من الجيد أن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم لم يقطع خيط الحوار مع المعارضة، وأقصد هنا تحالف اللقاء المشترك، لكنه كان من الأفضل أن يكون سقف تمثيله في هذا الحوار عالياً، ولم يكن من المعقول أن يكلف مدير عام العلاقات العامة في التحالف الذي يضمه مع أحزاب المجلس الوطني ليتحاور مع أحزاب المعارضة. الأمر ليس انتقاصاً من شخص أو أشخاص، لكن في رأيي أن سقف الحوار لا يجب أن يكون هكذا، على قادة الحزب الحاكم والمعارضة أن يعوا أن البلد لم تعد تحتمل المزيد من الخلافات والصراعات السياسية، لأن ذلك سيقود البلاد إلى مزيد من التأزم، وقد تدفع التوتر القائم بين الطرفين إلى الشارع، وهي خطوة من شأنها أن تدفع البلد إلى مزيد من التمزق.
لا نريد أن نسمع كلمة "الفرصة الأخيرة" أو "الحوار الأخير"، فلا يجب أن نضع سقفاً للحوار، بل علينا أن نحاول المرة الأولى والثانية والعاشرة، وأن لا نيأس من الحوار، لأنه الطريق الذي سيوصلنا إلى بر الأمان.
المطلوب أن يتنادى الجميع إلى مشروع يوحد جهود السياسيين عوضاً عن خلق الأزمات التي تقود البلاد إلى حرائق، وعلينا استيعاب خلافاتنا ورؤانا بشكل يحفظ لنا وطناً موحداً ومزدهراً، ولا يجب التضييق على حرية الرأي والضيق من الآراء المعارضة، لأن الكثير من هذه الآراء تصب في خدمة البلاد.
وفي مسألة الحوار فإن على الحزب الحاكم وحلفائه أن لا يغلقوا الحوار مع أحزاب اللقاء المشترك تحت أية ذريعة كانت، كما أن على المعارضة أن تبدي مرونة في التعاطي مع استئناف الحوار مع الحزب الحاكم، وأن يجلس الطرفان ليناقشا السبل التي يمكن أن تؤدي بالجميع إلى انتهاج طريق مفتوح بدون أزمات كتلك التي نعيشها اليوم.
لا نريد أن نستبق الأحداث ونقول إن الحزب الحاكم قرر السير بمفرده في الانتخابات التشريعية المقبلة، كما لا نريد أن نقول إن المعارضة قررت عدم تقديم تنازلات من أجل استمرار الحوار، لأن سيناريوهات كهذه يمكن أن تجذب الوطن من جلبابه إلى حلبة صراع لا نهاية لها.
على الحزب الحاكم أن يرفع من مستوى ممثليه في الحوار مع المعارضة، فالحوار مع المعارضة لا يجب أن يكون هامشياً، بل في صلب الأزمة التي يعاني منها الوطن اليوم المثخن بجروح صعدة والأوضاع في المناطق الجنوبية من البلاد والحرب ضد القاعدة، وغيرها من التحديات، وهذا الأمر يحتاج إلى رؤية سياسية واضحة وعدم تسطيح للأمور حتى يكون للحوار نتائج إيجابية تفرمل انزلاق البلاد نحو هذه الهاوية التي يسير إليها اليوم.