في 5 مايو 2009 تم إغلاق صحيفة الأيام بعد يومين من مصادرة عددين من قبل الأمن في عدن ، تلك الصحيفة الرائدة والمعبرة بحرفية وامتياز عن آهات الغلابى والمنكوبين ، صحيفة دخلت كل بيت في شمال الوطن وجنوبه ، قضت مضاجع الفاسدين وحلقت عالياً في سماء الإبداع والتميز ، ومهما كانت جريرتها فإنها لا تصل إلى حد الإغلاق ورمي مالكها في السجن، ورغم الاختلاف مع الأستاذ الكبير هشام باشراحيل في كثير من القضايا والأفكار ، إلا أن الأمانة الخلقية والزمالة المهنية تأبى إلا الشهادة بشجاعته وتفرده المهني ، شجاعة أوصلته إلى عداء سافر مع سلطة لا ترى إلا رأيها، ولا تؤمن إلا بحرية للحرف تخرج من مشكاتها وإليها تعود ، وبتلك الرؤية الرسمية للصحافة ضيقت عالمها الواسع، وأخرجت لنا مستكتبين همهم رضاء أولياء نعمتهم ولو على حساب أمانة الكلمة ، ولكن أبى بعض حراس الكلمة أن يكونوا من زمرة المطبلين والمزمرين فكان جزاؤهم التهميش والتضييق تارة والملاحقة الأمنية تارة أخرى. مهنية الأيام الصحيفة أوصلتها إلى مكانة عالية وانتشار واسع لم تحظَ به أي مطبوعة يمنية سواء على المستوى الرسمي أو الأهلي ، هذه المكانة رغم دلالتها على نجاح الصحيفة إلا أن بعض المتربصين والحاقدين لم يعجبهم ذلك ، فأخذوا يحيكون لها ولناشرها الدسائس والمؤامرات ويتهمون الرجل بالانفصال وعدم الوطنية، وهو الرجل الوحدوي صاحب المواقف المشرفة في نصرة المظلومين، ويكفيه أن مكتب «الأيام» في صنعاء أول مكتب لصحيفة عدنية يفتتح في العاصمة صنعاء، والتي عاش فيها أنضج فترة من حياته الصحفية .
مشكلة السلطة أنها لا تحب النقد، وهي التي تدعو دائماً الصحفيين إلى أن يكتبوا ما يريدون بدون قيود، ولكن يبدو أن هناك فرقاً بين القول وتطبيقه على الواقع عند السلطة ، أو أن الصحفيين مساكين يصدقون كل ما يقال! ، كان الفعل المتوقع والمنطقي من جانب السلطة قبل إغلاق الصحيفة ومصادرة بعض أعدادها؛ استدعاء مالكها ورئيس تحريرها إلى نيابة الصحافة والمطبوعات، ومواجهته بخرقه لقانون الصحافة كما تدّعي السلطة، وهو الرجل المتحضر الذي يفهم حقوقه وواجباته بدل أسلوب التقطع والنهب الذي لا يمارس- حسب علمي- إلا في بلدنا الحبيب اليمن!
في الأخير أقول إن الفترة ما بين إغلاق الصحيفة إلى الآن تعتبر فترة كافية كعقوبة طالت الصحيفة ومالكها وموظفيها ، خسرت الصحيفة خلالها ملايين الريالات ولا زالت وشُردت بذلك الإجراء التعسفي والظالم أُسر! ، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نعتقد اعتقادا جازماً أن عصر الشمولية وتكميم الأفواه ومحاربة الكلمة الحرة قد ولى بغير رجعة، فنرجو ألا نكون في اليمن النموذج الشاذ بين دول العالم .