في وقت تستعد فيه الحكومة اليمنية للاحتفال بالذكرى ال«24» لإعلان الوحدة، غداً الخميس 22 مايو، يحتفل جنوبيون يطالبون بانفصال الجنوب اليوم الأربعاء في محافظة عدن إحياء للذكرى ال«20» لإعلان نائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض «فك الارتباط» عن صنعاء من جهة واحدة في 21 مايو 1994. وفيما اكتست العاصمة صنعاء وبقية محافظات الجمهورية، خلال اليومين الماضيين، بلافتات دعائية تمجد الذكرى ال24 لوحدة اليمن، ممتزجة بعبارات تعزز مخرجات الحوار الوطني بالدولة اليمنية الجديدة على أساس الدولة الاتحادية (الفدرالية)، شهدت محافظة عدن اليومين الماضين توافداً لمجاميع قدمت من محافظاتجنوبية مختلفة رافعةً العلم الجنوبي إلى جانب عبارات تطالب بالانفصال والاستقلال وتمجد الذكرى ال20 لإعلان «فك الارتباط».
ومن المقرر أن تشهد محافظات مختلفة من اليمن غداً الخميس (22 مايو) احتفالاتٍ وطنيةً برعاية الحكومة عبر سلطاتها المحلية، أحياءً للذكرى ال24 لإعلان الوحدة اليمنية بين شطري البلاد الشمالي والجنوبي في 22 مايو 1990.
وأعلنت الحكومة غداً الخميس إجازة وطنية، كما جرت العادة في مثل هذا اليوم الوطني من كل عام.
وفي محافظة عدن، التي قرر الحراك الجنوبي المنادي بالانفصال اختيارها كمقر لاحتفالاته بالذكرى ال20 لإعلان (فك الارتباط) المصادف يومنا هذا الأربعاء، ناقشت اللجنة الأمنية بالمحافظة في اجتماعها أمس برئاسة المحافظ وحيد علي رشيد الاستعدادات الجارية التي تشهدها المحافظة للاحتفال بالعيد الوطني ال24 لليمن (22 مايو).
ولفتت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) في خبرها المنشور، أمس، إلى أن الاجتماع «استعرض جهود الأجهزة الأمنية في الحفاظ على السكينة العامة ومكافحة المظاهر المخلة بالأمن, واتخذ عدداً من الإجراءات الهادفة إلى تعزيز جهود أجهزة الأمن».
ونسبت إلى محافظ عدن تأكيده على أن «إقامة أية فعاليات أخرى في عدن حق مكفول في اطار القوانين والالتزام بالنظام وعدم اللجوء إلى التخريب وكذا التنسيق مع السلطات المختصة بهذا الشأن». في إشارة واضحة إلى احتفالات بعض الفصائل الحراكية المقرر إقامتها اليوم الأربعاء في ساحة العروض بمديرية خور مكسر بعدن.
ونشرت مواقع أخبار تابعة للحراك، أمس الثلاثاء، أن آلاف الجنوبيين بدأوا بالتوافد إلى مدينة عدن منذ الاثنين الماضي للمشاركة فيما أطلق عليها ب«مليونية» إحياء الذكرى العشرين لإعلان قرار «فك الارتباط».
وتبنّت فصائل حراكية مختلفة الدعوة إلى هذه الاحتفائية. ولوحظ أن كل موقع الكتروني كان ينسبها للفصيل الذي يتبعه. إلا أن الأرجح هو أن النائب السابق للرئيس اليمني السابق علي سالم البيض هو من دعا الجنوبيين في وقت سابق إلى الزحف إلى محافظة عدن لإحياء هذه الذكرى، التي تعود لإعلانه شخصياً انفصال جنوباليمن عن شماله في 21 مايو 1994، قبل يوم واحد من الذكرى الرابعة للوحدة اليمنية.
وقال البيض في خطاب بثه تلفزيون «عدن لايف» التابع له إن على رعاة اتفاقية المبادرة الخليجية الإنصات إلى صوت الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال.
وأضاف «على الدول المهتمة وخاصة الدول الراعية للمبادرة الخليجية مراجعة مواقفها، على ضوء التطورات المهمة والخطيرة على أرض الواقع التي أثبتت بالملموس بإن المضي في هذا النهج الأحادي دون الاخذ بعين الإعتبار مصالح وطموحات الشعب الجنوبي، لن يفضي إلا إلى مزيدٍ من الفوضى».
وأضاف انه «لا مخرج أمام الدول الراعية سوى الإنصات إلى صوت الشعب الجنوبي المُعبر عنه في الساحات والميادين المتمثل في مطلبه الشرعي في إستعادة الجنوبيين لدولتهم الجنوبية المستقلة بحدودها التاريخية يوم الإستقلال 30 نوفمبر عام 1967». وقال إن انفص ال الجنوب سيُشكل «ضماناً للسلم والأمن والإستقرار ومكافحة الإرهاب في المنطقة كما كانت في الماضي». حسب قوله.
وتأتي إشارة البيض إلى محاربة «الإرهاب» مع استمرار الجيش اليمني في شن حملة عسكرية على معاقل لتنظيم القاعدة في مناطق بجنوباليمن منذ أسابيع.
