصل المرشح الأول يحيى على الراعي على 143 صوتاً في حين حصل منافسه عبدالعزيز جباري على 54 صوتاً وهناك 23 بطاقة اقتراع ملغية". وللتو أخذ بعضهم يهنئ الراعي، غير أن العواضي استدرك قائلاً: "لكن، لكن.. سوف نعيد الانتخابات لأن هذه النتيجة لا تشفع لأحدهما بالفوز لكون اللائحة تشترط الأغلبية النسبية كحد أدنى وكلاهما لم يحصل عليها".. وكان بعضهم يصيح: "لا يمكن نعيدها، ليش نعيدها ليش؟!!" لكن الشيخ العواضي وهو أكثر نائب يفهم اللائحة وكان يقرأها قبل أن يختاروه رئيساً للجنة الفرز، أكد على المعترضين: "لا يجوز أبداً أن نعتمد هذه النتيجة لكون نص المادة 15 من اللائحة الداخلية للمجلس حددت الرقم المؤهل للفوز".. وفعلاً أعاد ياسر العواضي الانتخابات من جديد بل وزاد أعلن أن لجنة الانتخابات "سلمت لنا 215 بطاقة فاكتشفنا في الصندوق 225 بطاقة" متعجباً "من أين جاءت العشر البطائق".
لقد أصابت الحيرة معظم النواب من وقع هذا الخبر الصادم، الذي أذاعه الشيخ ياسر العواضي، غير أن الأخير كان متثبتاً من أدلته ظهر أنه الوحيد المنتبه لهذه المسألة.. فأغلب الحاضرين تقريباً لم يكن متنبهاً لهذا المنفذ الخطر الذي كان يمكن من خلاله الطعن في شرعية الرئيس المنتخب إذا مررت العملية بذلك الشكل.. وحتى نواب المعارضة يبدو، كانوا متجهزين لهذه الفكرة في حال أعُلن فوز الراعي بهذا الشكل، لكن الشيخ ياسر العواضي قطع عليهم طريق الذهاب إلى المحكمة الدستورية.. وقرر مصمماً إعادة الانتخابات حتى لو كانت الإعادة صعبة على نفسية الراعي.. وهو ما كانت تنتظره كتل المشترك، كما أكد لي أحدهم.
فالمعارضة، لهذا السبب رفضت أن يشارك أعضاؤها في لجان الانتخابات ولا في لجان الفرز ولا أن تسمح لجعبل طعيمان أن يشرح.. وهي بهذه الطريقة، لا شك، كانت تخطط للطعن في شرعية الانتخابات وبالذات في شرعية رئيس المجلس نفسه.. وقد لوحظ عبدالرزاق الهجري، وهو نائب رئيس كتلة الإصلاح وعضو بارز في اللجنة الدستورية، وهو عاضّ على شفتيه بأسف عندما أعلن الشيخ ياسر العواضي إعادة الانتخابات، حيث كان الهجري متحسباً لهذه اللحظة وينوي أن يفعلها ويطعن لائحياً في شرعية الفوز فعلاً.
في مثل هذه الجلسات يبرز صوت الشيخ ياسر العواضي كقائد محنك لكتلة الأغلبية. وفي انتخابات فبراير 2008 كان الرجل هو نفسه رئيساً للجنة الانتخابات تلك ومَن أعلن النتيجة.. وهو منذ سنة تقريباً لم يحضر إلى قاعة المجلس إلا 3 جلسات؛ إحداها جلسة أمس وجلسة إقرار الموازنة وجلسة سابقة خصصت للتوافق بين الكتل والتمديد سنتين لمجلس النواب.
وحتى كان هناك من يدفع باتجاه تأجيل انتخابات رئيس المجلس إلى اليوم (الثلاثاء)، وقد أعلنها بالميكرفون أكبر الأعضاء سناً العلامة عبدالملك الوزير الذي كان يترأس الجلسة، لكن الشيخ ياسر العواضي رفض بالمطلق أن تعاد وحذرهم من أخطاء قانونية ودستورية قد يقعون فيها في حال أقدموا على هذه الخطوة؛ تأجيل الانتخابات.. قال لهم: "لا يجوز بموجب الدستور واللائحة أن يبقى مقعد الرئيس شاغراً أبداً". وأضاف: "أيها الإخوة اللائحة تلزم أعضاء المجلس أن يعيدوا الانتخابات وأن لا يخرجوا من نفس الجلسة إلا وقد انتخبوا رئيساً للبرلمان". وعندها اقتنعوا وعاد كل فريق يتشاورون في كيفية الفوز ويقنعون الراعي بضرورة الترشح مرة أخرى.

المصدر أونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.