مساء السبت الماضي، كانت أم الطفلة انتصار علي ناجي زايد على موعد مع فاجعة لم تكن لتخطر في بالها عندما كانت في فناء بيت جيرانها بمدينة الحديدة. كانت الأم تجلس في فناء البيت المكشوف في حي «الربصة» بالحديدة في محاولة لاستغلال الأجواء اللطيفة خلال الليل، حيث يلجأ كثير من المواطنين في المناطق الساحلية إلى النوم على أسطح المنازل أو في باحاتها بسبب درجة الحرارة المرتفعة، وعدم قدرتهم على شراء مكيفات، إضافة إلى الانقطاعات المتواصلة للتيار الكهربائي.
اضطرت الأم إلى أن تُرضع طفلتها «انتصار» التي لم يتجاوز عُمرها العام في محاولة لإسكات صراخها، حينها تفاجأت برصاصة راجعة تسقط من السماء لتخترق ثديها وتستقر في صدر الطفلة البريئة وتسكتها إلى الأبد.
وتسلب الرصاص الراجع الناتج عن إطلاق مسلحين النار في الهواء خلال احتفالاتهم حياة عددٍ من اليمنيين كل عام وتصيب آخرين بجروح أو إعاقات.
وتتسارع الرصاصة عند سقوطها إلى الأرض لتصل إلى سرعة مماثلة لسرعة الإطلاق، حيث تبلغ سرعة الرصاص المنطلق من الكلاشنكوف نحو 910 متراً في الثانية، وتكون قاتلة إذا سقطت على الإنسان بشكل مباشر.
وقال سكان محليون إن الأم صرخت مذعورة بعد أن شاهدت ابنتها تنزف دماً، قبل أن يسعفها أهلها إلى مستشفى في الحديدة لتلقي العلاج، لكن ابنتها كانت قد فارقت الحياة.
وروى الموظف في الأدلة الجنائية بالحديدة، رمزي عبد الرزاق الصبري، ل«المصدرأونلاين» بعض تفاصيل الحادثة، وقال إن والد الطفلة ترك عمله ووصل إلى المستشفى لكن بعد وفاتها.
وأضاف ان «انتصار» هي الطفلة الوحيدة والبكر للزوجين، فهما حديثا الزواج، ويبلغ عُمر الأب 27 عاماً، والأم 23 عاماً.
وبشأن الإجراءات التي اتخذها الأدلة الجنائية" قال رمزي الصبري إنه فور حدوث الحادثة حدد المعمل مكان الإطلاق وتحرك جنود شرطة إلى حفل زفاف يُقام في ذلك الحي، لكنهم واجهوا الجنود بإطلاق النار والرشق بالحجارة، ما أدى إلى إصابة الضابط المناوب الملازم أول أحمد سالم في رأسه بالحجارة.
وأضاف ان الشرطة عززت حملتها بستة أطقم أمنية توجهت بمعية الجنود، وبعد اشتباك خفيف فر الأبناء وجرى القبض على والدهم، حيث يقبع الآن في سجن البحث الجنائي بالحديدة للتحقيق.
وغالباً ما يظل المتسببون في سقوط ضحايا الرصاص الراجع مجهولين خاصة عند إطلاق النار بشكل عشوائي من عدة مناطق لأسباب مختلفة.
وعقب ظهور الرئيس السابق علي عبد الله صالح على التلفزيون اليمني في عام 2011 ليقول لأنصاره إنه بخير بعد إصابته بانفجار في دار الرئاسة، أطلق المئات من أنصاره آلاف الأعيرة النارية في الهواء وكانت نتائجها كارثية، حيث سجلت المستشفيات عشرات القتلى والجرحى في ذلك اليوم.
وحصلت «المصدرأونلاين» على صور للأشعة المقطعية للطفلة انتصار، وتظهر بوضوح الرصاصة وهي مستقرة في صدرها.