تمارس قوات الاحتلال عمليات ترهيب بحق عائلات فلسطينية باقتحام منازلها فجرا بأعداد كبيرة من الجنود، وتفجير أبواب المنزل والعبث بمحتوياته لساعات، لخلق حالة من الرعب والصدمة، ضمن رد الاحتلال على اختفاء ثلاثة مستوطنين في الضفة الغربية. لم يفق بعد الحاج سميح أبو عرب من مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين شمال الضفة الغربية من آثار صدمة اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنزله والعبث بمحتوياته وتفجير جزء منه.
وبدت مدن الضفة الغربية وقراها ومخيماتها مستباحة أمام آلاف الجنود الإسرائيليين لليوم الثالث على التوالي في عملية أطلق عليها مسميات مختلفة مثل "جز الرؤوس" و "عودة الإخوة" و"تنظيف الإسطبلات" عقب اختفاء ثلاثة مستوطنين الخميس الماضي ادعت إسرائيل أنهم اختطفوا.
وتساءل أبو عرب عما إذا كان اعتقال شابين يتطلب قرابة مائة جندي لاقتحام المنزل من كل الجهات ويحاصرونه ويفتشون كل ركن فيه، ويتركونه خاويا على عروشه بعد تحطيم محتوياته وتفجير أحد طوابقه.
ويقول للجزيرة نت إن جيش الاحتلال اقتحم منزله قرابة الثانية فجرا بعد تفجيره للباب الرئيسي بقنبلة خاصة وبطريقة مرعبة، ومن ثم قام بتجميع أفراد العائلة ال15 داخل إحدى الغرف بالطابق الأرضي، بعدما قّيد الشبان وأخذ يعبث بالمنزل لأكثر من ثلاث ساعات.
عمليات كوماندوز ويصف أبو عرب منظر الجيش بقوله "كانوا مدججين بالأسلحة ويجرون كلابا بوليسية وبعضهم مقنع، وآخرون طلوا وجوههم باللون الأسود ويحملون هراوات مدببة".
وأضاف أن الاقتحام للمنزل لم يكن عبر البوابة الرئيسية، وإنما عبر أسطح المنازل المجاورة وسلالم حديدية "وكأنهم يُنفذون عملية كوماندوز خاصة".
وتابع "أصيبت زوجة ابني بانهيار عصبي جراء تفجير شقتها، أما الأطفال فما زالوا يشعرون بالرعب والذعر خاصة بعدما طلب مني الجيش إغلاق آذانهم لحظة التفجير".
وأشار إلى أن عتاد الجيش وعدته تظهره وكأنه على الجبهة، قائلا إن "الاحتلال لم يرد فقط اعتقال نجليه رائد ومحمد اللذين اعتقلا سابقا وإنما إرهاب العائلة كلها".
وأكد أنه "منذ العام 2006 لم تفجر قوات الاحتلال منزلا بالمخيم بهذه الطريقة، ولم تنفذ اعتداءات مماثلة في اقتحاماتها السابقة لمنزله أو منازل المواطنين هناك".
حجج واهية وأعلنت إسرائيل أنها سخّرت أكثر من 2000 جندي للبحث عن المستوطنين المختفين ولتدمير البنى التحتية للمقاومة بالضفة الغربية مبررة كل الوسائل لتحقيق أهدافها.
وقرب مخيم بلاطة وبنفس التوقيت كانت عائلة الحاجة فريال الفينو "أم السعيد" في مخيم عسكر للاجئين تواجه المصير نفسه كما عائلة أبو عرب، لكن ليس بهدف الاعتقال وإنما بغرض "البحث عن سلاح".
وقالت أم السعيد للجزيرة نت إن ما يزيد على 100 جندي اقتحموا المنزل واحتجزوا كل من فيه داخل إحدى الغرف، وشرعوا بعمليات تفتيش وتحطيم لأثاث منزلها ومنازل أبنائها الخمسة المتزوجين.
وأضافت "بدا الجنود وكأنهم لا يحملون السلاح والعتاد فقط وإنما يحملون حقدا ويمارسون إرهابا ممنهجا حيث "ألقوا بالمواد التموينية أرضا وخلطوها بعضها ببعض وحطموا الجدران".
واقتحم جيش الاحتلال حتى الآن أكثر من 800 منزل بالضفة، واعتقل ما يزيد على 220 فلسطينيا معظمهم من حركة حماس من القيادات والبرلمانيين ومحررين من صفقة شاليط.
حرب ممنهجة من جانبه أكد الخبير الأمني الفلسطيني اللواء سليمان عمران أن إسرائيل "تتخبط في حملتها غير المتكافئة التي لم تصل لنتائج كما هو هدف الحملات الأمنية".
وقال للجزيرة نت إن إسرائيل تشن "حربا منظمة وتمارس سياسة بلطجة تتسم بالقمع والإرهاب ضد شعب أعزل"، مشيرا إلى أن الحملة العسكرية الآن تفوق بعنفها عملية "السور الواقي" إبان انتفاضة الأقصى عام 2002.
وشكك عمران في حديثه للجزيرة نت أن يكون هنالك عملية اختطاف أصلا، وقال إن "من يريد إعادة مخطوفين يبحث عن معلومة ولا يقيم حواجز ويشن اعتقالات ويداهم منازل".
وقال "هذا يؤكد أن إسرائيل تهدف لإفشال إنجازات السلطة من المصالحة وإضراب الأسرى الذي بات له صدى محلي وإقليمي ودولي، كما أنها تريد التغطية على جرائمها بالاستيطان الذي بات منتقدا دوليا".