بعد عقود من عمله في الخدمة العسكرية وتدرجه الى رتبة عميد قبل أن يحال الى التقاعد منذ سنوات.. كان قدره أن يلقى حتفه برصاصات رفاق السلاح. العميد المتقاعد أحمد حزام فخر الدين سقط قتيلا قبل لحظات من غروب شمس يوم الثلاثاء الماضي، حين داهم مجموعة مسلحين يرتدون الزي المدني منزله في حي سواد حنش بالعاصمة صنعاء.
المجموعة التي لم يتمكن أحد حينها من معرفة الجهة التي تتبعها قالت إنها جاءت للبحث عن مطلوبين بتهمة الانتماء ل«القاعدة» بينهم أحد أبناء العميد القتيل.
كانت الساعة تشير إلى الخامسة بتوقيت صنعاء من يوم الثلاثاء 2/3/2010حين وصل مجموعة من المسلحين يرتدون الزي المدني، وهم يحملون الأسلحة وكانت معهم سيارة إسعاف بالإضافة إلى مجموعة من مجندات الشرطة النسائية.
توزع الأفراد المسلحون في جميع مداخل الحي، وطلبوا من أصحاب المحلات المجاورة إغلاق محلاتهم ومغادرتها, ولم يسمحوا لأي من المواطنين مغادرة أو دخول الحي , وانتشروا حول منزل العميد فخرالدين دون أن يعرف أحد من أهالي المنطقة سبب ذلك.
طالب المسلحون العميد فخرالدين فتح منزله، غير أنه رفض، حسب قول أقربائه, كونه وجد مسلحين مدنيين يحاصرون منزله دون أن يعرف أنهم يتبعون الأمن السياسي, مما دفعه إلى أخذ سلاحه الذي يملكه من أيام خدمته في الجيش، وصعد إلى سطح المنزل وأطلق 3 رصاصات في الجو محاولاً إخافتهم.
لم يعلم حينها فخرالدين- المسن الذي يبلغ من العمر حوالي 70 عاماً- أنه سيلاقي حتفه بمجرد إطلاقه الرصاصات في الجو, الأمر الذي دفع المسلحين المدنيين لإطلاق النار عليه من جميع الجهات، وإطلاق الرصاص باتجاه المنزل لمدة 10 دقائق, حينها شعر أهالي الحي بالهلع والخوف وكأنهم في حرب، بحسب ما ذكره جيرانه.
اقتحم المسلحون المنزل بعد توقف إطلاق النار.. يقول أحد أقربائه " لم يكن في المنزل سوى العميد الذي قتل وزوجة ابنه و2 من أبنائها , وكان رجال الأمن يطلقون النار في كل مكان داخل المنزل، وقاموا بكسر عدد من أبواب الغرف، واستولوا على ما بداخلها من ممتلكات (مجوهرات ومبالغ مالية)، إضافة إلى قطعة السلاح التي كانت مع القتيل وما كانت لديه من ذخائر كان يملكها من أيام الجيش".
وبحسب منظمة « هود» نقلاً عن أهالي القتيل، فقد حاول أفراد الأمن السياسي إرغام زوجة ابن القتيل أن تكتب على ورقة أن الأسرة تنتمي لتنظيم القاعدة، وأنه تم القبض على إرهابيين داخل المنزل، غير أنها رفضت وقالت لهم « إذا تشتوا تقتلوني اقتلوني ولا أكتب هذا الكلام».
ويقول شهود عيان إنهم شاهدوا المسلحين المدنيين (الأمن السياسي) يغادرون المنزل ومعهم جثة القتيل العميد فخرالدين، وكان أحدهم يصور ما حدث منذ البداية وحتى مغادرتهم المنطقة.
ما يدعو للعجب أن يقوم الأمن السياسي بتلك المهمة دون أن يخبر قسم الحصبة الذي بدوره حضر إلى المنطقة، محاولاً الوصول إلى منزل القتيل أثناء حصول ضرب النار، غير أن أفراد الأمن السياسي أطلقوا النار على أفراد القسم, وأرغموهم على مغادرة المنطقة دون أن يسمحوا لهم بالتدخل.
صباح يوم الخميس أعلن مسئول أمني القبض على 11 عنصراً من تنظيم القاعدة قال إنهم كانوا يشكلون خلية للتنظيم في منطقة « سواد حنش» بالعاصمة صنعاء، وأشار إلى أنه تبادلت قوات الأمن مع المطلوبين إطلاق النار، الأمر الذي أدى إصابة أحد الجنود بعد إطلاق والد المطلوب النار على الجندي وهو ما دفع الأمن لقتله.
