خطورة فضيحة الادعاء الكاذب بتوقيع اتفاق عمران؛ مساء الأحد الماضي؛ يمكن ملاحظتها في أنها أولاً تخصم من الرصيد السياسي الشعبي الكبير للرئيس عبد ربه هادي بعد النجاحات السياسية التي حققها خلال الأسبوعين الماضيين في مواجهة مؤامرة المخلوع في أحداث فوضى الأربعاء ومسجد الصالح الحرام، وتظهر إدارته لقضايا مثل مأساة عمران بصورة ضعيفة ومرتبكة، وخاصة أن الذي يمثله فيها وزير الدفاع وهو أحد المقربين منه والحائزين ثقته، كما أنها جاءت بعد أقل من يومين من إشاعة خبر مشابه عن اعتذار الرئاسة عما حدث في الجراف وإرسالها وفداً رفيع المستوى للاعتذار للحوثيين! وكل ذلك يمكن وصفه بأنه ضربة إعلامية ناجحة لخصوم هادي في جبهة المخلوع والحوثة رداً على فشلهم في فوضى الأربعاء وما تلاها من أحداث خسروا فيها الكثير! بغض النظر عما إذا كان الإعلان عن الاتفاق نتيجة خوف من إعلان وشيك عن ضم الحوثة إلى قائمة الحركات الإرهابية، أو كان وسيلة لتخفيف الضغط على مليشياته بعد الخسائر التي لحقت بها مؤخراً.. فقد كشف ما حدث عن وجود خلل خطير: سياسياً وإعلامياً في منظومة السلطة سمح بوصف اتفاق على رؤية مقترحة لاتفاق وقف إطلاق النار على أنه اتفاق نهائي، ثم المسارعة بنشره على أساس ذلك بما يحتويه من معلومات غير صحيحة عن توقيع شخصيات مسؤولة وعامة عليه أعلن بعضها بعد الفضيحة أن ما حدث كان مشروع رؤية وليس اتفاقاً.. وآخرون أعلنوا أنهم لم يوقعوا ولم يشاركوا أصلاً في اللقاء! وحتى وصل الأمر إلى نشر صورة وثيقة وتوقيعات عليها توهم بصحة الخبر.. أما كيف حدث ذلك؟ ولماذا سمح بحدوثه؟ وكيف حصلت وسائل إعلام معينة على الصورة المزعومة.. فهذا هو الفارق بين من يمارسون عملاً سياسياً ب "جوادة" العسكر.. وبين من يمارسون عملاً عسكرياً بخبث 1200 عام من السياسة الباطنية، والغدر، والاحتكام إلى السيف! ولأن الحوثة بدوا أكثر الجهات فرحاً بالاتفاق ومعهم مواقع المخلوع الإعلامية؛ فالأمر لا يخرج عن فرضية أنهم هم الذين عملوا على تصوير الرؤية المقترحة كاتفاق نهائي حفظاً لماء الوجه من جهة، ولتقديمه كأنه انتصار سياسي وإعلامي لهم، وإقرار بصحة مواقفهم وتفسيرهم لما حدث ويحدث، وخاصة ما يتعلق بتنفيذ شرطهم بتغيير قيادات عسكرية وسياسية لا يريدونها في محافظة عمران وكأنها ميراث عائلي! لكن الأكثر أهمية أنهم سوف يملأون الدنيا صراخاً؛ ومعهم أتباع المخلوع في الإعلام؛ بعد انكشاف فضيحة التزوير أنهم ضحية الرافضين لاتفاق السلام من دعاة الحرب، وهو ما ظهر سريعاً في تصريحات منسوبة للمسؤول السياسي للحوثة! خلاصة ما يجري في عمران والجراف وهمدان وغيرها من مؤامرة؛ أن الحوثة وأنصارهم يريدون أن يوصلوا الجميع إلى قناعة بعدم قدرة سلطة الرئيس هادي على ضبط الأمور ومعالجة مشكلة عمران وأمثالها بالحسم الذي حدث تجاه فوضى الأربعاء ومسجد الصالح الحرام.. وأن الحل هو أن يحمل كل سلاحه ويبحث له عن مترس، ويفرض شروطه بقوة السلاح كما يفعل الحوثة.. وهكذا تبدأ الحرب الأهلية في كل اليمن على أساس مذهبي/ قبلي/ مناطقي/ جهوي.. وعلى الطريقة اللبنانية الشهيرة التي نجح بها التيار الماروني الطائفي الانعزالي الباحث عن دويلة في جبل لبنان في جر اللبنانيين إليها!
