استأنف مجلس النواب عقد جلساته صباح السبت الفائت على وقع 3 قضايا مثيرة.. فهو أولاً بانتظار رسالة رئيس الجمهورية بخصوص إجراء تعديلات في مواد دستورية مهمة.. وثانياً كانت قضية زواج الصغيرات حاضرة بقوة وسط القاعة والمنشورات التحذيرية في تحديد سن الزواج توزع على كل عضو، مرفقة بكتاب وشريط كاست مسجل، إضافة إلى توقيعات جملة من رجال الدين (العلماء). القضية الثالثة ذات طابع اقتصادي بحت، وهي استدعاء وزير المالية ومحافظ البنك المركزي لمساءلتهم عن الارتفاع الصاروخي لسعر الدولار في البلاد. لم تصل رسالة رئيس الجمهورية إلى البرلمان بعد، ولم يبدأ مجلس النواب مناقشة التعديل الذي طرأ على قانون الأحوال الشخصية الذي أعيد للمداولة تحت ضغط رجال الدين قبل 4 أشهر، لكن القضية تنتظر يوماً ساخناً مطلع الأسبوع القادم. غير أن ما يستدعي الانتباه هو التكرار العقيم في جدول الأعمال. لا تزال الأسئلة التي نزلت في جدول أعمال بداية العام الفائت هي نفسها في جدول أعمال هذه الفترة. وحتى التقارير التي شكلت لأجلها لجان عاجلة، قبل عامين وبعضها منتصف العام الفائت، لا تزال في عوالم الأدراج المقفلة.. حيث لم يستطع النائبان سنان العجي وعبدالمعز دبوان أن يجدا الإجابة من هيئة الرئاسة عن تقريري سجن حرض وشركة الصليف للملح الذي أنجزته لجنتهم منتصف 2009. هذه التقارير الخاصة، التي شكلت لأجلها لجان وعادت بتقارير حصيفة وموضوعية، لا تزال مهملة، والسؤال الذي كان يتردد على لسان أغلب النواب هو: من الذي يحدد أهمية القضايا التي تنزل في جدول الأعمال؟ وفي الجلسة (السبت)، تطرق النائب المستقل صخر الوجيه إلى موضوعات عديدة مكدسة لدى هيئة الرئاسة وهي ذات أهمية بالغة.. وقال الوجيه: "أين مشروعات القوانين التي أحيلت إلى اللجان، وسلمت إلى هيئة الرئاسة سنة وسنتين ولم تصل إلى القاعة حتى اليوم رغم ضرورتها؟". وأضاف: "إن هذا الإهمال إنما يدل على أن المجلس يراكم القضايا، وينتقي أعماله وفقاً للمزاج، أو لتوجيهات من خارج المجلس". إنها مسائل في غاية الأهمية، ونقاشات تأتي عند بداية كل فترة برلمانية.. غير أن صخر الوجيه حاول أن يقدم مشروعاً عملياً لتجاوز هذه المشكلة، وقدم جملة من المقترحات.. وقد طلب الوجيه حسم موضوع الخلاف بشأن تحديد الزواج. وأيضاً إدراج تقرير لجنة الجعاشن في جدول الأعمال.. وفيما كان الوجيه يسرد مقترحاته قاطعه نائب رئيس المجلس رئيس الجلسة، وحصل سوء فهم من الجانبين أفضى إلى مشادة وأعصاب لا تزال متوترة. يبدو أن موضوع الجعاشن حساس عند هيئة الرئاسة، لاسيما في الفترة الأخيرة، حيث تفيد المعلومات أن رئيس الجمهورية تدخل شخصياً واتصل بنائب رئيس المجلس في اليوم التالي على تشكيل لجنة خاصة للنزول إلى ذي السفال، وهو السبب ذاته الذي أعاد اللجنة صامتة من إب إلى صنعاء لتنجز تقريرها النظري. طالب صخر الوجيه بإدراج التقرير في جدول الأعمال، واعترضه الشيخ حمير الأحمر قائلاً: "التقرير لم يصل هيئة الرئاسة