من المفترض أن تكون الصحافة مهنة تهتم بنقل الأخبار والتحقق من مصداقيتها وتحليلها ومن ثم تقديمها لجمهور القراء، من المفترض أن تكون عين الناس التي ترى عنهم، وشاهدهم الأمين على الأحداث والوقائع. الأمر في اليمن مختلف تماماً، فقد أصبحت الصحافة في هذا البلد مهنة لإنتاج الكذب وتزييف الحقائق وتسميم الوعي، مع عدم إغفال الاستثناءات الجادة التي تشذ عن هذا التعميم بالطبع.
جانب كبير من الصحافة اليمنية يتحول إلى ديوان للزعيم حد الكاتب محمد العمراني "نكتشف أن زيارة موقع مثل صحافة نت أو مصادر نت ليس إلا زيارة إجبارية لديوان الزعيم، لنقضي بقية اليوم في ترديد الأكاذيب التي ينتجها هذا الديوان الحالم بالعودة".
كي تضرب مثالًا على هذا العبث، يكفي أن تضع يدك على عشرات المواقع الإلكترونية والصحف الأخبارية، وتشير إلى كل ما تنشر هذه الوسائل، كل ما تنشره يصلح مثالاً للكذب والتدليس.
كانت لجنة العقوبات الدولية بشأن اليمن قد التأمت مساء الأربعاء الرابع عشر من مايو الجاري، وأشارت السفيرة الليتوانية التي انتخبت رئيساً للجنة إلى أن اللجنة المتعلقة ب "القاعدة" في الأممالمتحدة وجهت رسالة إلى لجنتها ولجان أخرى في الأممالمتحدة كإجراء طبيعي يدخل في إطار عمل لجنة القاعدة، والحديث هنا عن القاعدة في أنحاء العالم وليس في بلد محدد.
وفي ترجمة حرفية لتصريح السفيرة لي ريموندا ميرموكيتيا؛ تقول: "وفي رسالة بتاريخ 4 ابريل وجهت إلى هذه اللجنة ولجان أخرى، واقترحت الرسالة التي بعث بها رئيس اللجنة المنشأة بموجب القرارين 1267و1989 والمتعلقة بتنظيم القاعدة وما يرتبط به من أفراد وجماعات ومؤسسات وكيانات، أخذ توصية فريق الرقابة المتعلقة بالمعلومات الهامة عن الشخصيات المدرجة في القائمة كمعيار للعمل لكافة اللجان الموقعة على اتفاقية مع شرطة الانتربول الدولي على تعميم الإخطارات أو الإشعارات الخاصة المشتركة بين مجلس الأمن والانتربول".
تضيف ميرموكيتيا "وفي ردي أبلغت رئيس اللجنة عن نية لجنتي اتخاذ إجراءات في الأيام القادمة حول إصدار الإخطارات الخاصة والعودة إلى اللجنة فيما بعد".
في الصحافة اليمنية تحول هذا التصريح إلى مانشتات بارزة تتحدث عن أن الرسالة كانت حول القاعدة في اليمن وأن اللجنة ستتخذ إجراءات ضد حلفاء القاعدة في اليمن، وبلا خجل يتم نشر صور أشخاص في إيحاء للقارئ بأن هؤلاء هم حلفاء القاعدة.. وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" هي الأخرى نشرت الخبر كالتالي: "وقد كشفت سفيرة ليتوانيا ريموندا ميرموكيتيا في تصريح لوسائل الإعلام عقب الجلسة ان اللجنة درست خطابات من الانتربول حول القاعدة وحلفائها في اليمن ومن المقرر أن تتخذ إجراءات في هذا الصدد خلال الفترة القادمة".
سيكون علينا البحث عن مسمى آخر لهذه الشغلانة، وبالقطع سيكون بعيدًا عن مسمى "الصحافة".