سارق السرقان.. سرق! أخيراً؛ آمن مؤتمر المخلوع وحلفائه أن للأموال والممتلكات حرمة لا بد من احترامها وتقديسها، كما ثبت على هامش إيقاف قناة المخلوع عندما أصدروا بياناً استنكروا فيه اقتحام القناة.. وطالبوا بإعادة الأجهزة المنهوبة منها! الآن صار اقتحام الأماكن الخاصة حراااماً.. والنهب حرااااماً.. أما عندما كانوا هم الذين يقتحمون وينهبون فالمسألة خلافية، وفيها عشرون قولاً أصحها: الجواز مع عدم الكراهة على مذهب.. سيدي المفتري على الإسلام والمسلمين! سبحان الله.. وما الذي أغضبهم إذاً عندما كان الناس ينادون بإعادة الأموال المنهوبة من خزينة الدولة خلال الفترة الماضية؟ فقط لأنهم هم المتهمون المطلوب منهم إعادة مال الشعب فقد احمرت عيونهم وانتفخت أوداجهم؟ أليس ذلك أمراً طبيعياً أنه عندما يتحدث الناس عن أموال منهوبة فمن المعقول جداً أن يكون الحاكمون المهيمنون على الخزائن هم المتهمين في المقام الأول؟ وخاصة عندما تظهر عليهم علامات الثراء وهم يديرون أعمالاً إعلامية – على سبيل المثال- تصل تكلفتها إلى مئات الملايين، فضلاً عن استمرار قدرتهم على جلب الوفود من كل مكان إلى بيت الزعيييم، وهو أمر معروف أنه لا يتم لوجه الله، ولا أحد من الضيوف يسافر على حسابه الخاص، وأكثر بساطة ينتظر غذاء دسماً وقاتاً ومصاريف طريق ذهاباً وإياباً.. أما المقاولون المؤتمريون لأعمال إحضار المؤيدين والمبايعين فنصيبهم عادة يكون كبيراً جداً! على أية حال؛ فبيان المخلوع وأتباعه أقام الحجة على الدولة في ضرورة إعادة المنهوبات.. ولأن المنهوبات كثيرة، ولا تعد ولا تحصى؛ فمن العدل أن تبدأ عملية الإعادة حسب الدور.. والأول فالأول.. ودون وساطة.. وعليه فلو كانت المنهوبات فقط مقتصرة على ما يتعلق بالإعلام؛ فهناك كما هو معروف مؤسسات إعلامية يمنية تعرضت للنهب والتدمير على أيدي الذين أصدروا بيان المؤتمر وحلفائه المطالب برد المنهوبات الإعلامية.. ولا يجوز عقلاً وشرعاً وعدلاً أن يتم البدء بإعادة المنهوبات من الآخر أي من عند الزعيييم.. هذا طبعاً إذا استبعدنا ما يشاع بقوة أن منهوبات قناة المخلوع أصلاً منهوبة هي بدورها من أملاك الدولة (أي: سارق السرقان سرق.. كما يقول أهل صنعاء!).. وتحديداً أنها كانت أصلاً أجهزة معدة لقناة تلفزيونية جديدة تابعة للتوجيه المعنوي للقوات المسلحة اليمنية، وتم نهبها وتحويل ملكيتها لجهة غير شرعية! وبالإضافة إلى كل ذلك فإن هذا النهب والنهب الآخر الذي جرى يقع ضمن إطار حزبي واحد، وهناك خلافات حزبية داخلية حول القناة وسياستها.. أي هناك تنازع بين جهتين تدعي كل واحدة منهما أنها تملك شرعية حزبية وحقاً معلوماً في القناة! وكل ما ذكرناه يصب في خيار البدء أولاً في إعادة المنهوبات القديمة من الأجهزة والممتلكات حتى يحسم أهل المؤتمر خلافاتهم، وحينها يحلها حلال وتنصب البصائر والوثائق، وكل يظهر أوراقه حتى يعلم الشعب صحة الملكية، وأنها ليست أموالاً حراماً منهوبة يجب إعادتها لأصحابها الشرعيين! كما هو معروف فقد تعرض جهاز البث التابع لمكتب قناة الجزيرة للنهب وتعرض المكتب نفسه للاقتحام.. وتم إحراق مكتب قناة سهيل تماماً مع المنزل المجاور له على أيدي قوات تابعة للمخلوع.. وهذا فقط ما نتذكره الآن.. وقد كان من المناسب لو أن بيان المخلوع المطالب بإعادة الأجهزة المنهوبة أن يطالب أيضاً بإعادة المنهوبات المذكورة فالتوبة لا تقبل منهم إلا إذا اعترفوا بذنوبهم وأقروا بها ثم أعادوا المنهوبات إلى أصحابها.. هذا هو الحكم الشرعي عن التوبة النصوح، وبإمكانهم سؤال أي من فقهاء المؤتمر المختصين في شؤون النهب عن شروط التوبة في مثل هذه الحالات فلن يخرج جوابهم عن ضرورة إعادة حقوق الناس أولاً!