وفي هذا السياق، دعا القيادي الجنوبي العميد ناصر الطويل الجنوبيين المشاركين في الفعالية إلى رفع صور شهداء الحراك «وليس صور القيادات العتيقة التي عفا عليها الزمن». بحسب تصريحات منشورة له قبل أيام في صحيفة «أخبار اليوم».
وطبقاً للصحيفة طالب الطويل من المشاركين «رفع صور الشهداء باعتبارهم مناضلين استشهدوا من أجل قضية وطن وليس رفع صور الزعامات والقيادات أكان البيض أو غيره», معتبراً رفع صور القيادات «سيفسدون الفعالية بدلاً من إنجاحها". ودعا الجميع "سلطة ومعارضة إلى أن تتسع صدورهم للآخر من أجل مصلحة الوطن».
ويتوقع بعض الجنوبيين ألاّ تشهد ساحة العروض بخور مكسر احتشاداً جماهيرياً مشابهاً لما كان عليه قبل عامين؛ لعدة أسباب، أهمها: أن الشارع الجنوبي أصبح أكثر هدوءاً وأقل غضباً مما كان عليه من قبل، ربّما نتيجة ما شهده الجنوب مؤخراً من توجه رئاسي وحكومي ملموس نحو إصلاح بعض الإختلالات. ومع أنهم يصفونها بأنها أولية وتنفذ بحركة بطيئة، إلا أنهم يعتقدون بأنها توحي بوجود توجه صادق نحو تحقيق المزيد من الإصلاحات التي يطالبون بها.
كما أن هناك أيضاً من يعتقد أن الانقسام الحاد في الشارع، الذي فرضته مشاركة فصائل في الحراك الجنوبي ضمن مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وما أفضت إليه مخرجاته من قرارات تصب في مصلحة الجنوبيين ومطالبهم، سيكون له دور كبير في تغيير المعادلة الجماهيرية السابقة.
وخلال فترة الحوار التي استمرت قرابة تسعة أشهر، وحتى الآن، لوحظ تغير ملموس في نشاط الحراك الجنوبي من حيث نزوعه للهدوء أكثر، مقارنة بحركته السابقة النشطة والدؤوبة بين حين وآخر.
في الوقت الذي لوحظ فيه أيضاً تحول واضح في تصريحات بعض قيادات الحراك الجنوبي المؤثرة، سواء في الداخل أم معظم تلك القيادات التي في الخارج.
ولتعزيز هذه الاعتقادات، يُشار في هذا الصدد إلى ضعف حجم وتأثير آخر فعالية جماهيرية نظمت في المكلا عاصمة محافظة حضرموت، في ال27 من أبريل الماضي، «إحياءً للذكرى ال20 لانطلاق الحرب الأهلية التي أعلنها الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 27 إبريل 1994».
ولعلّ الحالة الراهنة التي تمر بها البلد اليوم من حرب موسّعة أعلنتها الدولة نهاية شهر أبريل الماضي ضد عناصر وأوكار تنظيم القاعدة في محافظتي أبينوشبوة سيكون لها هي الأخرى -إلى جانب الاعتبارات السابقة - دور مخذّل في تحشيد جموع غفيرة من الجنوبيين اليوم الأربعاء في ساحة العروض بخور مكسر.
ذلك أن الإجراءات العسكرية والأمنية والرقابية التي تفرضها وزارتا الدِّفاع والجيش إلى جانب المخابرات اليمنية على الحدود بين المحافظات والطرقات الرئيسية منعاً لعناصر القاعدة من التحرك والانتقال بسهولة من مناطق المواجهات إلى مناطق مجاورة، ستحجم مشاركة الكثير من أبناء المحافظاتالجنوبية.
ومع أن مواقع تابعة للحراك أشارت إلى أن المتوافدين إلى عدن جاءوا من محافظات: أبين، شبوة، الضالع، ولحج، إلا أن مصادر محلية قصرتهم فقط على محافظين مجاورتين لمحافظة عدن، هما: الضالع ولحج، إلى جانب أعضاء الحراك المتواجدين في محافظة عدن.
وحذّر القيادي الحراكي العميد ناصر الطويل، ضمن تصريحاته الأخيرة لصحيفة «أخبار اليوم»، من الاختلالات الأمنية التي قد ترافق الفعالية الاحتفائية. وحث المشاركين على تشديد الحراسات الأمنية حتى لا تكون هناك اختلالات أمنية «تستغلها عناصر القاعدة التي تلقت ضربات مُوجعة من قبل قوات الجيش في محافظتي أبينوشبوة لإرباك الفعالية»، في الوقت الذي حثّهم على أن «يكون الاحتفال سلمياً وحضارياً».
وعلى الرغم من كل ذلك إلا أن أخباراً نشرتها مواقع تابعة للحراك، قالت إن اللجنة التحضيرية للفعالية عقدت الاثنين الماضي مؤتمراً صحفياً في عدن جددت فيه دعوتها أنصار الحراك إلى المشاركة في الفعالية ووصفتها بأنها «ستكون حاشدة».
وصباح اليوم الأربعاء، قالت مصادر محلية إن مئات من أنصار الحراك تجمعوا في منطقة المعلا بمدينة عدن ورفعوا أعلام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً وصور البيض.