فكيف ندرجه في جدول الأعمال؟". ورد عليه صخر أن التقرير جاهز وإنما أنتم تتهربون من هذه القضية.. وكان رد حمير حاسماً: "هذا ليس من اختصاص القاعة، إنه من اختصاص هيئة الرئاسة، ويجب أن تعود إلى اللائحة". وبدوره رد صخر الوجيه رداً موجعاً: "اللائحة موجودة وأنت تقرأها ولكن لا تفهمها". هذه العبارة استفزت مشاعر نائب رئيس المجلس الذي طالبه بأن يحسب كلامه، وأن يلتزم الأسلوب المؤدب الذي لا يجرح الآخرين: "يجب عليك يا أستاذ صخر أن تعرف ما تقول وأن تحترم الناس". لكن صخر الوجيه، الذي يعاني من داء السكري، كان يصيح بعبارات مستفزة وحوله مجموعة من الرجال الأكفاء يراجعونه ويحاولون إخراجه إلى البوفيه، فيما اكتفى نائب رئيس المجلس بقوله: "حسبي الله ونعم الوكيل"، ويتساءل في حيرة واستغراب: "ماله.. أيش هذا الذي يحصل للناس". وعندما سمع أحدهم يقول: "السكر السكر يا شيخ حمير" رد عليه: "ناهي يحترم الناس كلنا فينا سكر، مش هكذا". عاد الوجيه من البوفيه بعد ربع ساعة ولم تكن أعصابه قد هدأت، وكان مصراً على تقديم مقترحاته للقاعة مكتوبة.. وعندما قدمها إلى نائب رئيس المجلس اكتفى بإلقاء نظرة عليها، ثم وضعها جانباً، وواصل إدارة النقاش حتى أذن برفع الجلسة. وفي اليوم التالي عاد الموضوع ذاته، وكان صخر الوجيه أهدأ قليلاً، وكان يطالب ولا يزال مصراً على عرض مقترحاته للقاعة وإخضاعها للتصويت، لكن دون جدوى. أما حمير الأحمر فقد أمضى هذه ال3 الأيام الماضية يتحاشى أي صدام مع صخر الوجيه، ويمنحه الكلام دون أي امتيازات من تلك التي يحصل عليها الوجيه دائماً.. فهو مثلاً لا يمنح الوقت الإضافي في الكلام ككل مرة، ولم يعد ينطلق في الحديث أول الناس كما اعتاد، ولا مقترحاته الآن تطرح للتصويت كما جرت العادة.. بل وحتى لم يعد حمير يخاطبه بذلك الأسلوب المهذب الذي يمنحه للخاصة من الأعضاء. واضح أن حمير الأحمر موجوع من صخر الوجيه، وبالمقابل ثبت أن الأخير يتمتع بصراحة نزقة لم تترك له صديقاً في هيئة الرئاسة. رفض الوجيه أن يأتي إلى حمير في نهاية الجلسة بطلب أحد الأعضاء لإصلاح ذات البين بينهما، ولا يزال الرجل مصراً على أن هيئة الرئاسة لا تفهم اللائحة "ولا تعرف قدرها" كما قال. في الجلسة ذاتها اصطدم نبيل باشا مع حمير الأحمر كما هي عادتهما.. فقد طالب الباشا بتغير جدول الأعمال ورد عليه حمير: "هذا اختصاص أصيل وقانوني لهيئة الرئاسة، وليس من اختصاصك صياغة جدول الأعمال من جديد". غير أن الباشا أضاف: "إنه حق للمجلس ونحن الذين ننظم الجدول، ونضيف ونحذف ولسنا موظفين عندكم". وزاد أضاف: "نحن زملاء ويجب أن يسود بيننا الاحترام والتفاهم وليس بيننا وبينكم مشكلة شخصية". مطالباً بحذف كثير من القضايا والأسئلة في جدول الأعمال، واستبدالها بقضايا ومشروعات وتقارير مهمة.. وكان مصراً على وصول وزير المالية ومحافظ البنك إلى القاعة غداً (الأحد) لمساءلتهما حول انهيار الريال وتقلبات السوق النقدية، ثم جمع توقيعات لهذا الطلب.