الأسبوع الفائت حضرتُ جانباً من فعالية إشهار "المنظمة الوطنية لضحايا الدرونز"، وهي منظمة تُعنى بالدفاع عن ذوي الضحايا ممن يسقطون بضربات طائرات دون طيار الأمريكية التي تجوب سماء البلاد في أكثر من منطقة. ادرك تماماً حجم الكارثة التي تخلفها هذه الضربات بالنسبة لذوي الضحايا ممن تستهدفهم الدرونز، ويخلفون أُسراً لا عائل لها، لكننا أمام إشكالية حقيقية تجاه هذا الأمر.
يمكن الجزم بأن المدنيين الذين سقطوا بهذه الضربات محدودون جداً، أعني ممن لقوا مصرعهم بضربات عن طريق الخطأ، كأمين عام المجلس المحلي في مارب جابر الشبواني في مايو 2010، أو ضحايا الغارة الأمريكية على موكب عرس برداع أواخر العام 2013.
الإشكالية الحقيقية التي نواجهها هي أن أغلب الذين يسقطون بضربات الدرونز هم ممن تتهمهم السلطات بأنهم عناصر في تنظيم القاعدة، التنظيم الذي يقتل ويبطش يومياً بالجيش اليمني ويرتكب جرائم حرب تحتم مواجهته بشتّى الوسائل.
ومع كل هذا، لا يمكن إغفال حقيقة أن الذين تستهدفهم الدرونز في نهاية المطاف هم مواطنون يمنيون ويقتلون خارج القانون، في انتهاك صارخ للقانون الدولي والأعراف السائدة، إلى جانب انتهاك الأجواء اليمنية وحرمة هذا البلد.
تنظيم القاعدة هو المبرر الرئيس للأمريكان لشن غاراتهم من خلال طائرات دون طيار، وفي حال تطهرت البلاد من رجس هذا التنظيم فإنه ليس أمام الدرونز أي حُجة للبقاء، وعندئذٍ يمكن أن يكون لمثل هذه التحرّكات المناوئة لحركة الطائرات دون طيار معنى وقيمة.
نتعاطف كثيراً مع أُسر الضحايا، بمن فيهم أسر عناصر تنظيم القاعدة، الذين لا ذنب لهم ولا خطيئة، وهم ضحايا حقيقيون لهذه الحرب القذرة التي يشنها طرفا الصراع، الولاياتالمتحدة وتنظيم "القاعدة"؛ كما أننا لا يمكن أن نتجاهل أُسر الجنود الذي يسقطون شهداء على أيدي هذه الطائفة المتطرِّفة والبغيضة في مناطق مختلفة من بلادنا.
تقتل القاعدة الجنودَ اليمنيين بدم بارد، وتنهب كل ما يملكونه من عتاد، فيما تتولّى الدرونز مسؤولية الرّد، وفي كلا الحالتين الضحية مواطن يمني، فيما شركات الدرونز تتضاعف أرباحها جراء القتل اليومي، وتبني اقتصادها على جثث الضحايا.
إنها حرب بين طرفين لا يمتلك ايٌّ منها ذرة أخلاق ولا مروءة.