غير أن بعض سكان المنطقة نفوا ذلك، وقالوا إن العميد فخرالدين لم يطلق النار باتجاههم، ولم يصب أحد الجنود، وأنه لم يتم القبض على أحد داخل المنزل، وهو ما أكده أهالي القتيل .
و أكد السكان أن إعلان الأمن للقبض على 11 عنصراً من القاعدة في منزل العميد فخرالدين هو محاولة للهروب من جريمة قتله والاعتداء على منزله وسلب ممتلكاته. أحدهم علق قائلاً « لماذا لم تنشر الأجهزة الأمنية فيديو اقتحام المنزل عبر قنواتها كما حدث في حادثة أرحب, حين نشرت تلك المهمة الأمنية التي لم يقبض فيها سوى على اثنين فقط، بينما أعلنت في هذه الحادثة أنها ألقت القبض على 11 عنصراً».
واستغرب بعض أهالي المنطقة من المنطق الذي تحدثت به أجهزة الأمن, مشيرين إلى أن ذلك الإعلان يأتي في محاولة السلطة لتقديم معلومات كاذبة للدول التي طلبت منها ملاحقة القاعدة , وما من شانه كسب موقف أمام تلك الدول لصالحها. """""" محمد فخرالدين... من السجن إلى «القاعدة» محمد الابن الثالث للعميد فخرالدين يبلغ من العمر 22 عاماً, عرفه أهالي المنطقة بمشاكله التي لم تكن تتوقف, ودخل السجن عدة مرات بسبب, وله بعض السوابق الجنائية.
في العام الماضي 2009 استطاع أعضاء من تنظيم القاعدة يسكنون المنطقة ترويض فكره وضمه إليهم , حيث قاموا بإعطائه المال وتوفير كافة احتياجاته, وهو الأمر الذي دفعه إلى تغيير حالته والمواظبة على الصلاة في المسجد، غير أن مشاكله واعتداءاته على الناس لم تتغير.
وقبل حوالي شهر وبعد حادثة ضرب منطقة المعجلة وشبوة ومأرب اختفى محمد وعدد من أعضاء القاعدة الذين كانوا يعيشون في منطقة سواد حنش بحسب ما ذكره بعض أهالي المنطقة, الذين أبدوا استياءهم وتعجبهم في الوقت نفسه من تجاهل الدولة لهم وهم أمام ناظريهم يقومون بالعديد من الأعمال التي اشتكى منها الأهالي إلى أقسام الشرطة، ولم يقوموا بعمل شيء حيال ذلك.
وكانت قوات الأمن قد قامت باعتقال العميد أحمد حزام فخرالدين قبل فترة من مقتله , وأفرجت عنه بعد أسبوع من اعتقاله، بعد أن وقع على ورقة تعهد فيها ببراءته من ابنه وعدم مطالبة الدولة تعويض أو محاكمتها، إن تم قتل ابنه.
آخر المستجدات
حاولنا الحديث مع أسرة القتيل عن تطورات القضية، لكنهم اعتذروا عن تزويدنا بأية معلومات مستجدة أو قديمة, وبحسب قولهم فإن شخصيات ومشائخ تدخلوا في القضية, وأنها وصلت إلى رئيس الجمهورية، الذي بدوره طلب منهم دفن العميد وسيقوم هو بنفسه بالنظر فيها وحل إشكاليتها.
وأشارت مصادر مقربة من أسرة القتيل (طلبت عدم ذكر اسمها) أنه بعد تدخل بعض مشائخ منطقة الحيمة الداخلية, تم استدعاء أسرة فخرالدين إلى الأمن السياسي، والتقى بهم مدير الأمن السياسي القمش، وطلب منهم عدم القيام بأي شيء كون الرئيس تدخل في القضية, الأمر الذي دفعهم للاعتذار عن تقديم أي معلومات عن الحادثة.
نبذه عن القتيل العميد أحمد حزام فخرالدين من أهالي قرية « الشط» بمديرية الحيمة الداخلية بمحافظة صنعاء انتقل مع أسرته للعيش في منطقة سواد حنش منذ التسعينات من القرن الماضي.
وقد شارك فخرالدين في الثورة ضد الإمام حتى تحققت ثورة 26 سبتمبر، كما شارك في حصار السبعين , بالإضافة إلى الوقوف مع دولة الجمهورية العربية اليمنية سابقاً ضد الانقلابات والمؤامرات التي حدثت تلك الأيام.
التقى العميد فخرالدين بالعديد من الثوار والمناضلين , ومنح العديد من الأوسمة والشهادات، وكان من ضمن من التقى بهم الرئيس علي عبد الله صالح حيث يعرفه معرفة شخصية في ذلك الحين, وكرمه بالعديد من الأوسمة والمناصب وفاء له وما قدمه في خدمة الوطن.