لن تنجح جماعة الحوثي بإثبات أنها مختلفة عن "داعش" إلا إذا تحولت من ميليشيا مسلحة تسيطر على الأرض إلى تنظيم سياسي ينافس على أصوات الناخبين. ليس هذا هو وجه الشبه الوحيد بين التنظيمين، ولا يمكن أن يكون الخلاف المذهبي كافياً لرسم التمايز والافتراق الواضح.
نظرية الإمامة التي تؤمن بها جماعة الحوثي، وتقوم على بث الرعب بين المخالفين وتدمير منازلهم ودور عبادتهم، وتهجيرهم من منازلهم، هي جرائم "داعشية" بامتياز.
مصادرة الحريات وتكميم الأفواه وقمع المخالفين هو السائد في المناطق الحوثية والداعشية.
شعارات داعش والحوثي تنادي بالموت والفناء للأمريكان والصهاينة والمشركين، فيما رصاصهم يحصد المسلمين فقط.
البغدادي استدعى عبارة الخليفة الراشد أبي بكر الصديق: "ولّيت عليكم ولست بخيركم"، وهو أي البغدادي على رأس عصابة من البغاة الذين لا يتورعون عن ذبح المخالفين، أما السيد عبدالملك الحوثي فخيريته وأحقيته بالحكم والولاية – حسبما تعتقد جماعته – دين وثابت غير قابل للنقاش!
عمليات التعبئة وغسيل المخ الداعشية والحوثية للأتباع تنتج نواة صلبة من الأنصار بولاء أعمى، وتكفير المخالف، واستعداد غير محدود للقتل والتفجير والتدمير والتوسع.
جحافل داعش والحوثي تنتقل من منطقة إلى أخرى وترصدها القوى العالمية الكبرى، قوى "الاستكبار والشرك" دون أن تمسها بسوء، ليس لأن داعش والحوثي يمتلكون تقنيات التشويش على الأقمار الصناعية وطائرات البرايديتور وصواريخ البارجات البحرية فائقة الدقة، ولكن لأن تلك الجحافل أصبحت شرطاً مهماً لإعادة رسم خارطة المنطقة وفق السيناريوهات المعدة سلفاً.
تسيطر جماعة الحوثي عسكرياً على محافظة صعدة، ومديريات أخرى في محافظاتحجة والجوف وعلى أكثر من 80% من محافظة عمران، وتسيطر "داعش" على مساحة من سورية تبلغ خمسة أمثال مساحة لبنان، بالإضافة إلى المناطق التي احتلتها في العراق. فهل يغير ذلك من حقيقة أن المشروع القسري الذي تحمله الجماعتان (وإن اختلفت العناوين) غير قابل للحياة إلا بالقوة والدم؟
وإذا كانت جماعة "أنصار الشريعة" الممثلة لتنظيم القاعدة في اليمن هي النسخة طبق الأصل من "داعش" فإن جماعة الحوثي وجه آخر للعملة ذاتها، إلا إذا تراجعت الأخيرة عن نهج العنف ورفع السلاح في وجه الدولة واندمجت في العملية السياسية.
على هؤلاء أن يدركوا أننا أصبحنا نعيش في زمن لم تعد فيه القوة وسيلة مناسبة لانتزاع شرعية حكم الناس، وأن المشروع السياسي وحتى المعتقد الديني لا قيمة له ما لم يتم بالرضا والإقناع.
كتب توماس فريدمان قبل أيام عن داعش ونظام حكم السيسي كوجهين لعملة واحدة: فساد المستبدين ، وكهنوت الغلاة، بل سنكافح – يا فريدمان - من أجل خيار ثالث هو خيار الحرية.