سيسجل التاريخ أن سنة 2014 كانت من أغرب السنين التي شهدتها اليمن، قبلها كانت البلد في نهاية مرحلة انتقالية وحوار وطني مطول يتم بعده التأسيس لمرحلة من الاستقرار والبناء، ثم جاءت أحداث 21 سبتمبر 2014 لتثبت أن اليمنيين عاشوا وهماً كبيراً تحت لافتات متعددة كالحوار، والدولة المدنية، و"هيكلة الجيش" الوهم الأكبر! مطلع العام – وتحديدا في 10 يناير 2014 - تناقلت وسائل الإعلام "فحوى ما يشبه إنذاراً أخيراً وجهه الرئيس هادي إلى زعيم الحوثيين يقضي بسحب مقاتليه من المناطق التي سيطروا عليها والتابعة لمدينة عمران" وفي 23 ديسمبر 2014 صدور قرارات جمهورية بتعيين سبعة محافظين، معظمهم مقربون من الحوثي!
بعد 2014 عادت اليمن للتأسيس لمرحلة انتقالية من نوع آخر، مرحلة تهيمن فيها جماعة مسلحة على القرار الفعلي في البلد، وتسيطر على مفاصل الدولة، كنتيجة طبيعية لفشل النخب السياسية في التوافق على صيغة مناسبة للانتقال إلى مرحلة جديدة.
عندما تتمدد الجماعات المسلحة، فإنها إنما تفعل ذلك نتيجة مساحات الفراغ، وبعد التمهيد لها بفشل سياسي ذريع، وهذه خلاصة ما حدث ويحدث في اليمن.
الفشل الكبير الذي اشترك الجميع في صناعته كان كافياً لإمداد الجماعات المسلحة في اليمن بما تحتاجه من أجل إشعال مزيد من الحرائق وصناعة الخراب.
لو كان الفشل الذي حدث قبل 21 سبتمبر يحمل عنواناً واحداً لما تمكن الحوثيون ومعهم القاعدة من ملء الفراغ اليمني بهذا الشكل الصادم، لو كان فشلاً لطرف سياسي واحد لما انهارت الدولة في ساعات معدودة!
شهدت سنة 2014 القدر الأكبر من الخيانات والتسريبات، ومن الغموض والتساؤلات التي لم يجد لها اليمنيون إجابة حتى الآن، وسيتعين عليهم – ربما- تركها للتاريخ كما نصح المبعوث الأممي جمال بن عمر!
في عام الحوثيين، السنة الأكثر غرائبية في التاريخ اليمني الحديث، كانت وسائل الإعلام تتناقل تصريحاتٍ ومواقف، وما يتم على الأرض مختلف تماماً!
تتم مطالبة الإعلام بترشيد الخطاب، وفي الوقت ذاته تحجب المعلومة والبيان والتفسير من صانعي القرارات والسياسات!
بحجة غياب الدولة فرض الحوثيون سيطرتهم، ولكنهم لا يقبلون تحمل مسؤولية أي انتهاك!
يطالبون بدمج مجاميعهم المسلحة في الجيش والأمن تحقيقاً لمبدأ الشراكة!
الدمج هنا يتطلب تعديل آليات القبول في الكليات العسكرية والأمنية، فتتحول من معايير معروفة لقبول المواطنين كأفراد وفق مواصفات محددة، إلى معايير تدمج الجماعات المسلحة في المؤسسة العسكرية والأمنية، إذا امتلكوا معياراً واحداً وهو "الصميل"!
وتحت عنوان "السلم والشراكة الوطنية" يستمر الحوثيون في مساعيهم لابتلاع الدولة، ومن لم يبتلع لسانه ويلتزم الصمت فهو داعشي تكفيري وذيل للواء على محسن الأحمر!
إن أردتم أن تتعرفوا أكثر على المشهد الغرائبي الذي تعيشه اليمن، ما عليكم سوى متابعة نزر يسير من الخطاب الحوثي، وقرارات رئيس الجمهورية الذي تثبت يوماً بعد يوم أنه جزء أصيل من صفقة 21 سبتمبر 2014!