سيقول البعض اذكروا محاسن موتاكم ورحم الله الحاج "قايد سعد"، لكني على يقين انه سيعذرني لأني تذكرته في مواقف كالتي نعيشها الآن، فالشيء بالشيء يذكر, فمنذ أشهر طويلة والقتال يحتدم في شمال الشمال وأقلام هذا الفصيل السياسي وأخواتها تنتعل جملة "طرفي الصراع" كلما رغبت في التنديد بما يحدث هناك. بدأ الصراع في صعدة وانتهى بتهجير أحد "طرفي الصراع" ونزحت العائلات الى وجهة تجهلها بنسائها وأطفالها دون الخوف من أن يكون هذا الطرف المهجر طرفاً في صراع جديد مع طرف آخر, لكن الطرف الباقي لم يعدم الصراع فقد نزح بلا نساء، وبعد أن كانت الأعراب ترحل بحثاً عن الماء والكلأ رحل هذا الطرف الذي يدافع عن نفسه - حسب الأقلام المحايدة- الى مكان آخر يوفر له طرفاً جديداً للصراع، كي يدافع على نفسه منه، فتوجه الى حاشد ودحر آل الأحمر وانتهى الصراع الذي يتنفسه هذا الطرف المدافع عن نفسه فنزح بغنيمته المالية والأسلحة الى أرحب حيث كانت المعركة أشد وطأة عليه، فأتاه الوحي في المنام أن نفسك قد تنتهي هنا ثم لا تجد بعد ما تدافع عنه.
عاد الطرف المدافع عن نفسه ثم توجه الى همدان ومارس هناك هواية الدفاع عن النفس من المدارس والمساجد والمنازل وأخذ ما استطاع من الغنائم، وبعد قيلولة جميلة مع البطانيات الهمدانية توجه الى عمران ليدافع عن نفسه، ويشترط على رئيس الجمهورية إقالة هذا وتنحية ذاك. والأقلام ذاتها تكتب عن شرعية ذلك وعن بطولاته في الدفاع عن نفسه، ولا تنسى أبداً أن تنتعل جملة "طرفي الصراع" في كل شاردة وواردة حتى أسقط بدفاعه عمران وبسط نفوذه فيها دفاعاً عن النفس الأمارة بالسوء وبالمزيد من الصراع الذي لم يسلم منه حتى من يخرج معها في مسيراتها للتنديد بالجرعة الظالمة، فوجد الطرف السياسي "المدافع عن نفسه" يسير أتباعه تحت شعارات لا تروق لهم لكنهم لا يستطعيون مجرد انتقادها. بدأ الطرف المدافع عن نفسه في رسم خطط الدفاع عن النفس في العاصمة بينما التزم الطرف السياسي الصمت وغابت تماماً جملة "طرفي الصراع" من كتابات من تبقى من أقلامه، فيبدو أنهم قد ساروا بالجملة مسافات وعرة في شمال الشمال ما استهلكها تماماً واضطروا الى خلعها!
حاصر الطرف المدافع عن نفسه صنعاء بالأسلحة ووضع شروطه والتي في حال عدم تنفيذها سينقض على العاصمة وسيبدأ مرحلة جديدة مختلفة من الدفاع عن النفس الأمارة بالحكم! نصب الخيام وحفر الخنادق والطرف السياسي يلتزم الصمت حتى خرجت الملايين تقرأ رسالة واضحة على مسامع المحاصر لصنعاء مما جعله يشذّب خطابه نوعاً ما ولكن الطرف السياسي خرج عن صمته أخيراً وأنجز مبادرة تكفل له بعض الغطرسة من خلال الدعوة الى الاستمرار في التفاوض الذي دعت اليه المبادرة!
جاءت مبادرة الطرف السياسي العريق تماماً مثل شهادة "قايد سعد" المشهورة في منطقة بني شيبة حيث كان يأتي من بني شيبة الغرب الي بني شيبة الشرق في حين تكون هناك مشكلة بين فلان وعلان لكنهم قد توصلوا للتو الى حلها والتزم الطرف المخطئ بما عليه، ولكن ما إن يصل "قايد سعد" حتى يصدر شهادة دون معرفة بالقضية ويقول "هذاك هو الغلطان"، وفي الغالب يشهد على من له الحق، فيبدأ الشجار من جديد، ويفرح الطرف المخطئ بشهادة "قايد سعد" ويتمسك بها كطوق نجاة ومن هنا تتصعب المشكلة أكثر , فهل يحتمل البلد مبادرة "قايد سعد"!